القلوب مُنكسرة، وفلسطين، وغزّة منكوبة، وقد فقدت أكثر من مائة ألف جريح وشهيد؛ ومفقود ذهبوا للعلياء من غير وداع!؛ فبعد مضيّ نصف عام على حرب الإبادة الجماعية الإجرامية الصهيونية النازية على قطاع غزّة استشهد فيها من استُشهد، وجُرح فيها من جُرح، وأُسِرْ، وأُعتُقِل من اُعتُقل. قصف المحتلون الأوغاد البيوت ودمّروها فوق رؤوس ساكنيها، وكانت نتائج العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزّة كارثية ومأساوية؛ حيثُ تسبّبت في نكبة كبيرة، ومجاعة حقيقية لشعب غزّة، وأدّت لويلات وآهات، وصيحات، وصرخات، وللكثير الكثير من الثكالى، والأرامل، والمشردين، والنازحين، الذين يعيشون أوضاع إنسانية كارثية في الخيام، وتسبّبت الحرب بسفر ألاف من المُهاجرين خارج قطاع غزّة؛ وضياع الأموال وقَتل العلماء، ورحلة لجوء جديدة حلت على سكان غزّة، كما حَشر الاحتلال المجرم الغاصب أغلب سكان غزّة في مدينة رفح على الحدود الجنوبية مع مصر!. ولقد انتهك المحتلون الفاسدون الأنجاس المفسدون الأرض والعِرض، وتجاوزوا كلّ شيء؛ وتعرضن بعض النساء الحرائر العفيفات للاغتصاب من عصابة الجنود المرتزقة القتلة الأذناب الأنجاس المحتلين!؛ ودمّرت المصانع والمزارع، والدور وتوقف صوت الأذان، ولم تقام الصلوات في المساجد جماعة، وكأنّها قد أزفت الساعة واقتربت قيام القيامة!؛ كما توقفت المسيرة التعليمية بِرُمتِّها في غزّة، ومُسحت عوائل بأكملها عن وجه الأرض وشُطبت من السجل المدني، وصار عندنا قوافل من النساء الأرامل، وألاف الأطفال الأيتام، وألاف البيوت، والمدارس والجامعات والمساجد، والمواقع الأثرية المُدمّرة كُليًا بسبب قصف عصابة المحتلين الصهاينة المجرمين، وأصبح قطاع غزّة كأنهُ أثرًا بعد عين، وكأنّ زلزالا مُدمّرا ضرب غزّة، وأزالها عن وجه الأرض؛ وكلّ ذلك يعتبر غيض من فيض، ولكن المصيبة والمؤلم حينما تجد من أبناء جلدتنا وهو في إيران من يُصرح ويقول: "لقد حقّقت المقاومة إنجازات غير مسبوقة"!؛ ومعلوم أنّ كرامة الميت بدفنهِ، وللأسف لم يستطع أغلب الناس دفن الشهداء فمنهم بعدما قضى نحبه تحت بيته المقصوف بقى لعدّة شهور دون أن يستطيع أحد دفنه، والبعض الأخر تحلل جثمانهُ، ومنهم من أكلت أجسادهم الطاهرة الكلاب الضالة، والقطط!؛ في وقت وقف العالم عاجزا كالأعمى وكالأصم، والأبكم، ولم يحرك ساكنًا بشكل فعلي لوقف ألة حرب الإبادة الصهيونية التي فاقت النازية في الإجرام، والهمجية، والوحشية؛ وكأنّ الضمير العالمي الإنساني قد مات!. وأغلب قادة العالم الغربي يأكلون ويشربون، ويمرحون، وبالديمقراطية الزائفة يتغنون! وقد ذبحوا حمامة السلام، وشووهَا، وقطعوها ومزقوها إربًا، وأكلوها، ثم شربوا دمها، أولئك هُم اللئام، وشرُ الأنام!؛ ولا تزال العصابات الإجرامية الصهيونية تهدّد باجتياح الحصن الأخير الباقي في قطاع غزّة مدينة رفح جنوب، والتي يتواجد فيها أكثر من مليون ونصف فلسطيني؛ يعيشون في ظروف مأساوية، وكارثية، ويفتك بهم القصف، والجوع، والمرض، والوباء الكبدي؛ ورغم كلّ ما سبق من كوارث، وبحر من الدماء، والحزن، والألم لكننا مؤمنون بالله وبالفرج القريب. ونحن على يقين بأنهُ لن يُغنِي حذرٌ مع قدر، وصدق الإمام الشافعي حينما قال: " ومن نزلت بِساحتهِ المنايا فلا أرضٌ تقيهِ، ولا سماءُ"؛ ورغم كلّ الجراح النازفة لازال نرى بصيص أمل؛ رغم كلّ الألم؛ ولن يكون في ملك الله إلا ما أراد الله؛ "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"، فيا أهل فلسطين في غزّة والضفة والقدس وكلّ مكان لكم الله؛ وها نحن على أعتاب العيد، ولكن لم يعد العيد لنا سعيدا؛ وقد ذبحنا من الوريد إلى الوريد، وصارت البيت في غزّة هو الخيمة، والعين تسيل منها ألف دمعة ودمعة، وراحت البهجة والفرحة، وراحت مع بيوتنا كلّ ما فيها من عبق الذكريات، وكلّ المُقتنيات؛ ولم يبقى من طيب العيش إلا مُرّهُ؛ ولكن لن ينقطع حبل الرجاء والأمل فما عند الله خيرُ وأبقى، ولا نشكّ قيد أُنملة بأنّ الساعة أتيةٌ لا ريب فيها، وأنّ الله جلّ جلاله يمُهل ولا يُهمل ويؤخّر الظالمين ليومٍ تشخص فيه الأبصار قال تعالى: " وَلَا تَحْسَبَنَّ 0للَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ 0لظّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ 0لْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ". رحم الله الشهداء الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى، والحرية للأسرى الأبطال، ونسأل الله عزّ وجلّ أن يربط على قلوب الأطفال الأيتام، والنساء الثكالى، والأرامل، ومن فقدوا الأهل والأقارب والأصحاب، والأحباب، والبيوت وكل شيء؛ فَصبرٌ جميل والله المستعان؛ وفي فلسطين، والقدس، وغزّة: عِّيْدٌ، ومائة ألف شَهِّيدٌ، وألفُ ألف خَيمةٌ، وألفُ ألف دمَعةٌ، وشَمْعَة.