المديرية العامة للأمن الوطني توقع اتفاقيات تعاون في مجال التكوين مع عدد من الهيئات الوطنية    افتتاح الخط الجوي الجزائر-أبوجا : إنجاز جديد لتعزيز روابط الجزائر بعمقها الإفريقي    مواي طاي (بطولة افريقيا- 2025- أكابر): مشاركة 12 مصارعا في موعد ليبيا المؤهل إلى الألعاب العالمية- 2025 بالصين    المدية: إصابة 14 شخصا بجروح إثر إنقلاب حافلة بالسواقي    خطر الموت يُهدّد مليون طفل في غزّة    عرقاب يستقبل البروفيسور كريم زغيب    تخصيص 100 هكتار لزراعة دوار الشمس    مولوجي تستقبل بوراي    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    بللو يُثمّن سير ترميم المخطوطات في الجزائر    الشباب يستعيد الوصافة    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    سوناطراك تتفق مع الشريك الأمريكي بيكر هيوز    انطلاق أشغال مؤتمر "الجزائر المتصلة 2025"    3 قتلى في حوادث مرور    نريد تهدئة التوتّرات مع الجزائر    زعلاني: فرنسا ملزمة بتنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان    فيلم الأمير.. ورهان الجودة    ورشة تكوينية حول الإنابات القضائية الدولية والتعاون الدولي بالجزائر العاصمة    اتفاقية تعاون بين جامعة "عبد الحميد بن باديس" لمستغانم وجامعة "فريديروكو 2" لنابولي الإيطالية    رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين بأوروبا تدعو إلى تقوية الجبهة الإعلامية لإيصال صوت الشعب الصحراوي الى بقاع العالم    الخارجية الفلسطينية تطالب باتخاذ تدابير فورية لوقف حرب الإبادة وجرائم قوات الاحتلال الصهيوني    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    غزة: ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء إلى 210 منذ السابع من أكتوبر 2023    الجيش..عيون ساهرة على صون السيادة الوطنية    تبادل الآراء مع كافة أطياف المجتمع المدني    رفح.. المدينة التي محاها الاحتلال من الخارطة    المغاربة ينتفضون ضد التطبيع ويندّدون بمحرقة غزة    أيام سيرتا للفيلم القصير بقسنطينة: تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أبريل    جمعية العلماء المسلمين تدعو إلى وحدة الصف لنصرة فلسطين    تراجع كميات الخبز المرميّ بعلي منجلي    ما يحدث في غزّة إبادة جماعية    الشبيبة تقفز إلى الوصافة    رحلات بحرية إضافية نحو مرسيليا    استئناف رحلات قطار الجزائر- تونس    الجزائر ومنظمة الصحة تتفقان    هكذا يكون الرجوع إلى النظام الغذائي العاديّ    47 مؤسسة تربوية و51 مطعما تسلَّم قريبا    بن يحيى: قادرون على قلب الموازين وسنقاتل أمام أورلاندو    عرض أوروبي مغرٍ لقندوسي وسيراميكا متردد    محرز يتضامن مع غزة ويطالب بوقف حرب الإبادة    تركيز الاهتمام على السينما الفلسطينية    متحف خاص يؤرخ للفن والتراث بتندوف    هذه أهم أسباب الطلاق في الجزائر    فنان الشعب وأسطورة الشعبي    حوادث المرور : مصرع 3 أشخاص وإصابة 246 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    مآثر هاتين الشخصيتين الثوريتين يحتفظ بها التاريخ لتلهم الأجيال المتعاقبة "    مستغانم: التحضير لموسم الاصطياف على قدم وساق    بحثنا سبل تنفيذ القرارات الخاصة بتطوير المنظومات الصحية    الموافقة على تعيين سفير الجزائر لدى إثيوبيا    تعاون متزايد بين الجزائر ومنظمة الصحة العالمية لتعزيز القطاع الصحي    وزارة الصناعة الصيدلانية تقرّ اجراءات تفادياً لأي تذبذب أو انقطاع دوائي    برمجة فتح الرحلات عبر "بوابة الحج" و تطبيق "ركب الحجيج"    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتماد نموذج جديد للنمو يقوم على تحرير المبادرة وترشيد النفقات
