رافع الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، من أجل اتصال مؤسساتي ناجع في الجزائر التي تعرف حركية وإصلاحات تؤمن لها موقعا في الخارطة الدولية المتغيرة. وقال الوزير الأول خلال الملتقى الوطني حول الاتصال المؤسساتي الذي أشرف على افتتاحه بإقامة الميثاق والذي نادى بخارطة طريق في هذا المجال وتجاوز حالة الخلل: «إننا نعيش اضطرابات داخلية وخارجية والإعلام يلعب فيه دورا حاسما فاصلا». وواصل في الملتقى الذي تنظمه وزارة الاتصال على مدار يومين أنه حان الوقت لتحرك عاجل من أجل إقامة اتصال مؤسساتي يرسخ علاقة الثقة بين الحاكم والمحكوم وينهي بصفة نهائية حالة الشك التي تطغى على المعادلة وتبقيها مختلة التوازن والمصداقية. وهو تحرك يجيب على الإشكالية المطروحة حول موقع الخلل وموطن الضعف الذي ينتاب الاتصال المؤسساتي.. هل هو في المجتمع، في الحكومة، في التربية أم في المواطن الذي يغمض عينيه تجاه كل عمل قامت به السلطات العمومية وأصحاب القرار ويتمادى في نكران كل ما يقدم له من معلومة مكتفية بالدعاية والإشاعة الآتية إليه من مصادر غير مصادرها غايتها التشكيك في أي انجاز والسقوط في الدعاية التيئيسية المسودة للواقع المهدمة له. وذكر سلال مخاطبا الحضور، أن الكلام عن الاتصال المؤسساتي يعود إلى سنوات مضت، حيث نظمت لقاءات ومنتديات لكن الهدف لم يتحقق بعد، مما يفتح المجال مجددا لفتح هذا الملف وإثارة النقاش مع أهل الاختصاص للتوصل إلى نتيجة نتطلع إليها جميعا والخروج من حالة الصم البكم عند غياب الاتصال التي تولد الدعاية الهدامة. وحسب الوزير الأول، فإن الحكومة قامت بواجبها في مجال الاتصال المؤسساتي، وخطاب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في 15 افريل 2011 واضح تماما بتأكيده الحاسم على وجوب ممارسة الاتصال على أحسن حال. وجاء هذا ضمن قانون الإعلام 2012 ومشروع قانون السمعي البصري المدرج في سياق إصلاحات جذرية غايتها توسيع الممارسة الإعلامية التعددية الواجهة الأخرى للديمقراطية والحكم الراشد ودولة المؤسسات. وبلغة صريحة خاطب سلال الحضور بضرورة مراجعة الموقف والتحرر من التردد والخوف في اطلاع المواطن بكل المعلومات التي ترسخ ثقتهم في المؤسسات بصفة تغلق الباب أمام الدعاية وما يترتب عنها من تداعيات خطيرة عن النسق الاجتماعي والتآلف والتماسك الوطني. على هذا الأساس، يفرض الواقع الجديد والمتغيرات المتسارعة والحراك مراجعة معادلة الاتصال المؤسساتي بإعطاء المعلومة لرجال الصحافة وعدم كتمانها والاحتفاظ بها إلى حد الإفراط وكأنها سرا لا تقبل الترويج رغم ما لها من أهمية في إزالة الشكوك وترسيخ الأفكار المسبقة والتأويلات والمضاربة الكلامية اخطر سلاح ضد الاستقرار الوطني. «كل المؤسسات من البلدية في أسفل قاعدة إلى أعلاها عليها التحلي بقاعدة الاتصال والإحجام عن كتم المعلومة عدا أسرار الدفاع والأمن الوطني».. هذا ما شدد عليه الوزير الأول رافعا كل لبس ومزايدة حول الاتصال المؤسساتي الذي يسمح بمد جسور التواصل مع المحيط ويكرس الثقة مع المواطن الذي يتعرض يوميا إلى وابل من الحملات الدعائية حول قضايا تخص وطنه ومواطنته في غياب المعلومة المروجة من مصادر لا تحتمل الشك ولا تفتح الجدل العقيم. لقد بلغت الأمور ذروتها في ظل توسيع شبكات التواصل الاجتماعي إلى درجات باتت المعلومات المعطاة لا تحظى بالصدقية، أشياء تنجز ومشاريع تتحقق في الميدان لكن المواطن لا يتجاوب مع الحركية ويصدقها، ويسقط فريسة الدعاية مما يحتم تشريح معادلة الاتصال وتصحيحها بالسماح للصحفي الوصول إلى مصدر الخبر وتركه يعلق على الأشياء والمواطن الحاكم الشاهد في الأخير. إصلاح الوضع حسب سلال يكون حتما بإتقان لغة الاتصال واعتماد قاعدتها المقدسة في مد عمل جواري مع المواطن والمحيط في معركة استعادة الثقة وترسيخ روح المواطنة التي تجعل حب الجزائر من الإيمان.