نحو تحقيق الأمن الصحي والريادة في الإنتاج الصيدلاني أكد الخبير الاقتصادي سليمان شيبوط أن الصناعة الدوائية أو ما يطلق عليه "الصناعة الصيدلانية" تعد من بين أهم الصناعات الرائجة والمتطورة في العالم، حيث تسعى الدول إلى ترقيتها وتطويرها، لتحقيق الأمن الصحي، وبالأخص المنتجات الدوائية ذات الأهمية الإستراتيجية، وينتظر أن تعرف الصناعة الجزائر، خلال العام الجاري، المزيد من النمو والتطور، وأشار إلى أن الجزائر مقبلة على إطلاق مشاريع في قطاع الدواء ذات قيمة مضافة في إطار تنويع منتجات السوق الوطنية، وذكر أن المكاسب المحققة في الميدان صارت واقعا يترجمه الإنتاج الوطني الكبير والمتنوع. وبهذا الصدد، ذكر المتحدث أن الجزائر تسعى من خلال وزارة الصناعة والصناعات الصيدلانية، إلى تحسين آليات جذب الاستثمار وتعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص، لتحقيق الأمن الصحي، من خلال تغطية السوق بالإنتاج المحلي، ولم لا، انتقاله إلى الأسواق الخارجية. وأوضح الدكتور شيبوط أن نسبة تغطية السوق الوطنية بالمواد الصيدلانية المنتجة محليا وصلت إلى حدود 70 بالمائة، علما أن النسيج الصناعي المحلي بلغ 203 مؤسسات صيدلانية للتصنيع، وهذه التغطية جاءت جراء السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وجهود القائمين بوزارة الصناعة والصناعات الصيدلانية من أجل الحد من الاستيراد وتشجيع الإنتاج المحلي، خاصة أن فاتورة الاستيراد تخلصت من 2 مليار دولار، ما جعل الصناعة الدوائية، خاصة مجمع صيدال، تسعى لتغطية السوق المحلية، وهذا ما لاحظناه في جائحة كورونا عندما استطعنا تصنيع الدواء المضاد لفيروس كورنا 19 مع الشريك الصيني. ومن خلال تصريحات وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، يمكن القول إن الجزائر أصبحت من أهم منتجي الأدوية في إفريقيا، وكشف عن بلوغ الصادرات الصيدلانية 12.6 مليون دولار سنة 2023 حسب تصريحاته الأخيرة، وهذا يدلّ كما أشار المتحدث - على أن السوق الجزائرية ما زالت خصبة للمواد الصيدلانية، ومفتوحة أمام الاستثمار والشراكة ونقل التكنولوجيا الحديثة في مجال الصناعة الصيدلانية، باعتبار أن معدل الربح للمشاريع كبير، وقد يبلغ حدود 34 بالمائة، ولعلّ أبرزها المشروع الذي انطلق في بداية السنة لإنتاج الأنسولين بولاية باتنة، حيث تقدر طاقته الإنتاجية ب1500 كلغ سنويا، وتوفر 200 منصب شغل، حيث تسعى الجزائر من خلالها إلى التقليل من استيراد الأنسولين. وقال محدثنا إن تصريحات وزير القطاع واستعراضه لأهم مؤشرات القطاع الصناعي، تؤكد بأن الإنتاج المحلي للقطاع الصيدلاني الذي يضمّ حوالي 300 وحدة عمومية وخاصة، قد حقق 3.56 مليار دولار في سنة 2023 و3.14 مليار دولار في سنة 2022، مشيرا إلى الزيادة المحققة خلال السنوات الأخيرة. كما أشار الوزير إلى تراجع أرقام الاستيراد في القطاع، مضيفا أن هذا الرقم كان قد بلغ في عام 2022 حوالي 1.422 مليار دولار ليتراجع في سنة 2023 إلى 1.293 مليار دولار وفي سنة 2024 سينخفض إلى 1 مليار دولار. وتؤكد الأرقام المقدمة من طرف وزارة الصناعة الصيدلانية - وفق الدكتور سليمان شيبوط - أن الجزائر لديها إمكانات هائلة يمكن استغلالها في قطاع تصنيع الدواء، من خلال الشراكة مع المخابر الأجنبية، والاستفادة من الكوادر البشرية المؤهلة، وإشراك الجامعة والبحث العلمي من أجل تحقيق نقلة نوعية في مجال الصناعة الدوائية، خاصة أن بلادنا تملك جودة وقدرة تنافسية لاقتحام الأسواق الخارجية، وخير دليل الاتفاقيات الموقعة بين الوكالة الوطنية للصناعة الصيدلانية وبعض الدول الإفريقية، من بينها مالي والسنغال وحتى تونس، يضيف المتحدث. وتشير مؤشرات سوق الأدوية - من جانب آخر - إلى أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال ترقية الصناعة الصيدلانية، كما أن المكاسب المحققة في الميدان تعتبر واقعا يترجمه الإنتاج الوطني المتعدد الذي يغطي السوق وفقا لرؤية العديد من المختصين. ويعتبر القائمون على مجال صناعة الدواء - يقول شيبوط - أن الجزائر مقبلة على مشاريع إنتاج عدة أدوية ذات قيمة مضافة، انسجاما مع إستراتيجية القطاع التي تعمل على ترقية المنتجات الصيدلانية، وتسعى إلى تغطية السوق الوطنية بالإنتاج المحلي بنسبة 80 في المائة خلال العام الجاري، مع إعطاء الأولوية للأدوية المضادة للأمراض المزمنة، كما تتجه في الوقت نفسه نحو التصدير وتعزيز صناعة الأدوية الدقيقة. ويرى بعض المختصين أن تحقيق الأمن الدوائي والسيادة الصيدلانية، يعد من بين رهانات رئيس الجهمورية، السيد عبد المجيد تبون، ويتبين ذلك من خلال توطين إنتاج الأدوية، تنظيم سوق الدواء، ومراجعة السياسية الدوائية، حيث تشير قراءات المختصين في هذا الشأن، إلى أن إنتاج الأدوية والمواد الصيدلانية وصناعة المواد الأولية للصناعة الصيدلانية سيشهد قفزة خلال هذا العام..