اقترح الخبير المالي والاقتصادي المقيم في بريطانيا الدكتور كمال بن كوسة إنشاء صندوق سيادي جزائري كأحد الحلول المقترحة لتدارك النقائص التي لاتزال تميز الاقتصاد الوطني من حيث التسيير وتقليص كلفة الإقراض والحد من التداول المفرط للنقود ولشراء الأسهم والقيم. وأوضح الخبير الجزائري خلال المحاضرة التي ألقاها بجامعة الجزائر، وفي إطار سلسلة الندوات التي تنظمها الجمعية الوطنية للاقتصاد بين الجزائريين، أن الاقتصاد الوطني ليس بحاجة إلى أموال صناديق سيادية خليجية وأن استغلال الموارد المالية المتاحة يمكنه أن يؤدي إلى رفع نسبة النمو إلى 10٪ على أقل تقدير، شريطة تدارك النقائص في مجال المعرفة والتكنولوجيات الحديثة وذلك على المدى المتوسط، الممتد إلى آفاق 2020. الاحتياجات على المدى المتوسط ستعرف لامحالة ارتفاعا مستمرا قصد الاستجابة لمطالب السكان وفي مقدمتهم فئة الشباب، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد طالبي العمل مليون طلب، رقم يعتقد نفس الباحث أنه بالإمكان تحقيقه، من خلال تجنيد المزيد من الموارد المالية وتحسين أساليب التسيير وتقليص التكاليف بحثا عن المردودية والانتاجية، معتبرا أن الأموال التي سبق تجنيدها في إطار برامج ومخططات الإنعاش والتي ناهزت 186 مليار دج، تعد استثمارات غير منتجة في مجملها، فضلا على محدوديتها مقارنة بالتدفقات المالية المتداولة يوميا. الجزائر محكوم عليها بأن تتكيف مع المعطيات الداخلية والخارجية، من حيث نجاعة إقتصادها والموارد المالية وإن كانت متوفرة في الوقت الراهن، إلا أنها قد تتأثر بفعل تذبذبات أسعار النفط وسط ارتفاع حدة التنافس حول جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي هذا الصدد أوضح الدكتور بن كوسة أن تراجع سعر النفط الجزائري إلى ما دون 110 دولار للبرميل ستكون انعكاساته سلبية على ميزانية الدولة بعجز يناهز 6٪، مما يعني مدى الإرتباط الوثيق بين إحداث التوازنات المالية الداخلية والتأثيرات الخارجية لوضعية السوق النفطية. من جهة أخرى شدد نفس المتدخل على التأثيرات السلبية لاستمرار ظاهرة التضخم، كارتفاع كلفة الانتاج خاصة عند ما يتعلق الأمر باستثمارات غير منتجة، داعيا إلى الاهتمام بالقطاعات المنتجة التي تدر فائضا في القيمة ومنتجات ذات نوعية من شأنها منافسة السلع والبضائع المستوردة التي أغرقت السوق الوطنية وسببت في زوال العديد من المنتوجات الوطنية. الموارد والإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر بامكانها أن تساهم في دعم موقعها على الصعيد الخارجي من خلال تنمية اقتصادية متوازنة تؤهلها بأن تكون مرشحة للانضمام إلى تكتلات اقتصادية حديثة النشأة على غرار مجموعة «البريكس» التي تضم كل من البرازيل روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا وهي جلها من الدول الناشئة اقتصاديا، مثلما يعتقد المحاضر الذي يؤكد على أن ترقية الاقتصاد وفق الخطة التي اقترحها قد تساهم في انضمام الجزائر وتصبح عضوا كامل الحقوق في آفاق 2020 .