أكد البنك العالمي الحالة الصحية الاقتصادية المالية للجزائر رغم الأزمة العالمية التي تطغى بثقلها على مختلف الدول ولا أحد بمنأى عنها. واستند في تقريره حول الجزائر إلى المؤشرات الايجابية التي سجلت بالبلاد في خضم العام الماضي والإيرادات المحققة التي تجعلها بعيدة إلى حد ما من انعكاسات الأزمة المالية في القريب العاجل . وقال البنك الذي أعطى حصيلة انجازات الجزائر خلال سنة ,2008 أن البلاد في وضعية مريحة لمواجهة تداعيات الأزمة. ساعدتها بالإضافة إلى أسعار المحروقات المرتفعة إلى مستوى قياسي في مرحلة سابقة بالغة عتبة 150 دولار للبرميل، السياسة الوطنية التي تشدد على صرامة النفقات ورشادتها وتدقيق المشاريع وإنجازها في اجلها وكلفتها. وهي سياسة ذكر بها الرئيس بوتفليقة في كل خرجة ميدانية رافضا بالمطلق إعادة التقييم والدراسة المكلف للخزينة العمومية. وذكر البنك العالمي في تقريره حول الأفاق الاقتصادية للعام الجديد ،الذي يدرس فيه تداعيات الأزمة المالية على الناتج الداخلي الخام والنمو، أن الجزائر تستمر في تسجيل النمو المستقر وتحقق النتائج المسجلة على مدى السنوات الأخيرة . وعززت نفسها في هذا التحول الايجابي بعدما اتخذت قرارات جريئة غايتها التخلص من التبعية الخارجية في تمويل المشاريع والبرامج. وهي قرارات أملتها الضرورة بوجوب الاعتماد على الذات وكسر التبعية لهيئات التمويل الأجنبية المرفقة بشروط ترهن السيادة والقرار الوطني المستقل . وأهم القرارات وأكثرها قوة وقيمة، تسديد الديون الخارجية التي كانت في مستوى من القلق والانشغال الكبيرين. وتقرر التخلص منها بأسرع ما يمكن لإعطاء ديناميكية اكبر للاقتصاد الوطني وخطط الانجاز ومؤسساته. وحسب الأرقام سجلت الجزائر نموا متزايدا منذ العام الماضي بنسبة 9,4 بالمائة مقابل 1,3 بالمائة العام الذي سبقه.وقدر النمو خارج المحروقات نسبة 6 في المائة لاسيما في مجال البناء والخدمات المرتبطة بمشاريع المنشآت القاعدية . وانطلاقا من أداء الاقتصاد الوطني والإيرادات المسجلة لم تتأثر الجزائر بالأزمة العالمية في القريب العاجل بحكم خصوصية البلاد المتمثل في عدم احتوائها على اقتصاد منتج للثروة والقيمة المضافة عدا الريع النفطي، وكذا انعدام بها بورصة قيم كبرى تمر من خلالها المبادلات والصفقات استثنائيا . وتضاف إلى هذه الخصوصية،الإيرادات الجزائرية المريحة جراء ارتفاع أسعار النفط في مرحلة سابقة محققة وفرة في غاية الأهمية.تترجمها حالة احتياط صرف قيمته 140 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، مسجلا نسبة زيادة معتبرة ب 30 مليار دولار عن مبلغ السنة ما قبل الماضية. ولا ننسى الناتج الداخلي الخام الأسمي للجزائر المسجل ب 9,175 مليار دولار العام الماضي بدل 8,101 مليار عام .2005 وهي نفس الوتيرة المسجلة على مستوى الناتج الداخلي الخام حسب الفرد حيث عرف ارتفاعا ملحوظا يحسب للبلاد لاعليها. وقدر البنك العالمي الناتج الداخلي الخام حسب الفرد ب 5097 العام الماضي بدل 1,3096 دولار، ثلاث سنوات مضت. ومع ذلك لا بد من الحذر الشديد تجاه الأزمة التي تصيب الجزائر على المدى المتوسط والبعيد وخاصة إذا تمادت أسعار المحروقات في الانخفاض، وما تحدثه من تراجع أكيد في الإيرادات وتمويل المشاريع المختلفة التي تبقى تعتمد بصفة كلية على الميزانية. واكبر تحد للجزائر على الدوام كيف السبيل لبناء اقتصاد وطني متنوع متعدد المشرب والتخصص، يرفع من حجم التصدير خارج المحروقات إلى مستوى يؤمن مداخيل البلاد ولا تبقيها عرضة لخطر اهتزازات السوق النفطي . ويظهر هذا التحدي أكثر قوة في ظل بقاء المحروقات تسيطر على صادرات الجزائر بنسبة 98 في المائة. وهي معادلة صعبة في ظل بقاء التصدير خارج المحروقات محتشم لا تتعدى إيراداته 02 مليار دولار رغم تدابير الدعم والتحفيز والإغراءات المتعددة الأشكال . ------------------------------------------------------------------------