نشر في الشعب يوم 10 - 01 - 2015

يطرح أمحمد حميدوش الخبير والمحلل الاقتصادي والمالي مسألة طبيعة نموذج النمو الجديد الذي ينبغي إرساؤه في ظل تداعيات انهيار أسعار المحروقات داعيا في هذا الحوار الحصري لجريدة "الشعب"، إلى اللجوء لاتخاذ إجراءات في المتناول لتعويض عجز الميزانية بما يحقق موارد مالية دون المساس بوتيرة الاستثمار ومختلف ركائز الاستقرار الاجتماعي. كما يؤكد على أهمية اعتماد أدوات اقتصادية لضبط معادلة سوق الشغل بإعادة توجيه مسارته وفقا للاحتياجات المعبّر عنها في قطاعات خارج المحروقات مشيرا إلى أن الوضع الراهن يستدعي التزام الحذر دون السقوط مبكرا في الشعور بأن الأزمة قائمة، وان كانت بدأت تلوح في الأفق المتوسط إذا لم تتخذ الترتيبات الملائمة وبذكاء. هذه الأخيرة يمكن تجاوزها في المدى المتوسط والطويل وفقا لإتباع نمط تسيير يقوم على إدماج الكفاءات وتحرير المبادرات وترشيد النفقات العمومية باللجوء إلى رد الاعتبار للتحصيل الضريبي ومعالجة الاقتصاد الموازي وتثمين العمل. وفيما يلي مضمون الحوار كاملا:
"الشعب": في ضوء التقلبات التي تعرفها سوق النفط وانعكاساتها على الموارد المالية للجزائر في المدى المتوسط على الأقل، كيف تشخص الوضعية الراهنة وهل بالإمكان مواجهة تداعياتها وكيف؟
د.أمحمد حميدوش: بداية عندما يجري الحديث عن التقلبات التي تعرفها أسواق المحروقات لا يجب السقوط في تسويق خطاب تهويل وبث الريبة في الساحة الاقتصادية وبالتالي التشويش على مناخ الاستثمار. ومن المفيد النظر لتقلبات الأسعار البترولية من زاوية أثرها على التجارة الخارجية من حيث معادلة احتياطي الصرف بالعملة الصعبة. حول هذا الأمر المؤكد انه بالإضافة إلى رصيد الاحتياطي الموجود حاليا فإنه مع إمكانية تراجع سعر البرميل من النفط إلى 30 دولارا، فإن للجزائر موارد تضمن تغطية احتياجات 6 سنوات ولذلك فالبلاد ليست في قلب أزمة، إنما تواجه مؤشرات تتطلب اليقظة مبكرا. فبامتلاك 185 مليار دولار احتياطي من السيولة بالعملة الصعبة ووفقا للقاعدة المالية (كل دولار ينتج عشرة أمثاله) يمكن تجاوز أي خطر محتمل. ففي دولة الإمارات مثلا يتم بناء على الأقل 200 ناطحة سحاب بمعدل مليار دولار للواحدة لتحقق من خلالها موارد مالية هامة، أريد القول أن الظرف يفرض إدراج كفاءات بشرية في الأسواق المالية تكون مؤهلة لتوظيف الموارد المالية اقتصاديا كما في قطاع البناء، بوضع نظام توفير مالي يجلب الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع وإنشاء سوق عقارية جذابة. يوجد ميدان آخر يمكن استغلاله هو سوق العملة بإمكانية توفير حوالي 3 ملايير دولار من خلال إحداث بورصة مالية وفي سنة واحدة يمكن كسب بنسبة 10 بالمائة تعادل 300 مليون دولار.
