عرفت البطالة منحى تنازليا منذ سنة 2000 بعد اعتمادها على مقاربة اقتصادية من خلال آليات تسمح باستحداث عدد من مناصب الشغل، وذلك مع المحافظة على مناصب الشغل الموجودة، حيث انخفضت من 29، 7 بالمائة إلى 9، 8 بالمائة سنة 2013، بالرغم من ان سوق العمل لا يزال متأثرا بالنسبة العالية للبطالة التي تمسّ خصوصا، فئة طالبي الشغل لأول مرة. ويعتبر ذلك انجازا حققته الجزائر، وهي تقترب من النسبة التي أوردتها المنظمة الدولية للعمل التي تشير إلى أن النسبة الإجمالية لبطالة الشباب 12.6c/o سنة 2013، كما تشير التوقعات بالنسبة لسنة 2014، إلى بلوغ نسبة عالمية تصل إلى 12.7c/o، وذلك رغم الآفاق الجيّدة للنمو الاقتصادي على المدى المتوسط. وتترجم هذه النتائج، المجهودات المبذولة والتي تضاعفت بشكل كبير، ونشير إلى أن الحكومة صادقت وشرعت بداية من سنة 2008، في تنفيذ مخطط عمل لترقية التشغيل، الذي أصبح في قلب سياسة التنمية، ويشكل أحد أولويات الحكومة، والذي يرتكز على مسعى براغماتي يأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات الحقيقية للاقتصاد الوطني، كما اتخذت سنة 2011، قرارات هامة ترمي إلى تحفيز إنشاء مناصب الشغل وتشجيع التوظيف، لاسيما للشباب طالبي الشغل لأول مرة. كما عمدت الحكومة لاستدراك النقائص والاختلالات في مجال التشغيل، إلى استحداث جهاز جديد لدعم الشغل المأجور، يهدف إلى تعويض الجهاز الحالي للمساعدة على الإدماج المهني الذي سيتم توجيهه أساسا إلى القطاع الاقتصادي العام والخاص، من خلال توحيد عقود الإدماج وعقد العمل المدعم، من أجل الوصول إلى عقد واحد للعمل الذي يطلق عليه «عقد العمل الأول للشباب»، بحيث يكون متطابقا مع تشريعات العمل ومأجورا على أساس أجر المنصب مع تغطية اجتماعية موسعة، بمساهمة مباشرة للخزينة العمومية في أجر المنصب، تختلف حسب مستوى التأهيل والمستوى التعليمي. بالموازاة مع هذه التدابير، تم الشروع في إدخال المزيد من المرونة والتسهيلات في الإجراءات المتعلقة بالوساطة في سوق العمل، بهدف تحسين آجال الاستجابة لعروض التشغيل التي يقدمها المستخدمون ورفع معدّل تنصيب طالبي الشغل، مع الحرص على الالتزام بالإطار القانوني الذي يُنظم تسيير وتنظيم سوق العمل . تتمثل هذه التدابير في تقليص آجال الإجابة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل، بحيث تنتقل من أجل أقصاه 21 يوما إلى 72 ساعة على أقصى حدّ، تمديد فترة تجديد الحضور الشخصي لدى مصالح الوكالة، من أجل إعادة التسجيل ليصبح 06 أشهر بدل 03 أشهر، تعزيز الشفافية في سوق العمل، بفضل الإعلان الواسع عن عروض العمل والتنصيبات المنجزة وطلبات الشغل، تعزيز الرقابة واتخاذ التدابير القانونية في حق المخألف ات لتشريع العمل، لاسيما الشغل غير المصرح به. يجدر التذكير في هذا السياق، أنه ما بين سنوات 1990 و1997، تضاعفت نسبة البطالة لتمس خاصة فئة الشباب من طالبي العمل لأول مرة وقد وصلت هذه النسبة في سنة 2000 إلى مستوى 30% من مجموع السكان النشطين لتجعل من الجزائر آنذاك، أحد البلدان الأكثر تعرضا للبطالة في العالم. وقد سمح إدخال التدابير التحفيزية لفائدة الاستثمار والمؤسسات المُحدثة لمناصب الشغل، منها جهاز دعم وتطوير المبادرة المقاولاتية الذي ساهم بشكل كبير في إدماج الشباب، لاسيما من خلال جهاز الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب التي تم إنشاؤها سنة 1997. أما الجهاز الثاني، الذي وضع سنة 2004 لدعم استحداث النشاطات على مستوى الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، فهو موجه لطالبي العمل الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و50 سنة، وهو جهاز يخضع لنفس قواعد سير جهاز الوكالة، أي على أساس تمويل ثلاثي الأقطاب (الصندوق + البنوك + صاحب المشروع) ويختلف عن جهاز الوكالة في كونه يمول المشاريع من موارده الخاصة وليس من موارد عمومية، وتشير الحصيلة بالنسبة للجهازين مجتمعين منذ انطلاقهما إلى غاية اليوم إلى تجسيد أزيد من 360.000 مشروع مصغر في مختلف مجلات النشاط (فلاحة، الصناعة الصغرى، الخدمات...). يجب الإشارة، إلى أن هذا التحسّن في وضعية التشغيل ناتج أساسا عن الإنفاق العمومي والمجهود الكبير الذي بذلته الدولة في الاستثمار من خلال مختلف برامج التنمية التي تمّ الشروع في تنفيذها بداية من سنة 2001، وهي البرامج التي سمحت بتسهيل تنفيذ العديد من المشاريع المتوقفة وإطلاق ورشات كبيرة، لاسيما على مستوى قطاعات البناء، الأشغال العمومية، الري والفلاحة وهي قطاعات ذات كثافة عالية لليد العاملة. هذا التحسن الأكيد للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية منذ بداية سنوات 2000، رافقه انخفاض محسوس لنسبة البطالة سنة بعد سنة، يبقى أنّ استمرار تحسن هذه المؤشرات، خاصة على مستوى بطالة الشباب، يجب أن يتمّ على أساس استثمارات المؤسسات العمومية والخاصة في سياق بناء اقتصاد إنتاجي متحرّر من التبعية تجاه المحروقات، اقتصاد مُحدث للثروة ولمناصب الشغل. وقد سجّل جهاز المساعدة على الإدماج المهني نتائج إيجابية، حيث سمح خلال ألف ترة 2010 – 2013، بإنشاء ما يقارب 1.300.000 منصب شغل بعنوان المساعدة على الإدماج من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل.