الأنظار موجهة للدبلوماسية الجزائرية في خطوتها القادمة تواصل الجزائر، مُسخّرةً ثقلها الدبلوماسي ومكانتها التاريخية الراسخة في دعم القضايا العادلة، جهودها الدؤوبة في مساندة حقّ الشعب الفلسطيني في نيل عضوية كاملة في الأممالمتحدة.تأتي هذه المساعي، في ظلّ تعقيداتٍ جيوسياسيةٍ متناميةٍ في منطقة الشرق الأوسط وتصاعدٍ ملحوظٍ في حدة الصراع مع الكيان الصهيوني والساعي إلى تخريب المنطقة عبر جرّها لحرب شاملة، ممّا يُضفي على هذه الجهود الجزائرية أهميةً استراتيجية قصوى تتعدى البعد الإقليمي. اتّخذت الدبلوماسية الجزائرية خطواتٍ حاسمةً على طريق تحقيق هذا الهدف النبيل، حيث بادرت بتقديم مشروع قرارٍ لمجلس الأمن الدوليّ ينصّ على قبول فلسطين عضواً كاملاً في الأممالمتحدة. وقد حظي هذا المشروع بدعمٍ واسعٍ من 12 دولة من أصل 15، ممّا يُؤكّد على تعاطفٍ دوليٍّ متزايدٍ مع القضية الفلسطينية العادلة. وعلى الرغم من استخدام الولاياتالمتحدة حقّ النقض "الفيتو" لمنع صدور القرار، إلّا أنّ ذلك لم يُثنِ الجزائر عن عزيمتها في دعم الحقّ الفلسطيني. فقد أكّد سفير الجزائر لدى الأممالمتحدة، عمار بن جامع، على أنّ "هذه ليست سوى خطوةٍ أخرى على طريقٍ طويلٍ نحو تحقيق عضوية فلسطين الكاملة". وأعاد بن جامع بالمناسبة، التذكير بما قاله رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في العديد من المناسبات، بأن "جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأممالمتحدة". ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عبد القادر منصوري، في تصريح ل«الشعب"، أن القضية الفلسطينية التزامٌ جزائريٌ راسخٌ لا يتزعزع، وأن مواقفها في هذا الإطار ثابتة ودبلوماسيتها متزنة، معتبرا الفيتو الأمريكي "غير نزيه وغير مبرر" ضدّ عضوية فلسطين في الأممالمتحدة، وعدواناً صارخاً على القانون الدولي، لاسيما وأن الكيان الصهيوني متابع في قضايا جرائم حرب في محكمة الجنايات الدولية بعد عدوانه المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من سبعة أشهر. ويضيف الدكتور منصوري، حتى من الناحية الاستراتيجية الفيتو الأمريكي من شأنه أن يؤثر على الأمن والسلم الدوليين، لأنه يفقد الثقة في أكبر هيئة أممية مهمتها حفظ السلام في العالم، ما يقدم مبررا لقوى أخرى، مستقبلا، لاستخدام حق النقض لتحقيق مصالح خاصة على حساب المجتمع الدولي. كما أن الفيتو الأمريكي يكشف تناقضات السياسة الأميركيّة، التي تدّعي من جهة أنها تدعم حلّ الدولتين، فيما هي تمنع المؤسّسة الدوليّة من تنفيذ هذا الحلّ عبر منح فلسطين حقها الشرعي في الحصول على العضوية الكاملة في مجلس الأمن. ما هي الخطوة القادمة؟ في نفس السياق، تشير التطورات أن المساعي الجزائرية لن تتوقف عند هذا الحد، وتسعى هذه المرة للضغط بشكل أكبر عبر الجمعية العامة، حيث ينص ميثاق الأممالمتحدة على أن قبول عضو جديد في الأممالمتحدة يتطلب الحصول على توصية من مجلس الأمن الدولي بقبولها كعضو، بالإضافة إلى موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على قبولها بأغلبية ثلثي الأصوات وهذا ما تهدف الجزائر إلى تحقيقه بعد الفيتو الأمريكي، قبل العودة مجددا لمجلس الأمن، لاسيما وأن معظم دول العالم تساند هذا المسعى النبيل، خاصة المجموعة العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز. وكان سفير الجزائربالأممالمتحدة في خطابه، يوم الخميس الماضي، بعد الفيتو الأمريكي، قد لمح إلى هذه الخطوة، وبالتالي فكل الأنظار موجهة للدبلوماسية الجزائرية في خطوتها القادمة لنصرة القضية الفلسطينية.