تعرف العملة الوطنية ‘'الدينار الجزائري'' جدلا بشان مدى قيمته الحقيقية وقدرته على الصمود أمام باقي العملات الأجنبية، التي تستمر في تعزيز قدرتها في السوق خاصة السوق الموازية للعملات الأجنبية التي يتصدرها اليورو عملة الاستيراد والدولار عملة التصدير. سواء ما تعرض إليه الدينار ‘'انزلاقا'' كما يفسره بنك الجزائر، أو تخفيضا كما يشرحه عدد من الخبراء، فان الحقيقة الواحدة انه لا يزال يعاني من تدني قوته الشرائية في ظل اتساع النقاش حول الأسباب والمبررات التي يصيغها كل طرف برؤية لا تسمن ولا تغني من جوع أمام الأمر الواقع الذي تفرضه معاملات السوق; حيث لا يزال استمرار تبعية المنظومة الاقتصادية للمحروقات تخلق متاعب لا تتوقف بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتصحيح المعادلة الاقتصادية والاجتماعية. وبالرغم مما يمثله الدينار من رمزية للسيادة المالية والقوة الاقتصادية إلا انه منذ أن انخرطت الجزائر في ‘'مسار الإصلاحات''، وخاصة عقب المرور بالرواق الخانق والصعب لصندوق النقد الدولي غداة أزمة التوقف عن الدفع مطلع التسعينات، دخل في دوامة البحث عن القيمة الاقتصادية الحقيقية التي ترتكز على عنصر الإنتاجية الاقتصادية التي لا تزال تمثل اكبر تحديات عالم الاقتصاد والاستثمار. غير أن هناك عوامل أخرى يجب أن تتم معالجتها لتأثيرها المباشر على قيمة العملة مثل ضرورة تعزيز الثقة ضمن محيط المال والأعمال بالحرص على إضفاء مزيد من الشفافية، وكذا مسالة تفعيل مكافحة الفساد خاصة تبييض الأموال - وهو أمر يكتسي أهمية بالغة – لكونه احد أسباب آفة التضخم التي ترهق الجهات المكلفة بمراقبتها والتضييق عليها. كما يمثل عنصر الثقة في الساحة الاستثمارية ضمانة جوهرية تضفي مصداقية على العملة الوطنية. وحقيقة المرحلة اليوم للتشمير على السواعد والتقليل من مساحة النشاطات التي تندرج في خانة المضاربة والخدمات الريعية، أو على الأقل تاطيرها بما يساعد على إدخالها في الإطار الشفاف كما هو الحال للأسواق الموازية للعملة الصعبة. وبالموازاة، من المفيد إحاطة المجال المتعلق بالعملة وتقلباتها بمزيد من شفافية الإعلام، وعدم التزام الصمت حول ما يدور في دواليب بنك الجزائر والهيئات المعنية بالسياسة النقدية تفاديا للتأويلات والمزايدات التي تغذي ‘'الإشاعة'' قبل أن تضطر السلطة النقدية لتبرير وضعية أصبحت مزمنة تمنع صمود القدرة الشرائية لسنوات وتخلط حسابات الأسر وحتى المؤسسات التي تراقب الساحة النقدية عن كثب أملا في أن تستعيد الدينار توازنه وقوته الشرائية مثلما وعد به وزير المالية، ذلك أن استقرار قيمته أمر حيوي لتعزيز الثقة والقدرة على ترتيب الأهداف الاقتصادية وتجسيدها في مرحلة انتقلت فيها البلاد إلى سرعة استثمارية نوعية مفتوحة على الرأسمال المحلي والأجنبي من خلال مشاريع شراكة إنتاجية ذات جدوى.