احتلت ظاهرة التقليد في قطاعات الصناعات التقليدية، صدارة انشغالات الحرفيين المشاركين بالصالون الوطني للصناعات التقليدية بوهران، وطال التقليد منتوجات جزائرية أصيلة، لاسيما القشابية، حيث يعرض منتوج صيني مادة مماثلة من الصوف والقطن، أكد الناشطون في المجال، أنه يصعب التمييز بينها وبين الوبر الأصلي. يحدث هذا في وقت تعرف فيه تربية الإبل تقلصا متواصلا، وهي من المصادر الوطنية للوبر الذي يعتبر توفره أساسيا لتحافظ صناعة النسيج الراقية على مكانتها، لتميزه بالمتانة والنعومة والخفة، كما يحافظ على درجة الحرارة وعدم تسرب الماء، غير أن تقلص المناطق الرعوية أدى إلى ندرة الوبر، مما ساهم في ارتفاع أسعاره، علما أن عملية الجز تتم مرة كل سنة. هذه حقائق استقتها «الشعب» من الحرفيين بالصالون الوطني للصناعات التقليدية بوهران. وعن نسج القشابية والبرنوس الوبري الذي تستخلص مادته من الجمال، أكد الحرفي، ربيزي لمين، ل»الشعب» وهو صاحب ورشة للتصنيع والتسويق بالجلفة، «أنه يتم اختيار الوبر بخبرة وتجربة، قبل تصفيته وغزله على شكل خيوط، تنسج تقليديا من طرف النسوة، وفي الأخير تأخذ القطعة المنسوجة شكل البرنوس أو القشابية، بعد أن يتم خياطتها في الغالب من طرف حرفيين رجال يتمتعون بالمهارة اليدوية، هذه الأخيرة التي تشكل لوحدها إبداعا يتفنن فيه ممن يسترزقون بما تجود به أناملهم ويستمتعون أيضا بروعة منتوجهم الذي تحظى دائما بالقبول». ولعل ما يعطي « القشابية « و» البرنوس « ميزة خاصة جودة المنتوج من الوبر « الخالص « المستعمل كمادة أولية، قال متحدث «الشعب»، حيث يقتنى من طرف الحرفيين بأثمان باهظة تفوق أحيانا 10.000 دج للكيلوغرام الواحد الخام. فيما لا يقل السعر الأدنى عن 7000 دج، وإن قل عرضه يبقى وجود الوبر أكثر من ضرورة ملحّة لكونه خاصية أساسية في الصناعة الجزائرية التي دخلت عليها مؤخرا تغييرات، من حيث الطرز والتفصيل، يضيف الحرفي ربيزي، والذي حدّد سعر «القشابية» الوبرية التي يسعى الحرفيون للترويج لها في ظل إشكالية التسويق التي يطرحها البعض ما بين 35.000 إلى 90.000 دج و تصل أحيانا 12000 دج للقشابية المصنوعة من وبر صغير الجمل المعروف في الجلفة بالمخلول، مبرزا أن ثمن القشابية، يحدد حسب النوعية والخياطة، أوضح الحرفي أن الوبر الإصطناعي المعالج بالحرارة، يعرف رواجا كبيرا، في إشارة منه إلى ما يعرف بالوبر الخليجي المشهور باسم العراقي، وأضاف أن ما من شيء أكثر إحباطا من رؤية كل هذه الجهود، تذهب هدرا بسبب التقليد. نسيج المعاطف يبلغ العالمية واشتهرت عائلة ربيزي بالقشابية والبرنوس، حتى أصبحت تصدرها إلى عدة دول عربية، وفي مقدمتها السعودية، وأشار المتحدث إلى حرفي بالجلفة بلغ العالمية في نسج المعاطف من الوبر، والتي تعرف حسبه إقبالا واسعا ببولونيا مقر نشاطه، وخصوصا أنه من وبر مقاوم وناعم، يتميز بالأناقة ومقاومة الإنسلاخ، ذلك قبل أن تعرف المواد الأولية تناقصا محسوسا تضاف إليها عمليات التقليد والمنافسة الأجنبية، حسب العاملين في هذه الصناعة. ومع هذا يحاول الحرفيون اقتناء المادة الأولية التي توارثوها أبا عن جد، وأصبحت تعبر عن هويتهم وعمق تراثهم الأصيل، من أجل تحصيل منتوج ذي نوعية وجودة محل استقطاب الزبائن من محبي الألبسة التقليدية، وهو ما تعكسه الأجنحة الخاصة بمثل هاته الألبسة بالصالون الوطني للحرف والصناعات التقليدية بوهران، والتي تعرف إقبالا كبيرا، خاصة وأن نسج القشابية أصبح جد محدود، بحيث يقتصر على عائلات فقط بقيت في مناطق مثل مسعد ، عين الابل ، الشارف ، فيض البطمة ومدن أخرى. ... وإشادة بإسهامات الدولة في ترقية الصناعة النسيجية وتحدث الحرفي، ربيزي لمين، عن إسهامات الدولة في ترقية مجال الصناعة