الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين: 3 آلاف ورشة لصناعة الملابس أكد الباحث في السياسات الاقتصادية، الدكتور عبد المجيد سجال، أن السلع النسيجية مطلوبة جدا في الجزائر، نظرا لكثافة السكان وكذلك للعادات والتقاليد الاستهلاكية. وقال الدكتور سجال في تصريحه ل "الشعب"، إن المواطن الجزائري يشتري "الملابس في الأعياد والمناسبات والدخول الاجتماعي والأعراس، ويشتري كذلك منتوجات نسيجية لتأثيث البيت من الأفرشة والستائر وما شابه، ما يجعلنا نتحدث عن طلب كبير على السلع النسيجية، الذي كان يغطيه إلى وقت قريب الاستيراد سواء من الصين أو تركيا أو سوريا أو الخليج أو بنغلادش، أو دول أخرى أوروبية". أوضح أن الانتاج المحلي ظل محتشما لعدة أسباب، بالرغم من فرص الاستثمار في هذا القطاع، مثل الاستثمار التركي الجزائري في مصنع النسيج بغليزان وورشات صناعة الملابس الطفولية بغرداية أو شركات القماش بتلمسان أو قسنطينة أو المدية. وأبرز الدكتور سجال، أن أهم تحدي واجه الصناعات النسيجية منذ القدم في الجزائر، هو كونها ليست موطنا للمواد الأولية كالحرير والقطن، وبالتالي فإن حياكة الأقمشة الحريرية والقطنية، لم يكن أبدا ضمن النسيج الصناعي التقليدي في الجزائر، عكس الصناعات الصوفية، في وقت كانت الثروة الحيوانية تتناسب مع عدد السكان، حيث كان الصوف كافيا لحياكة منتوجات نسيجية للاستعمالات المنزلية كالملابس والأفرشة والأغطية، غير أنه لم تكن وقتها - استراتيجية صناعية لجمع الصوف، والدليل الكميات المعتبرة من جلود أضاحي الأعياد التي ترمى كنفايات. وقال الباحث الاقتصادي، إن أول تحدي يواجه الصناعة النسيجية في الجزائر، هو استقطاب انتاج المواد الأولية كالحرير بإنتاج دودة الحرير بغابات التوت، خصوصا بالشرق الجزائري، ثم تجريب زراعة القطن بالتكنولوجيا الزراعية، كما يتطلب هذا التحدي، التعاون بين وزارة الفلاحة وبين وزارة الصناعة لضمان جمع جلود وصوف الأغنام ووبر الإبل وبيعها للمصانع مادة خام أو نصف مصنعة، والعمل على تشجيع العائلات الريفية على جمع وبيع الصوف بخلق نقاط تجميع بكل مجمع ريفي. ولفت إلى أن ضمان وفرة المادة الأولية، هي أول خطوة نحو تجهيز اليد العاملة المؤهلة، من خلال التكوين المهني وكذلك الجامعة بفتح تخصصات "الديزاين" والمودة، وتأتي بعدها، خطوة تشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، بخلق العقارات الصناعية متعددة الطوابق على غرار النموذج الصيني بحيث يتخصص كل طابق في مادة نصف مصنعة، زيادة على التفكير في توفير المورد المائي الوافر والمناسب لمثل هذه الصناعات. الاعتماد على المكننة وتحدث الدكتور سجال عن ضرورة الانتقال من ثقافة الصناعة التقليدية، إلى ثقافة الصناعة التجارية التسويقية، سواء من خلال "الديزاين" أو التغليف أو التسويق، لافتا، أن الصناعة التقليدية الآن، أصبحت مكلفة في غياب المكننة والاحتراف في التسويق، مستعرضا العوائق التي تكبح تسويق الصناعات النسيجية التقليدية وتضعها بعيدا عن المنافسة، بفعل تكلفة الانتاج المرتفعة التي تؤثر على سعر السلع، وتحول دون مواءمتها للقدرة الشرائية للمواطن، حيث يعتقد المتحدث، أنه لابد من ادخال المكننة النسبية في الصناعات التقليدية النسيجية، لضمان إنتاج أكبر كمية وفي وقت محدود، ما يعني تدني التكاليف الوحدوية وبالتالي ضمان الميزة التنافسية السعرية. تكوين في التصميم والتسويق واقترح المتحدث، جمع حرفيي النسيج في منصة رقمية وطنية لضمان الربط بين مقدمي المواد الأولية، الحرفيين، المصممين والتجار الالكترونيين، وعقد اتفاقية بين وزارة السياحة والصناعات التقليدية وبين وزارة