عرفت المؤسسة الوطنية للتجهيزات والمعدات الحديدية "فيروفيال" المتواجدة بولاية عنابة عدة محطات بارزة منذ نشأتها، فبعد أن كانت مندمجة في الشركة الوطنية للمعدات "آس.ن ميتال" كوحدة إنتاج متخصصة في تجهيزات السكة الحديدية منذ الاستقلال، تحولت إلى مؤسسة مستقلة في إطار إعادة الهيكلة الصناعية للمؤسسات العمومية مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن تتحول إلى شركة ذات أسهم في سنة 1989 ومالكها الوحيد الدولة. ثلاثة تخصصات أساسية تتميز بها "فيروفيال"، يتعلق الأمر بالصناعة الميكانيكية والمعدنية وتحويل الحديد، بطاقة إنتاج تعادل 300 قاطرة سنويا و2000 خلاط سنويا و10 مراكز لإنتاج الخرسانة سنويا ومنتجات حديدية محولة بطاقة 1000 طن سنويا، من أجل الاستجابة لمتطلبات الاندماج في صناعة القاطرات وكذا تلبية احتياجات قطاعات أخرى، مثل الفلاحة والأشغال العمومية، حيث أن هذه الأخيرة استفادت من إنتاج "فيروفيال" فيما يتعلق بالخلاط بسعة 750 لتر وفي مراكز إنتاج الخرسانة بحجم 14 مترا مكعبا في الساعة، فضلا على مختلف شاحنات النقل الكبيرة.الخبرة الطويلة التي اكتسبتها المؤسسة الوطنية سمحت لها بتنويع منتجاتها، ولعل الكثيرين يجهلون أن "فيروفيال" تنتج عدة أنواع من القاطرات والعربات، كل واحدة منها متخصصة في نقل سلع وبضائع معينة، على غرار نقل الفوسفات أو نقل المعادن أو الحبوب أو الإسمنت أو من نوع "الفورقن" أو لنقل التجهيزات الخاصة الثقيلة، أو تلك المخصصة لنقل المياه، أي الصهاريج، أو الحاويات والمغطاة والمسطحة والقاطرات الخاصة بجر العربات أو المسماة بعربة "بوجي" المتخصصة في مساعدة القاطرة على اجتياز المسالك المنحنية، وغيرها من أنواع العربات والقاطرات التي تؤدي كل واحدة منها وظيفة خاصة ومتميزة ويناهز عدد الأنواع فيها ما يقارب 18 نوعا. الحصيلة الإجمالية لتجربة التصدير لدى مؤسسة فيروفيال تشير إلى أن العراق والغابون وألمانيا الشرقية، سابقا، والاتحاد السوفيتي سابقا أيضا، كانوا من بين أبرز الزبائن للمؤسسة الوطنية في توريد القاطرات والخلاط لهذه الدول. كما أنه وفي نفس السياق شاركت "فيروفيال" في مناقصات دولية من سوريا وتونس ومالي والمغرب وموريتانيا، لكن تجربة التصدير لم يكتب لها الاستمرارية منذ حوالي عشر سنوات، على الرغم من أنها كانت تشتغل في هذا السياق في ظروف أكثر صعوبة. وعندما لم تكن البلاد تتوافر على موارد مالية هامة بنفس الحجم الموجود حاليا، والذي كان يفترض أن يستغل في تنمية القطاعات ذات الأولوية ولاسيما في القطاع الصناعي، مادامت القاعدة الصناعية لاتزال موجودة في بعض الأنواع الحيوية والمدرجة في إطار الصناعة الثقيلة التي كانت في وقت ذهبي مضى تمثل فخرا وذخرا للبلاد وإحدى الدعائم الأساسية للتنمية الصناعية. مؤسسة "فيروفيال" التي يحدوها أمل في أن تواكب التطور الهام الذي عرفه قطاع النقل على المستوى الوطني والخارجي، تسعى إلى توسيع نشاطها لتلبية الحاجيات المتنامية في كل ما يتعلق بالمعدات والتجهيزات، لاسيما وأن التقييم الحالي للطلب على نقل المسافرين يشير إلى ارتفاع معدل النمو ب18 من المائة، في الفترة الممتدة ما بين 2010 و2014 ليبلغ إجمالي المسافرين 84 مليون نسمة خلال السنة الجارية، بينما ينتظر أن يبلغ معدل نقل البضائع نسبة نمو تقدر بأكثر من 80 من المائة أي 13 مليون طن في غضون نفس الآفاق، أي 2014، لاسيما ما يتعلق بالمنتجات النفطية والمنجمية والفوسفات والاسمنت وأخرى متفرقة تستعمل عربات، خاصة أو تلك المكيفة. وفيما يبدو فإن المؤسسة، ومن خلال ما تتوافر عليه من أنواع مختلفة من العربات، استطاعت تلبية الحاجيات الوطنية فيما يتعلق بنقل البضائع. بينما تنوي تطوير، على المدى المتوسط، المحور المتعلق بالقاطرات وجرارة القاطرات وكذا مركبة المسافرين وعربة السكة الحديدية.عدة أهداف أساسية وضعتها المؤسسة الوطنية من أجل بلوغها في إطار برنامج تطوير صناعة السكك الحديدية، يتعلق الأمر بالمحافظة على دورها الريادي في القطاع من خلال تحسين الإنتاج وتطوير أنواع أخرى من العربات بسعة أكبر، بحثا عن اقتحام الأسواق الأوروبية والمغاربية والشرق الأوسطية. فضلا عن تطوير أساليب الصيانة وإعادة تأهيل العربات والقاطرات التي تجر المركبات، وذلك مع كل من الشركة الوطنية للنقل بالسكة الحديدية ومتعاملين اقتصاديين محليين آخرين، وكذا المساهمة في المشاريع الصناعية الوطنية بصفتها الموردة لقطع الغيار بمختلف أصنافها، وإدماج أنواع أخرى من المنتجات بالشراكة مع ذوي الاختصاص العالميين في مجال التكنولوجيا التي تتطلبها الأصناف الحديثة في إطار مشاريع الترامواي، والتي تمثل الحاجيات الأساسية لشركة النقل بالسكة الحديدية. تعول "فيروفيال" على البرنامج الاستثماري المعد في إطار التطهير المالي الذي استفادت منه قبل سنوات لجعل المؤسسة قطبا صناعيا بامتياز في منطقة عنابة، يسمح لها بأن تكون المورد الأساسي لكل ما يتعلق بسوق العربات وما يرتبط بالتزود بالمعدات الخاصة بالسكة الحديدية على المستوى المحلي وكذا مورد معترف به في الأسواق المجاورة. وفي ظل المنافسة الدولية الشرسة في هذا الميدان، فإن المؤسسة الوطنية قدرت الاحتياجات التي يمكن تلبيتها في ذات الأسواق المجاورة ب300 إلى 400 عربة في السنة، في انتظار تجسيد المخطط الاستثماري الذي تتركز أهم محاوره في التكوين وتعميم استعمال الإعلام الآلي وتحديث تجهيزات الإنتاج والمراقبة والأخذ بعين الاعتبار كل ما يرتبط بالجودة والنوعية في إطار المعايير الدولية، من أجل العودة إلى مفهوم المردودية وذلك بمساعدة قوية من طرف الدولة وكل من له علاقة بالقطاع لتحقيق الاندماج في هذا النوع من الصناعة.