بالتأكيد التقلبات التي أشرت إليها في السؤال تدفع إلى الوقوف عند ميزانية الدولة التي تبقى أكبر مشغل بأكثر من 2 مليون موظف، فهي تحتاج إلى سعر 40 دولارا للبرميل لتواصل ديناميكيتها وضمان سيرورة الدولة وبهذا المعدل لا تتعرض لأي خلل بما في ذلك تمويل الدعم والتحويلات الاجتماعية. غير أن الإشكال يبقى على مستوى ميزانية التجهيز التي تحتاج إلى سعر بين 50/60 مليار دولار سنويا وطيلة 5 سنوات. ولمواجهة الوضع يتم اللجوء إلى موارد صندوق ضبط الإيرادات الذي يتوفر على 50 مليار دولار فيتم سحب 10 مليار دولار منه كل سنة. ويتدعم هذا الإجراء باعتماد تقشف وحوكمة ومكافحة سلوكات التبذير في بعض النشاطات مثل الملتقيات والندوات والمهمات التي تستنزف بالحد من تلك الضرورية وإلغاء الروتينية منها، وكل هذا العمل يوفر ما لا يقل عن 5 مليار دولار من ميزانية التجهيز. يوجد عمل كبير ينبغي انجازه لمواجهة الاحتياجات على صعيد تحصيل عائدات الرسم على القيمة المضافة التي تقدر بين 5 إلى 10 مليار دولار ويلزم القانون بالتصريح بها شهريا مما يعني إمكانية الوصول إلى مصادرها بيسر عكس الضرائب الأخرى. كما أن تراجع قيمة الدولار مقابل الدينار في الآونة الأخيرة يوفر ما يعادل 7 مليار دولار للميزانية. ويمكن اللجوء أيضا لإطلاق برنامج خوصصة 20 بالمائة من رأسمال المؤسسات التي تعاني من النجاعة عن طريق البورصة وتحصل بذلك على ما يعادل 10 مليار دولار علما أن هناك قائمة لحوالي 40 مؤسسة مدرجة في هذا المسار منذ أن كان كريم جودي وزيرا للمالية. كما تحقق مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من 3 إلى 10 مليار. كل هذا الجهد في عمق الجهاز الاقتصادي يقود إلى الضغط على عجز الميزانية فلا يتعدى 3 الى 7 ملايير دولار وحينها يمكن للدولة اللجوء إلى طرح سندات متوسطة وطويلة الأجل لبلوغ درجة ميزانية بصفر عجز.
يبقى المشكل في نسبة النمو والدخل الوطني الخام كون ثلثه من مداخيل البترول وبالتالي تكون لأسعار المحروقات تأثيرات على النمو وبالتالي على مداخيل الأسر، أي بصورة أخرى تأثير على الإنتاج والشغل ليبقى السؤال مركزا على نموذج النمو الواجب إتباعه؟.
في ظل هكذا وضعية، ما هي برأيك الخيارات الممكنة للرهان عليها والتي يمكن أن تستفيد من الطاقة لبناء اقتصاد متنوع يبعد أي صدمة مالية أو يقلل من تأثيراتها على النمو؟
الخيارات في هذا الظرف تتطلب "دولة ذكية"، ويقصد الذكاء بالمفهوم الانجليزي بمعنى توفير المعطيات ووضع المعلومة في المتناول حتى يكون لصاحب القرار الاقتصادي عدة توجهات فيختار الأفضل منها وبالتالي تفادي حتمية اختيار "أحسن أسوأ قرار". الدولة الذكية تعني أن الوقت حان لأن تفهم الدوائر الوزارية المختلفة واقع السوق وبالتالي فهم هوامش الربح، أي القدرة على تحديد نقاط القوة والضعف ليس بالمعنى الإداري الذي يحمل فجوة مع الواقع، وليس بإيجاد حلول تتضمن إجراءات لا يمكن تقدير نفعها وضررها. المهمة الأولى أن يدرك القائمون على دواليب الاقتصاد تحديد القطاعات الإستراتيجية التي تقتضي حماية