بعد مرور أكثر من سبعة شهور على حرب الإبادة الجماعية التي ينفّذها الاحتلال الصهيوني بحقّ شعبنا في غزّة، وفي ضوء استمرار العدوان الشامل، فإنّ منظومة الاحتلال الصهيوني تواصل التّصعيد من مستوى الجرائم في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وبشكل غير مسبوق مقارنة مع السّنوات التي شهدت فيها فلسطين انتفاضات وهبات شعبية، مع ذلك فإنّ هذا التصعيد الخطير، يشكّل امتدادًا لنهج الاحتلال القائم على محاولته المستمرة لاستهداف الوجود الفلسطينيّ، وفرض المزيد من أدوات القمع والسيطرة والرقابة. على مدار أكثر من (6) شهور من العدوان المتواصل والمتصاعد، نفّذت منظومة الاحتلال بكافة مستوياتها، جرائم مروّعة وخطيرة، بحقّ الأسرى والمعتقلين أدّت إلى استشهاد ما لا يقلّ عن (16) أسيرًا ممّن تم الإعلان عنهم فقط، فيما يواصل الاحتلال جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزّة ومنهم الشهداء الذين ارتقوا في المعسكرات، ليُشكّل هذا العدد من الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين مقارنة مع الفترة الزمنية الأعلى تاريخيًا، وذلك وفقًا للمعطيات المتوفرة تاريخيًا حول أعداد الشهداء الأسرى في السجون. وقد اتخذت جرائم الاحتلال المروّعة مستويات عالية من التّوحش، وشكّلت حملات الاعتقال الممنهجة التي طالت كافة فئات المجتمع الفلسطينيّ ومن كافة الجغرافيات، أبرز السّياسات التي عكست مستوى الجرائم الخطيرة بما فيها من تفاصيل كثيفة لانتهاكات جسيمة ممنهجة نفّذها الاحتلال، في محاولة لتقويض أيّ حالة نضالية تسعى لترسيخ حقّ الفلسطيني في تقرير مصيره. ويستعرض نادي الأسير الفلسطيني عبر ورقة خاصة لمرور أكثر من 200 يوم على الإبادة أبرز المعطيات والسياسات التي عكستها حملات الاعتقال وقضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني: ما لا يقلّ عن (8985) حالة اعتقال في الضّفة بما فيها القدس نفّذت قوات الاحتلال الصهيوني، حملات اعتقال واسعة في أنحاء فلسطين كافة، وتمكّنت المؤسّسات في إطار متابعتها توثيق عدد حالات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر في الضّفة بما فيها القدس، وبلغت حالات الاعتقال حتى اليوم ما لا يقل (8985) حالة اعتقال في الضّفة، والتي شملت كافة فئات المجتمع الفلسطينيّ، من بينهم (280) سيدة وفتاة (حيث تشمل هذه الإحصائية النّساء اللواتي اعتقلن من الأراضي المحتلة عام 1948، والنّساء اللواتي اعتقلنّ من الضّفة ويحملن هويات تشير إلى أنّهم سكان غزّة)، فيما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال ما لا يقل عن (540) علمًا أنّ حالات الاعتقال تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا. علمًا أنّ غالبية من أبقى الاحتلال على اعتقالهم جرى تحويلهم للاعتقال الإداريّ، أو تقدّمت بحقّهم لوائح (اتّهام) حول (التحريض) على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما يواصل الاحتلال الصهيوني تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزّة، ولم يتسنّ للمؤسّسات الحصول على أعداد دقيقة لمن تعرّضوا للاعتقال في غزّة، إلاّ أنّ عددهم يقدّر بالآلاف، فمنذ بداية العدوان، رفض الاحتلال الإفصاح عن أيّ معطيات حول أعدادهم، وأماكن احتجازهم، وكذلك أوضاعهم الصحيّة. وقد بلغ عدد إجمالي الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني حتى بداية (أفريل) أكثر من (9500)، فيما يبلغ عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال أكثر من (3660)، وبلغ عدد من صنّفهم الاحتلال (بالمقاتلين غير الشرعيين) (849) وفقًا لما أعلنت عنه إدارة السجون وهذا المعطى الوحيد المُعلن بشأن معتقلي غزّة في السجون. هذا إضافة إلى عمليات الاعتقال الواسعة في الأراضي المحتلة عام 1948 وتحديدًا على خلفية ما يسمى (بالتحريض). حالات الاعتقال.. جرائم ممنهجة ومتواصلة لم يكن تاريخ ما بعد السابع من أكتوبر، وبدء حرب الإبادة في غزّة، هو بداية عدوان الاحتلال بل شكّلت كلّ الجرائم الراهنّة امتدادًا لجرائم متواصلة