ثورة حقيقية تشهدها إجراءات كيفية استخراج وثائق الحالة المدنية عبر كامل مصالح البلديات والدوائر وملحقاتها، ونعني بذلك كل تلك الأوراق لتشكيل ملفات معيّنة، أو التي لها علاقة مباشرة بالبطاقة الرّمادية أو رخصة السياقة أو جواز السفر وغيرها. اليوم يكفي أن تقدّم للعون رقم شهادة ازديادك، وفي لحظات تأخذ كل أوراقك، مستفيدا من الوقت الكبير الذي كان يضيع في طوابير الشبابيك لساعات طويلة جدّا، الموظف يبدي ضجرا من الضّغط الذي هو عليه، والمواطن يأمل في الذهاب فورا، لكن تناسى بأنّ الذي أمامه يعمل بالقلم ويستعين بالدفتر العائلي، ممّا يدخل الجميع في حالة نفسية صعبة، ناهيك عن المناوشات اليومية والمشادات وغيرها من المظاهر السّلبية. هذه الممارسات التي طالت وطبعت مسارا طويلا، أصبحت في حكم الماضي وحلّت محلّها مقاربة جديدة، تعتمد على نظرة واقعية وهي التوجه مباشرة إلى صميم المشكل أي المتابعة الميدانية، باستحداث تغييرات جذرية في العلاقة بين المواطن والإدارة تكون مبنية دائمة على الراحة النفسية، تكون في خدمته اليوم وغدا. وعليه فإنّ هذه الحيوية الجديدة ما هي إلا ترجمة لحرص السلطات العمومية على إدراج تسهيلات لا مثيل لها في استخراج وثائق الحالة المدنية، وتطهير هذا القطاع تطهيرا كاملا من كل أشكال البيروقراطية القاتلة التي تعطّل مصالح المواطنين. وقد شعر أو لمس المواطنون هذا التحوّل الكبير في هذا العمل من خلال الاستعانة بالإعلام الآلي بشكل واسع مما أدى إلى ارتياح في أوساط المواطنين، الذين لم يعد هذا الأمر هاجسا بالنسبة لهم. والأكثر من هذا، فإن هذا التوجه يزداد تجذّرا عبر كامل الولايات، أي إدخال المزيد من الإعلام الآلي في المصالح المتكفّلة بالحالة المدينة، ولا يتطلب من أي شخص الذهاب إلى مسقط رأسه من أجل ورقة معينة، بل تستخرج له في الحين، هذا ما ينطبق على كل الوثائق الأخرى التي لها صلة بملفات السيارات وبطاقة التعريف وجواز السفر، بالإضافة إلى تمديد ساعات العمل إلى ما بعد الرابعة مساءً. هذا كله من أجل توفير مناخ محترم ومطمئن للمواطن في التعامل مع أوارقه وهذا ما يسجل في الوقت الراهن، لقد تغيّر الوضع رأسا على عقب في شبابيك الحالة المدنية، ففي لحظات أو دقائق معدودة يتحصّل المرء على كل وثائقه المطلوبة. وبالتوازي مع ذلك، فإنّ هناك عملا جاريا من أجل تقليص أو بالأحرى إزالة الأخطاء غير المتعمّدة التي تظهر من حين لآخر، دون مطالبة أصحابها بالذهاب إلى العدالة لتصحيحها إلا في حالات خاصة تتجاوز ذلك المستوى. ومثل هذا الأمر يستدعي الكثير من التحسيس لدى أعوان مصالح الحالة المدنية بالبلديات الذين في كثير من الأحيان يدخلون في نقاش حاد مع المواطنين من أجل حرف زائد أو ناقص. والحديث لا يكون في هذا السياق على الجزئيات بل على المسعى العام الذي يؤكّد على تلك الإرادة القوية والقناعة التامة، والرغبة المتوفّرة من أجل أن تكون هناك سياسة ثابتة أو بالأحرى استراتيجية بعيدة المدى، ومخطّط واضح بخصوص الحالة المدنية.