جاؤوا من عدة ولايات لعرض منتوجات تقليدية أتقنتها أناملهم متحدية الصعاب وغلاء أسعار المواد الأولية والمنافسة غير الشريفة التي تفرضها سلع مستوردة متدفة على السوق الجزائرية من مختلف أصقاع المعمورة. تحدى هؤلاء المحيط العدائي الذي ينشطون فيه جاعلين من المتاعب قوة إبداع وأرضية انطلاق نحو النجاح والارتقاء بمد جسور اتصال مع الجمهور المستهلك مباشرة دون وساطة. «الشعب» توقفت عند نشاطهم وترصد تطلعاتهم وآرائهم في المهنة في هذا الاستطلاع.120 حرفي يعرضون منذ الخميس بقصر المعارض بالصنوبر البحري، منتوجات مختلفة مصنوعة من فخار، نحاس وحلي تقليدية تبهر الناظرين، وقد أكدوا من خلال تصريحاتهم ل «الشعب» أنه لا وجود لكلمة مستحيل أمام الإرادة في تحقيق الذات، مطالبين بمزيد من الدعم لتوسيع مشاريعهم التي جسدوها في إطار القرض المصغر ، لترقية المنتوجات الحرفية . أكّد الحرفيون ل « الشعب» خلال استطلاع بالصالون الوطني للنشاط المصغر الذي اتخذ شعار «القرض المصغر، أداء للتلاحم الاجتماعي»، أن ترقية السياحة تتطلب ترقية المنتوج الحرفي، وإخراجه من النطاق المحلي للمساهمة في الترويج للوجهة الجزائرية . ذكر بهذا الطرح الحرفي منير دروين من ولاية سطيف، الذي يعرض أواني وحلي نحاسية مصنوعة باليد، قال لنا: «استفدت من قرض من الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، بقيمة 30 ألف دج، وقد كديت وتعبت في تجسيد مشروعي، واستطعت بإرادة فولاذية أن أجسد أفكاري، ولم يمنعني الكرسي المتحرك الذي أجلس عليه (مصاب بإعاقة حركية) من تحقيق ذاتي، وإبداع منتوجات في غاية الجمال، من خلال صناعته ونقشه على النحاس». وذكر منير من خلال حديثه أنه يشغل في ورشته المتواضعة 7 عمال من بينهم عاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثيرا مشاكل تواجهه منها صعوبة الحصول على المواد الأولية، التي يلجا إلى اقتنائها من الأسواق، فهو يشتري الأواني النحاسية القديمة بثمن بخس ويعيد تذويبها، لإعادة تشكيلها حسب الفكرة التي جالت في مخيلته. وأشار منير لنا بأنه يطالب بدعم لتوسيع مشروعه، والمساهمة كما قال في خلق مناصب عمل في ولايته التي يعاني فيها عدد كبير من الشباب من البطالة. وغير بعيد دخلنا إلى جناح آخر فوجدنا فيه شابا في الثلاثينات من عمره، صاحب مؤسسة مصغرة تنشط في مجال تحويل التمور والتعليب، ويتعلق الأمر بالحرفي «عبد الحق اوسيف بديدة» الذي أتى من ولاية الوادي ، استطاع أن يحقق مشروعه وإنتاج معجون التمور والمكسرات، الذي يعرف طلبا كبيرا على المستوى المحلي والخارجي. قال عبد الحق في سرد مسيرته الحرفية: «استطعت تجسيد مشروعي بعد أن استفدت من قرض بقيمة 250 ألف دج، شغلت 10 عمال، تمكّنت من تسويق منتوجي خارج الحدود، أنا أصدر حاليا إلى كندا، بعد أن طورت المنتوج وشكلت منه كريات صغيرة تشبه الشوكولاطة المستوردة من الخارج، حيث تتراوح الكميات المصدرة ما بين 20 إلى 30 قنطارا». للمرأة مشاركة فعالة في هذا الصالون، حيث عرضت ملابس تقليدية لمختلف مناطق البلاد، عاصمية وغيرها، في محاولة لإعادة بعث التقاليد والحفاظ على التراث من الاندثار في ظل غزو الملابس العصرية الجاهزة. من النساء العارضات السيدة حورية ايتيم صاحبة ورشة لصناعة الحلي من المرجان الأحمر (حيوان بحري) بولاية الطارف. وقد احتوى الجناح المخصص لهذه السيدة التي تعمل منذ سنوات طوال في ورشتها مع زوجها الذي يمارس حرفة النقش على المرجان، وتشغل فتاتين لمساعدتها على تنقية المرجان، وثقبه لتمرير الخيط الرفيع والمتين في نفس الوقت، لصنع حلي تبهر كل من تراها. قالت حورية لنا: «استفدت من قرض بقيمة 100 ألف دج لتجسيد مشروعي، استطعت بإرادتي أن أوصل منتوجاتي إلى خارج البلد، حصلت على جوائز معتبرة، حيث نلت في البحرين الجائزة الثانية، عرضت عقدا مصنوعا من المرجان، وقد تفننت في صنعه لدرجة أني أثرت إعجاب الحاضرين، وقد مثلت الجزائر أحسن تمثيل». وبالرغم من تمكنها من فرض ذاتها، إلا أن العارضة ايتيم تواجه مشكلة نقص المادية الأولية (المرجان الخام) لصناعة الحلي وبعض التحف من المرجان. وقالت ايتيم أنها تنتظر بشغف كبير إعادة إطلاق عملية صيد المرجان شهر مارس المقبل، حتى تضمن توفير المادة و لا تتعرض لوقف نشاطها في كل مرة تواجه فيها قلتها أو انعدمها في السوق.