شكّل ملف العقار أكبر تحدي أمام السلطات المحلية والمجالس البلدية المنتخبة بولاية بومرداس، التي بدأت مساحتها الاجمالية تتقلص ومنها الفلاحية المقدّرة ب 8 ، 98 ألف هكتار، نتيجة الارتفاع المتزايد لسكان الولاية الذي تعدى 800 ألف نسمة، وهو ما تطلّب تسطير برامج ومشاريع سكنية جديدة وهياكل قاعدية ومرافق عمومية تماشيا مع التطور الحاصل، إلاّ أنّ مشكل العقار تسبّب في تعطيل العديد من المشاريع وصلت مؤخرا حتى في مجال السكن الريفي، بإلغاء عشرات قرارات الاستفادة عبر بلديات الولاية. كشفت تدخّلات نواب المجلس الشعبي الولائي في دورتهم العادية الأولى لسنة 2013، المنعقدة الأسبوع الماضي، مدى الصعوبة والعراقيل التي بدأ يشكّلها نقص الوعاء العقاري بولاية بومرداس لأسباب كثيرة، منها النهب المنظّم الذي طال عشرات الهكتارات الفلاحية على غرار ما حدث في قضية لابال ببلدية أولاد موسى، وانحصار أغلب مراكز المدن وبالبلديات بين العقار الفلاحي والسفوح أو البحر، وهو ما يعني حسب تدخلات بعض النواب ومنهم ممثل المجلس الولائي لبلدية سيدي داود الفلاحية الذي طالب بضرورة تخصيص مساحات فلاحية لتجسيد مشاريع عمومية لفائدة السكان المتضررين من الوضع القائم. كما أظهرت الحصيلة المقدّمة من طرف لجنة الري، الفلاحة، الغابات، الصيد البحري والسياحة حول ملف التنمية الريفية والبناء الريفي، أنّ عدد قرارات الاستفادة الملغاة الخاصة بالبناء الريفي وصلت 2151 قرار من أصل 11668 قرار استفادة منذ سنة 2002 أي بنسبة 43 ، 14 بالمائة راجع في أغلبها إلى نقص العقار لإنجاز السكنات الفردية والجماعية بهذه الصيغة، كما عرضت اللجنة برنامج السكن الريفي للمخطط الخماسي 2010 2014، حيث صنّفت مشكل العقار كأكبر تحدي يواجه البرنامج الذي راهنت عليه الحكومة للقضاء على أزمة السكن. كما لم يقتصر مشكل غياب العقار على جملة المشاريع التنموية التي استفادت منها الولاية الخاصة بانشاء مرافق حيوية وصلت إلى حد تحويل مشاريع ذات منفعة عامة من بلدية إلى أخرى، والإتجاه نحو اقتطاع مساحات من الممتلكات الخاصة لتجسيد بعض المرافق مثلما توقف عليه والي الولاية خلال الزيارة التفقدية التي قادته إلى بلدية تيمزريت، حيث عجزت السلطات المحلية حتى في تخصيص مساحة لإنجاز ثانوية لفائدة سكان هذه البلدية الريفية المعزولة بسبب قلة العقار، وصعوبة إقناع الخواص بالتنازل عن أراضيهم مقابل التعويض لتمرير هذه المشاريع الهامة، بل وصل الأمر ببعض بلديات بومرداس على غرار برج منايل التي يقطنها 8 ، 64 ألف نسمة إلى الاستحواذ على مساحة بألف متر مربع بجانب الطريق السريع لإقامة مفرغة عشوائية كانت تستقبل حوالي 65 طن يوميا قبل اتخاذ قرار بتحويلها مؤقتا إلى غاية الانتهاء من أجل إنجاز مركز الردم التقني للنفايات ببلدية زموري. ونفس الأمر بالنسبة لبلديات لقاطة، رأس جنات، دلس اعفير وغيرها من البلديات الأخرى، حيث وصل عدد المفارغ العشوائية إلى 27 مفرغة. بالاضافة إلى هذا، طرح نواب المجلس صعوبة تجسيد مخططات التوجيه والتعمير بالبلديات بسبب مشكل العقار، أبرزها بلدية عاصمة الولاية التي انحصرت في مساحة ضيقة لم تستطع استيعاب كافة البرامج والمشاريع المقترحة لتجديد الولاية، الأمر الذي حتّم على مكاتب الدراسات اقتراح هدم عدة بنايات وإدارات وسط المدينة لإنجاز مركبات حضرية وهياكل عمرانية حديثة، منها على سبيل المثال مسرح الولاية والمكتبة الولائية.