الخارجية، لفتح متاحف تجارية مصغرة بكل سفارات الوطن عبر العالم، ما يضمن تصريف منتوج الحرفيين وضمان أسواق خارجية تعريفا بالبراند الجزائري. زيادة على ذلك، دعا المتحدث إلى خلق حاضنات تصنيع مهمتها تصنيع المنتجات من خلال التصنيع التعاقدي في حاضنة التصنيع، والتي تكون في شكل مصنع مجهز بالماكنات الحديثة نسجا وتصميما وخياطة وتغليفا، على أن تأخذ حاضنة التصنيع عمولة مقابل هذه العملية، فنضمن - حسبه - الانتاج الوفير والمتقن بأقل تكاليف ممكنة، ونضمن خلق العديد من العلامات التجارية، لافتا أن هذا الأمر يتطلب كذلك استراتيجية دقيقة في التكوين المهني، الذي يجب أن يخترق أسوار الإقامات الجامعية، بفتح ورشات تعليم الخياطة بالمساء وتعليم الديزاين والتسويق الرقمي. وأوضح الباحث الاقتصادي، أنه على الرغم من التحديات المتعلقة بقلة المواد الأولية، برزت الصناعة النسيجية في الجزائر مؤخرا، بعد إعادة الاعتبار لها عن طريق منح الدعم وإعادة تفعيل المصانع المغلقة، مثل سونيباك الذي تحول إلى جيتكس، أو إقامة مصانع بشراكة أجنبية مثل مصنع "تايال"، مشيرا على سبيل المثال، إلى شركات صناعة الألبسة الجلدية في المدية، التي تنتج كميات كبيرة جدا، لكن العامل المشترك هو ضعف دقة التفاصيل في الخياطة، وقلة اليد العاملة المؤهلة وغياب المكننة الحديثة. لهذا كان لابد من استقطاب الحرفيين المكونين من الخارج والتعاقد معهم، من أجل تدريب حرفيين جزائريين، فصناعة النسيج تحتاج استراتيجية دولة بكل قطاعاتها، أولها قطاع الفلاحة، السياحة، الصناعة، التكوين المهني والتعليم العالي، البنوك ومختلف المتدخلين في ترقية الاستثمار الصناعي، حتى ترافق سلسلة العناقيد الصناعية، من توفير المادة الأولية إلى الإنتاج والتسويق، العناقيد الصناعية من أجل التحكّم في سلسلة الإنتاج وأشار الدكتور سجال، إلى أن العناقيد الصناعية هي فكرة قابلة للتجسيد، أمام توفر ارادة سياسية عالية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتطويره وتنويعه بعيدا عن التبعية لقطاع المحروقات، من خلال خلق مناطق صناعية متخصصة في مجالات معينة تجمع كل المتدخلين فيها من المادة الأولية الى المادة نصف المصنعة إلى المنتج النهائي، حيث تتجسّد الفكرة في قطاع النسيج، في شكل مصنع لتكرير الصوف ومصنع للملابس ومصنع للأفرشة ومصنع لصناعة الخيط ومصنع للقماش. بولنوار: أكثر من 3 آلاف ورشة صناعة الملابس اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار، قطاع النسيج والملابس، من القطاعات الاقتصادية الهامة والاستراتيجية، وهو من القطاعات الخمسة الكبرى التي تمثل حجم السوق، بعد المواد الغذائية ومواد التجميل وقطع الغيار. وأوضح في تصريح ل«الشعب" أن هذا القطاع الاستراتيجي أهمل في السنوات الماضية، وباتت السوق الوطنية تعتمد على الاستيراد، بنسب عالية، لكن في السنوات الأخيرة، عرفت صناعة النسيج في الجزائر انتعاشا خاصة بعد جائحة كوفيد 19، واصفا هذا الأمر ب«المشجع"، حيث أصبحت صناعة النسيج الوطنية تغطي 30-50% من احتياجات السوق، خاصة بالنسبة لملابس الأطفال وملابس النساء. وتحدّث بولنوار عن وجود أزيد عن 3 آلاف ورشة لصناعة الملابس عبر الوطن، رفعت من مستوى انتاجها لتغطية الطلب المحلي، لكنها دائما ما تشكو من نقص المادة الأولية وغلائها في السوق العالمية. وأوضح الطاهر بولنوار، أن تحسن انتاج الملابس في الجزائر كما ونوعا، أدى إلى انتعاش صناعة النسيج، في المناسبات الاجتماعية على غرار عيد الفطر والدخول المدرسي، وما لوحظ من انعكاس ايجابي لانتعاش مجال انتاج الملابس، هو تراجع الأسعار واستقرارها بما يتلاءم مع القدرة الشرائية للمواطن.