وتلك التي تتطلب الشراكة وتحويل التكنولوجيا من خلال آلية "المداعبة وتقنيات الاستحواذ" من خلال الدخول في استثمارات بالخارج مع شركات ذات تكنولوجيات عالية وتنتجها لامتلاك الخبرة. وفي مجال النظام الضريبي ينبغي التوجه إلى إحداث تمييز ايجابي بين القطاعات المنتجة والقطاعات التجارية ذات الربحية المرتفعة وتلك التي تعيش على المضاربة والنشاطات الموازية وان يكون هامش الربح أقل من 9 بالمائة ليدفع بالرأسمال الوطني للاستثمار في قطاعات منتجة مع التزام صرامة بخصوص التعامل مع القيمة المضافة التي يصرح بها المتعامل الاقتصادي في ال 20 من كل شهر علما أن عدم التصريح بها أو الغش فيها يترتب عنه تبعات جزائية فتكون من اختصاص النيابة العامة ولا تعد حينها مسألة إدارية. وهذا معمول به في أمريكا كون التلاعب بالقيمة المضافة جريمة اقتصادية. ومن شأن هذا أن يرد الاعتبار لوظيفة مراقب الحسابات ومالية المؤسسات الاقتصادية كافة بالتزام الدقة والجدية والشفافية تجاه الدولة. كما من الخيارات اللجوء إلى تنازل الدولة عن بعض النشاطات الخفيفة كما في المناجم بالنسبة للتنقيب عن الذهب بتنمية إشراك الخواص في البحث وتسويق الإنتاج للمؤسسة العمومية المعنية وبالتالي تلجيم استيراد الذهب وتنمية الاحتياطي ويوصف هذا بالتنازل الخفيف ويندرج في صلب نموذج النمو الجديد.
هل حان الوقت لإعادة ضبط خارطة طريق واقعية وذات جدوى لأداوت التشغيل، بحيث ينبغي التركيز على عرض الدعم للنشاطات ذات الجدوى والمنتجة للقيمة المضافة؟
بالنسبة لهذا الأمر ينبغي ضبط خارطة تشغيل واضحة ترتكز على عوامل هيكلية مثل تركيبة السكان وشيخوخة اليد العاملة وعروض العمل ومعيار الإنتاجية. ويعني هذا التحكم في منحى (بيفريدج beveridj) الذي يضبط العلاقة بين نسبة البطالة ومناصب العمل الشاغرة علما أن هناك قطاعات تعاني من قلة اليد العاملة وتتطلب هذه الحالة مرافقتها بالتكوين والتأهيل المهني مع قياسها بمؤشر عدم فاعلية الكفاءات (skill mismatch index) وهو مؤشر يقارن السكان الفاعلين ونسبة البطالة. ويوجد أيضا منحى "فيليبس" الذي يختص بمعالجة البطالة والتضخم بمعنى قبول نسبة تضخم معينة للحفاظ على تراجع البطالة. من جهة أخرى يوجد قانون (اوكون okun) المتعلق بنسبة النمو المقابلة للحفاظ على الشغل وتخفيض البطالة (يوجد نقاش حاليا بفرنسا حول المسألة واعتبار نسبة نمو 1,2 بالمائة مؤشر لعدم وجود طلب على الشغل و أقل من 1 بالمائة تعني تلبية الطلب وأكثر من 1 بالمائة نمو تؤدي إلى إنشاء فرص عمل). من هذا كله السؤال ما هو مستوى النمو الذي يحافظ على مستوى التشغيل أو النسبة التي تزيد منه ويؤدي هذا إلى تحديد القطاعات المنشئة أكثر لمناصب العمل. وخلاصة القول إذا أردنا نموذج نمو جديد يهتم بالتشغيل يجب اعتماد العمل بقانون (اوكون) المشار إليه. والسؤال الجوهري ما هي الإنتاجية التي نحققها ونخسرها سنويا في كل قطاع اقتصادي في ظل توجه جديد للتشغيل في آفاق سنة 2030 والتحضير لذلك يبدأ اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.