على مدار عقود طويلة، وقد عكست حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر، مستوى عالٍ من التوحّش بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، والتي شكّلت كذلك امتدادا للجرائم والانتهاكات التي انتهجتها بحقّهم قبل هذا التاريخ إلا أنّ المتغير الأساسي في ذلك هو كثافة هذه الجرائم. ومن أبرز السياسات والجرائم والانتهاكات وعمليات التّعذيب التي رصدتها المؤسّسات بعد السابع من أكتوبر خلال حملات الاعتقال التي ينفّذها الاحتلال من خلال اقتحام المنازل أو من خلال عمليات الاعتقال على الحواجز أو عبر عمليات الاستدعاء: عمليات الإعدام الميداني، وإطلاق النار عليهم بشكل مباشر قبل الاعتقال، أو التهديد بذلك، بالإضافة إلى الضرب المبرّح، وعمليات التّحقيق الميداني التي طالت المئات، وعمليات الترويع والإذلال، والاعتداءات الجنسية، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية ورهائن، عدا عمليات التّخريب الواسعة التي طالت المنازل، ومصادرة مقتنيات وسيارات، وأموال، ومصاغ ذهب وأجهزة الكترونية، إلى جانب هدم وتفجير منازل تعود لأسرى في سجون الاحتلال. وقد أدّت هذه الاعتداءات، والجرائم الممنهجة إلى ترك آثار خطيرة على حياة المعتقلين وعائلاتهم، خاصّة أنّ التّهديدات لا تتوقف عند عملية الاعتقال، بل تواصل أجهزة الاحتلال من خلال جملة أدواتها بتهديدهم ومراقبتهم، وتنفيذ استدعاءات وتحقيقات. نذكّر أنّ العشرات من الصور ومقاطع الفيديو كان الاحتلال قد نشرها منذ بداية العدوان، لعمليات الاعتقال، تعكس عمليات التّعذيب والإذلال التي نفّذها بحقّهم، وعمليات احتجازهم بظروف حاطّة للكرامة الإنسانية، وكان من بينها العديد من الصور لعمليات الاعتقال الجماعيّ لأبناء شعبنا في غزّة، منهم ما أظهرت احتجازهم وهم عراة ومقيّدين ومعصوبي الأعين في ظروف مروّعة وقاسية، هذا عدا جريمة الإعدام الميداني التي نُفّذت بحقّ معتقلي غزّة، منذ بداية الاجتياح البرّي، وطالت نساء وأطفال وكبارا في السنّ ومرضى وجرحى. جريمة الإخفاء القسري متواصلة منذ 200 يوم يواصل الاحتلال الصهيوني تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزّة منذ 200 يوم من الإبادة، ويرفض حتى اليوم السماح للطواقم القانونية بزيارتهم أو التّواصل معهم، وما تزال المعطيات المتوفرة، هي معلومات ضئيلة ومحدودة تمكّنت المؤسّسات من الحصول عليها من خلال من المعتقلين الذين يتم الإفراج عنهم من السجون. وقد عكست شهادات معتقلي غزّة المفرج عنهم، وآثار التّعذيب الواضحة على أجسادهم الشاهد على مستوى الجرائم والتّوحش الذي ينفّذه الاحتلال بحقّهم، من بينهم معتقلين اُستشهدوا جرّاء عمليات التّعذيب والجرائم الطبيّة ولم يكشف الاحتلال حتى اليوم عن هوياتهم وظروف احتجازهم، هذا عدا التّقارير التي كشف عنها الاحتلال حول ذلك، واعترافه بإعدام معتقلين، إضافة إلى أحد التقارير الذي يتضمّن شهادة لطبيب يفيد ببتر أطراف معتقلين مرضى ومصابين في إحدى المنشآت التابعة لمعسكر (سديه تيمان). وقد تعرّض معتقلو غزّة، لكافة أشكال التّعذيب المختلفة، وعمليات التقييد المستمرة على مدار الوقت، عدا سياسة التجويع، والاحتجاز في ظروف حاطّة بالكرامة بالإنسانية وعمليات الإذلال والاعتداءات المستمرة، والتهديد بالقتل، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية، وسياسة تجريد المعتقلين والمعتقلات من ملابسهم التي انتهجها الاحتلال بحقّهم. يُشار إلى أنّ إدارة السّجون كانت قد أعلنت في مطلع (أفريل) عن احتجاز 849 معتقل ممّن صنّفتهم (بالمقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزّة المحتجزين في المعسكرات، نضيف إلى هذا المعطى وجود (24) طفلًا من غزّة في سجن (مجدو)، بالإضافة إلى مجموعة من الأسيرات في سجن (الدامون) وهذه المعطيات كذلك لا تشمل كافة الأطفال المعتقلين من غزّة أو النّساء. أكثر من (3660) معتقل إداري حتى بداية أفريل.. العدد الأعلى تاريخيًا اعتقلت قوّات الاحتلال الصهيوني آلاف المواطنين الفلسطينيين، إداريًا، حيث شكّلت هذه