النسيجية بالجزائر عامة، وبخاصة في إطار جهاز تسيير القرض المصغر الذي أعطى دفعا قويا لعدد كبير من الحرفيين الذين استفادوا من قروض مالية لاقتناء المواد الأولية، فضلا عن اتخاذ إجراءات أخرى بمنح هبات بدون فوائد، كما اشتملت هاته الجهود تغييرات طالت عددا من المدراء التابعين للقطاع، وهو ما يعكس حسبه القفزة النوعية التي يعرفها القطاع بالجلفة من حيث الهياكل، حيث تتوفر الولاية على دار للصناعة التقليدية والحرف تعتبر فضاء للتكوين والعرض والبيع في مختلف الصناعات التقليدية والفنية التي تتميز بها المنطقة، في الوقت الذي ظفر فيه القطاع مؤخرا بمنشأة هامة، تتمثل في مركز تثمين المهارات المحلية الكائن مقره بمدينة مسعد. ندرة المادة الخام وقلة اليد العاملة تهددان صناعة النحاس من جهتهم يطالب حرفيو صناعة النحاس من وزارة السياحة والصناعة التقليدية تلبية احتياجاتهم المتعلقة في مجملها بندرة المادة الخام، والتي أكد بشأنها الحرفي مكي جمال من قسنطينة، أن أسعارها تعرف ارتفاعا متواصلا، كما طالب من المسؤولين المعنيين بالدعم المعنوي أكثر منه ماديا. تضمن المعرض الوطني للصناعات التقليدية بوهران عينات متنوعة من التحف النحاسية، والتي عرفت إقبالا واسعا من مختلف الشرائح لقيمتها الجمالية، وخاصة ما تعلق بالهدايا والقطع التذكارية وديكور المنازل، والذي يدخل كل بيت عبر الأواني المستخدمة في مختلف الأنشطة والاحتياجات المنزلية، للتأكيد على أهمية النحاس في حياة الجزائريين، إلا أنها تراجعت في الغالب الأعم، وكادت تنقرض الشعب نتيجة ذيوع معادن أخرى مثل الألمنيوم والصلب، على الرغم من البعد الصحي الكامن في معدن النحاس مقارنة مع غيره من المعادن المستخدمة في صناعة أواني الطعام، يضيف متحدث الشعب. وعبر مكي جمال، والذي يمارس مهنة صناعة التحف النحاسية منذ 8 سنوات عن أسفه، لتراجع اهتمام الشباب بهاته الصناعة، مؤكدا أن قلة فقط ما زالت تتمسك بها، بينما أكد أن والده ينشط في القطاع منذ أكثر من 30 سنة، ويوظف حاليا 5 عمال عبر ورشته، في ظل قلة اليد العالمة، يواصل المتحدث، مع العلم أن نسبة المشاركة من القسنطينة بالمعرض، حددتها غرفة الصناعات التقليدية والحرف في وهران ب4.5 بالمائة بمجموع 8 مشاركين.
مجموعة السلطان تطالب بفضاء للرقي بصناعة الأثاث والديكور من جريد النخل استطاع الحرفي أحمد محمد أمين، صاحب مؤسسة مجموعة السلطان، أن يتميز بالصالون الوطني للصناعات التقليدية بوهران، حيث كانت لوزير السياحة والصناعات التقليدية حاج سعيد وقفة لاكتشاف الأثاث والديكور المصنع من جريد النخيل. كما أكد الشاب أحمد محمد أمين من برج بوعريريج، في حديث ل»الشعب»، أن منتجاته تعرف إقبالا واسعا مقارنة بالنوعية وانخفاض الأسعار، وأوضح قائلا أنه استلهم هاته الحرفة الخشبية من التراث المشرقي، وجعلها جزءا من الحياة اليومية المعاصرة، بعد 6 سنوات من التربص بمصر، تلقن خلالها أبجديات تصميم وتصنيع الأثاث والديكور من جريد النخل الذي ارتبط بحياة المصريين في القرى والمناطق الريفية، وكان أحد العناصر الرئيسية في تكوينات المنازل البسيطة، إضافة إلى كونه أحد الحرف التقليدية التي مارسها البعض لزمن طويل، وأنتجوا منه وحدات كانت تستخدم في المنازل والمتاجر والأسواق وغيرها. وأضاف أمين، قائلا، أن التحدي الرئيسي لمجموعة السلطان، هو كيفية تطويع هذه المادة التقليدية بالجزائر، لتتلائم بشكل عصري مع أذواق الشباب والمستهلك، قائلا «ما نتمناه، أن يتوسع فضاء العرض في المستقبل القريب لإنتاج أكبر في صورة مبتكرة»، كما تجدر الإشارة أن ولاية برج بوعريريج شاركت خلال الصالون الوطني للصناعات التقليدية بوهران بحوالي 3 عارضين، وهو ما يمثل نسبة 2 بالمائة، حسب الجهة المنظمة.