تسببت الأمطار الطوفانية المتهاطلة منذ ليلة أمس بعاصمة الشرق الجزائري في حدوث فيضانات هستيرية وأغلقت في عديد نقاط المدينة منافذ العبور، خاصة على مستوى المدينة القديمة على غرار الأحياء الشعبية كشارع العربي بن مهيدي، شارع فرنسا، القصبة العتيقة والسويقة حيث تحولت هذه الشوارع الى مجرد أحواض مائية جراء الأعطاب الدائمة المسجلة في البالوعات المخصصة لصرف مياه الأمطار فضلا عن انفجار معظم قنوات الصرف الصحي. ما زاد في تفاقم الوضع جرف المياه الطوفانية كل أنواع القاذورات والفضلات مما ادى الى غلق تام لحركة المرور بجسر باب القنطرة، الذي بسبب انعدام الصيانة الدورية تحول الى شلال مائي بدل جسر يربط بين جهتي المدينة وهي ذات الوضعية التي يعيشها كلا من جسر سيدي مسيد وسيدي راشد، هذه المشاكل وأخرى تساهم بشكل كبير في اهتراء هذه الجسور الهيكلية والإستراتيجية بالمدينة، ذلك في غياب جهات تتدخل لمنع مثل هذه الحوادث والمناظر التي تؤكد الغياب التام للمصالح البلدية بالولاية. وسجلت مصالح الحماية المدنية حالات انهيارات مباغتة مست بنايات المدينة القديمة التي تشكل خطرا محدقا على حياة وأرواح السكان الذين يعايشون سيناريو الانهيارات الخطيرة التي مست عددا من البنايات كانت آخرها انهيار أربع بنايات بحي السويقة على رؤوس أصحابها دون أن تخلف أية ضحايا تذكر حيث انحصرت الخسائر في إصابة مواطنين بجروح متفاوتة الخطورة. الحوادث التي لا تنفك وأن تتكرر مع دخول كل موسم شتاء، حيث أكد أصحابها أنهم أخطروا المصالح المعنية بوضع البنايات التي صنفت سابقا للترميم لم تعد صالحة للسكن خاصة مع التقلبات الجوية التي عاشتها قسنطينة في الآونة الأخيرة، حيث اتسعت رقعة الانهيارات لتمس حي القصبة العتيقة، هذا في الوقت الذي وقف فيه المتضررون ، مذهولين من وطأ صدمة انهيار منازلهم و ضياع ممتلكاتهم وتشردهم . إذ أكدت نساء الحي ل «الشعب» أنهن قد بتن من دون مأوى يؤمهم لا هم ولا عائلاتهم ، في عز البرد القارص، الوضع الذي وصفنه بالمزري خصوصا و قد طال انتظارهم لسكنات لا تزال مجرد حبر على ورق وصولات الاستفادة التي تحصلوا عليها منذ أشهر خلال عملية القرعة الخاصة بإعادة الإسكان. وضعية البنايات القديمة بحي السويقة العتيق وحي القصبة عرفت تراجعا ملحوظا هذا في ظل انطلاق عمليات الترميم بهذه المدينة التي تعتبر من معالم قسنطينة التاريخية والحضارية، إلا أن الانهيارات المتتالية حولت المدينة القديمة إلى أشبه بمقابر جماعية وأطلال مدينة يعيش سكانها تحت وطأة التهديد والتخوف من الموت تحت الأنقاض مع كل دقيقة يحيونها بهذه البنايات، هؤلاء الذين يتعدى عددهم ال 1000عائلة. ...المتضررون يرفضون التنقل لمناطق العبور... ويكتفون بأطلال السويقة من جهة أخرى تعيش العائلات المنكوبة منذ حادثة الانهيارات في وضعية أقل ما يقال عنها مأساوية، قاسية، حيث اضطروا للمكوث داخل بقايا منازلهم المنهارة بدل التنقل لمناطق العبور التي قالوا عنها غير ملائمة للعيش، خاصة وانه يتواجد باحدى المناطق خطورة بالولاية، هذا المركز الذي يقع تحت جسر سيدي راشد وتحديدا «بمنطقة المطاطلة» أين تنتشر كل مظاهر الجريمة والأفعال المخلة بالحياء فضلا على انه يفتقر لأدنى ضروريات الإقامة التي تليق بإنسان، هذا الأخير الذي كان إسطبلا للحيوانات تابعا للمصالح البلدية في فترات سابقة، أضحى اليوم وبقوة القانون مركزا غير مهيأ لإقامة العائلات الذين كانوا ضحية الانهيارات المباغتة والاعتداءات الخطيرة من طرف اللصوص والمسبوقين قضائيا سيما مع انتشار أماكن بيع المشروبات الكحولية كما انها تعتبر منطقة مدمنين درجة أولى. ظاهرة الانهيارات التي تشهدها المدينة القديمة المدرجة ضمن برنامج الترميم وإعادة التهيئة لأقدم مدينة بعاصمة الشرق الجزائري، هذه المدينة التي كرمها الله بجمال أخاذ يأسر الناضرين تحولت بفعل التهميش ولامبالاة القائمين عليها إلى مدينة منهارة تئن تحت وطأة الانهيارات التي مست كافة المدينة، ليطرح السؤال كيف سيتم تهيئة وترميم مدينة مآلها الوحيد الانحدار نحو هاوية واد الرمال، ليبقى ملف الترميم لحد اليوم غامضا، رغم أن المسؤولين يؤكدون على انتهاء المرحلة الثانية من الترميم لكن الواقع يقول عكس ذلك، هذه الوضعية المتراجعة للمدينة القديمة التي تعتبر من أهم النقاط المرجعية للولاية وتحتضن منازل تاريخية لأشهر العلماء على غرار دار العلامة ابن باديس، دار الباي وغيرها. شركات أجنبية لتجسيد حلم الترميم علمت «الشعب» ومن مصادر عليمة أن عمليات الترميم المتوقفة بالمدينة العتيقة والتي عرفت العديد من المشاكل والعراقيل في تجسيد إعادة الاعتبار للمدينة القديمة وترميم بناياتها التي لم تعد تستطيع الاحتمال والصمود في وجه قلة الاحترافية ونقص الخبرة للجهات التي كلفت بترميمها، هذه المدينة القديمة التي تنهار مع كل نسمة هواء فما بالك مع انطلاق فصل الأمطار الطوفانية لابد وان يخصص لها برنامج استعجالي خاص لحمايتها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.