تؤكد جريدة «الشعب»، من خلال كتاب «من أجل جزائر وفية لتاريخها، مفتونة بالمستقبل» للبرفيسور شمس الدين شيتور، ترجمة ونشر يومية «الشعب»، التزامها بخدمة إعلامية تحمل قيمة مضافة تزود القارئ بمادة دسمة ومتنوعة تساهم من خلالها في الحركية الثقافية وتشجيع الكتابة وتثمين إبداعات النخب المثقفة. إن ترجمة هذا المؤلف إلى اللغة العربية كان الهدف من ورائه تمكين شريحة واسعة من الشباب، خاصة الطلبة الجامعيين، من الاطلاع على ما يدور في الجزائر وحولها في هذا العالم الذي لم يصبح فيه مكان لشعوب لا تتحكم في التكنولوجيات الحديثة والمتطورة. ولما كان السواد الأعظم من شباب الاستقلال لا يحسنون اللغة الفرنسية، كما لا تحسن الأجيال المولودة في الحقبة الاستعمارية اللغة العربية تماما، كان لابد من ترجمة هذه المقالات إلى اللغة العربية لتعميم الفائدة والسماح لأكبر قدر من الناس بالاطلاع على ما جاء في هذا الكتاب من أفكار وتصورات عبّر من خلالها الكاتب عن غيرته - كمثقف جزائري - على بلده وإبداء مخاوفه حول مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة في هذا العالم المليئ بالتناقضات والتنافس على السيطرة والنفوذ يسيّره منطق القوة والمصالح وغريزة البقاء والتفوق. علمتني التجربة المتواضعة مع هذا الكتاب، أن الترجمة ليست مهمة سهلة وهي عكس ما يتصور البعض، أنها عملية نقل من لغة إلى أخرى. فالواقع مغاير لذلك تماما، لأنك تجد نفسك مضطرا أحيانا إلى تقمّص شخصية الكاتب ومحاولة نقل أفكاره وفق ما تفرضه الأمانة العلمية والالتزام الفكري وليس مجرد ترجمة حرفية من خلال أخذ العبارة الفرنسية والبحث عن مرادفها باللغة العربية وهذا ما قد ينحرف بك تماما عن لبّ الفكرة التي أراد الكاتب توصيلها، ويجعل الترجمة ركيكة، بل قد تعطي أفكارا مغايرة لما جاء في النص الأصلي، خاصة وأن اللغة لا تعبّر فقط عن فكرة ولكن عن كيان، عن وجود وعن محيط...إلخ. فعندما نترجم عبارة: «ca réchauffe le cœur» من اللغة الفرنسية، لا يمكن إن نترجمها إلى اللغة العربية كالآتي: «أدخلت الدفء على قلبي»، لأنني أتصور أنه لا أحد سيفهم ما هو المقصود من ذلك، بينما ما يقابل هذه العبارة في اللغة العربية هي عبارة «أثلجت صدري» وهنا يظهر جليا من خلال العبارتين كيف تؤثر البيئة على اللغة. لقد حرصت خلال الترجمة إلى العربية لمساهمات البرفيسور شمس الدين شيتور، التي نشرت في جريدة الشعب طيلة سنة 2014 وتم تجسيدها في كتاب بعنوان «من أجل جزائر وفية لتاريخها مفتونة بالمستقبل»، حرصت على الاهتمام بأدق التفاصيل من أجل الحفاظ على سلامة المعاني والأفكار. هذا ومن الإنصاف القول، إن الفضل في تثمين هذا المجهود الفكري يعود إلى المديرة العامة لجريدة الشعب، السيدة أمينة دباش، التي كانت وراء فكرة قيام الجريدة بنشر تلك المقالات وإصدارها في شكل كتاب حملت مسؤولية ترجمته وبفضل الله تم تقديمه، أمس، بمنتدى جريدة الشعب بحضور عدد من الجامعيين، المثقفين والإعلاميين، الذين ساهموا في إثراء النقاش الذي فتح بهذه المناسبة بعد المحاضرة التي ألقاها البروفيسور شيتور بمناسبة تقديم هذا الإصدار الذي حمل الكثير من الرسائل، لعّل أهمها تقديم ثمار التكامل والتعاون بين وسائل الإعلام والنخب الوطنية لتزويد القارئ بمادة إعلامية مفيدة وهادفة حتى لا تبقى أفكارهم حبيسة النوادي المغلقة الأبعد ما تكون عن هموم وتطلعات المواطن الذي يبقى همه الوحيد البحث عن الحقيقة كما هي دون مساحيق تجميل ودون مغالاة وتوشيح كل شيء بالسواد على الجهة المقابلة.