السياسة أبرز التّحولات المرتبطة في قضية الأسرى، وذلك تحت ذريعة ما يسمى "بالملف السرّي"، وقد استهدفت كافة الفئات منهم طلبة الجامعات، وصحفيين، ونساء ونواب في المجلس التشريعي، ونشطاء حقوق إنسان، وعمالا، ومحامين، وأمهات، ومعتقلين سابقين، وتجارا، وأطفالا. وقد استخدمت سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري على مدار عقود طويلة، كأداة للقمع والسيطرة والترهيب وتقويض أيّ حالة نضالية متصاعدة، وبرزت تحديدًا في سنوات الانتفاضات والهبات الشعبية، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية (أفريل) أكثر من (3660) معتقل إداري من بينهم (22) من النّساء، وأكثر من (40) طفلًا. علمًا أنّ عدد أوامر الاعتقال الإداري التي صدرت بعد السابع من أكتوبر بين أوامر جديدة وأوامر تجديد بلغت (5210). اعتقال مئات الفلسطينيين على خلفية ما يسمى (بالتّحريض) اعتقلت سلطات الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، المئات من المواطنين على خلفية ما يسمى (بالتّحريض) على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام، وقد استهدفت كافة فئات المجتمع الفلسطيني، بما فيهم أطفال ونساء، وصحفيين، ونشطاء، وطلبة، وأكاديميين وغيرهم، ومن لم يتمكّن الاحتلال من توجيه لائحة (اتّهام) حول التّحريض فقد تم تحويله للاعتقال الإداري، ومؤخرًا صعّد الاحتلال من اعتقال النّساء بشكل أساسي حول ما يسميه (بالتّحريض) وهو مفهوم واسع وفضفاض، ويمكن للاحتلال من خلاله أن يعتقل المجتمع الفلسطيني بأكمله، كما جريمة الاعتقال الإداري. هذا ويُشار إلى أنّ عمليات الاعتقال على خلفية (التّحريض) تركّزت بحقّ الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، والقدس. الإجراءات الانتقامية وعمليات التّعذيب والإذلال داخل السجون مع بداية العدوان فرضت إدارة السّجون جملة من الإجراءات لتضييق الخناق والانتقام من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، بالإضافة إلى الاعتداءات وعمليات الضرب المبرّح والتّعذيب التي بلغت ذروتها بعد السابع من أكتوبر، وكما ذكرنا سابقًا فإنّ كافة السياسات الراهنّة تشكّل امتدادًا تاريخيًا لكافة السياسات التي نفّذها الاحتلال على مدار عقود، وقد سُجّلت المئات من الإصابات بين صفوف الأسرى والأسيرات بما فيها الأطفال والمرضى وكبار السّن الذين تعرّضوا للاعتداء من قبل وحدات القمع، وتنوّعت سبل التّنكيل منذ ذلك التاريخ بين تعطيش وتجويع بالإضافة إلى سحب كلّ مستلزمات الحياة الأساسية والإبقاء على الحدّ الأدنى منها، حيث سحبت إدارة السّجون جميع الأدوات الكهربائية، والملابس، الطعام الخاص بالأسرى، وعزلتهم عن العالم الخارجي لغاية اليوم، وقامت بزّج المعتقلين في (غرف- زنازين) لا تتسع لهذه الأعداد، ممّا فرض حالة من الاكتظاظ العالية جدًا، إضافة إلى الجرائم الطبيّة التي تصاعدت بعد السابع من أكتوبر، وتحويل كافة الإجراءات بما فيها ما يسمى (بالفحص الأمني- العدد)، إلى محطة للإذلال، كما واستخدمت عمليات نقل الأسرى وكذلك زيارة المحامين لمحطة الاعتداء عليهم وإذلالهم من خلال السجّانين وحدات القمع. علمًا أنّ الاحتلال يواصل منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من القيام بزيارات للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني. لقد أدّت الاعتداءات بحقّ الأسرى وعمليات التّعذيب والإجراءات الانتقامية والجرائم الطبية إلى ارتقاء (16) أسيرًا ممّن تم الكشف عن هوياتهم فقط، علمًا أنّ هذا المعطى لا يشمل الشهداء من معتقلي غزّة الذين لم تعرف هوياتهم ولا ظروف استشهادهم حتى اليوم. وكان من بين الشهداء الأسرى، الشهيد الأسير القائد وليد دقة الذي استشهد جرّاء سلسلة من الجرائم الطبيّة تعرّض لها، عدا عمليات التنكيل والحرمان والتعذيب التي تعرّض لها على مدار 38 عامًا من الاعتقال وما يزال الاحتلال يحتجز جثمانه منذ تاريخ السابع من نيسان/ أفريل 2024، وهو من بين 26 أسيرًا ارتقوا في السجون يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.