في إطار القوافل العلمية للثلاثي الأول من السنة الجارية، تنظم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بالتعاون مع ولاية الشلف، ملتقى «الحواضر العلمية بولاية الشلف مدرسة مجاجة نموذجا»، وذلك على مدى يومين بداية من اليوم الثلاثاء بدار الثقافة لولاية الشلف. يعرض الملتقى مجموعة بحوث حول الشيخ محمد بن علي أبهلول، الفقيه المرابط، وعلماء آخرين.. كما يتطرق المتدخلون إلى علاقة النخب الدينية بالحركة الوطنية والثورة في الشلف، ومن الأسماء المشاركة: الأستاذ مولود فلاق شبرة، الأستاذ خالد بوشمة، الأستاذ بلعاليا دومة علي، الأستاذ الدكتور عبد القادر بوباية، الدكتور بن عمر حمدادو. كما سيقام نشاط جواري في المساجد والأحياء الجامعية، وبلديات ودوائر الولاية. لقد عرفت ولاية الشلف، كغيرها من مناطق الجزائر، نبوغ الكثير من العلماء العاملين، الذين قدّموا خدمات جليلة للثّقافة العربية الإسلامية عبر العصور المتعاقبة، والذين أفنوا أعمارهم في نشر الإسلام وتقريب مبادئه وقيمه إلى أبناء جلدتهم. على هذا الأساس تمّ اختيار «مجاجة»، التي مثلت مركز إشعاع في فترات معينة، إشعاع امتد تأثيره إلى كافة مناطق البلاد، حيث كانت مركز استقطاب علمي وحضاري، وقبلة طالبي العلم من كل الربوع، ويعود الفضل في ذلك إلى زاويتها التي أسّسها الشّيخ سيدي امحمد بن علي أبهلول المجاجي المتوفى سنة 1002ه، والذي حدّثت بعلمه عديد المصادر، ووضعت حوله التصانيف والمؤلفات، نذكر منها «ياقوتة النسب الوهاجة في التعريف بسيدي امحمد بن علي مولى مجاجة» للعربي المشرفي، كما تبارى الشعراء في الثناء على مجاجة وأعلامها الأجلاء، ومنهم عاشور الخنقي الهاملي الذي جمع فضائل أقطابها ومآثرهم في قصيدة سماها: «طراز الديباجة المجعولة في محاسن مجاجة»، نقتطع منها البيتين الأولين اللذين يقول فيهما: الله أكبر كل الحسن في العرب وأكمل الحسن في أشرف النجب لكن أكملهم حسنا ومنقبة أشراف مجاجة في أشرف الحقب وقد وجه منظمو الملتقى الدعوة للباحثين في مختلف الجامعات الجزائرية والمراكز البحثية، والمهتمين بتاريخ ولاية الشلف عامة ومنطقة مجاجة على وجه الخصوص، لتقديم أوراقهم البحثية في أحد المحاور التي شكلت مادة الملتقى، الذي يهدف، حسب بيان الوزارة الذي تلقينا نسخة منه، إلى ترسيخ أبعاد الهوية الوطنية، وتعزيز الوعي بين الشباب بضرورة الحرص على التشبث بالثقافة الجزائرية الأصيلة، البعيدة عن الغلو التطرف والتفريط. أضف إلى ذلك تبيان مآثر حاضرة الشلف، وتنوع مدارسها الفقهية وثراء موروثها الصوفي ورباطات الجهاد بها. ومن بين الأهداف المتوخاة إماطة اللثام عن الشخصيات الفاعلة بالمنطقة، ونفض الغبار عن آثارها، وإبراز دورها في مختلف المراحل التاريخية الهامة التي عاشتها الجزائر، وإبراز علاقات التفاعل والتأثير المتبادل بينها وبين غيرها من مناطق البلاد، وعملها على الحفاظ على المرجعيات الدينية والثقافية الوطنية من خلال المصنفات التي وضعتها.. ومن جهة أخرى يهدف المنظمون إلى التمهيد لأعمال لاحقة، من خلال وضع أرضية بحث وفق أسس علمية، القصد منها جمع تراث الولاية بوصفه جزءً أصيلا من تاريخ هذا الوطن المفدى. وكذا التأسيس لثقافة استثمار الموروث الوطني في تكريس الاعتزاز بمآثر الأسلاف، ومحاربة الوافد والدخيل الذي يتنافى ومقوماتنا الوطنية. يذكر أنه قد سبق للوزارة أن نظمت ملتقيات طبعت في كتب، حول حضيرة مازونة «غليزان» و»التوات» «بسكرة» و»السطيف» و»الأبيض سيدي الشيخ» و»الساورة (بشار)» و»مشدالة (البويرة)»، وإعادة الاعتبار بالبحث والتنقيب لهذه الحواضر العلمية الجزائرية.