تميز افتتاح الملتقى العلمي ''المسرح العربي والقضية الفلسطينة'' الذي احتضنه المركب الثقافي الهادي فليسي أمس بغياب ملحوظ لرجال المسرح الجزائري، والذين كان حضورهم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.. رغم موضوع الملتقى الذي خصص لاشكالية حضور القضية الفلسطنية في المسرح العربي إلى أن الفنان الجزائري أعلن قطيعته للملتقى لأسباب غير معلنة، حيث اكتفت بعض الوجوه مألوفة مثل فتيحة سلطان وعبد الحميد رابية بالمشاركة، كما غابت بعض الوجوه الفنية العربية مثل سميرة عبد العزيز، جهاد سعد، سميحة أيوب وبدت قاعة الهادي فليسي خاوية على عروشها، رغم أن الملتقى يتتطلب حضور الفنان بالدرجة الأولى كونه المعني الأول بمسألة غياب القضية الفلسطينية على الركح العربي، وهو الأمر الذي يدعونا إلى القول أن القضية الفلسطينية ستبقى شبه منعدمة على المسرح العربي عموما والمسرح الجزائري خصوصا إذا ما بقي هذا التجاهل. الافتتاح كان بكلمة لمحافظ مهرجان المسرح المحترف السيد امحمد بن قطاف الذي تعذر عليه الحضور لأسباب صحية، ألقاها نيابة عنه مدير إذاعة ورقلة أحمد بن صبان الذي طالب الفنانين والباحثين المتواجدين بالقاعة إلى ضرورة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وتكثيف النشاطات والأعمال التي تسلط الضوء على قضية تخص الأمة العربية بأكملها.. كما دعاهم إلى تدارس محاور الملتقى بشكل جيد والتوتيق للأفكار والآراء والابتعاد عن كل تقصير من قبل النقاد والفنانيين اتجاه فلسطين. ومن جهته تساءل الروائي ورئيس الملتقى واسيني الأعرج عن مكانة فلسطين في ثقافة اليوم وفي الفن تحديدا، وهل هي مجرد استعارة منفلتة عن المعنى؟ تحاول أن تهرب منا كلما حاولنا وضع حد لها، وقال الروائي إن فلسطين كانت دوما موضوعة فكرية وحضارية وثقافية تهم الجميع، وتجلت بكل صورها في النصوص المسرحية وغيرها، مضيفا أن المتأمل للجيل الثقافي العربي والفلسطيني الجديد الذي يفاجئنا بكتاباته يشعر بأن شيئا عميقا قد تغير، أوهو بصدد ذلك، مضيفا أن هذا الأمر يذكرنا بوسائله الفنية الحية، وبأن انقلابا عميقا قد وقع في العالم الذي يحيط به، حيث تغيرت معه رؤانا ويعيد النظر في الفرؤيتين لتتين تتجذابان الصراع، رؤية عربية تابثة يقول المتحدث وقانعة بما يدور حوله وكأن العالم لم يتغير وميزان القوى ما زال على حاله، وكأن العولمة لم تغفرض شروطها؟ واعتبر الأعرج أن هذه الرؤية مرتاحة ليقينها المسبق ورؤية عربية ديناميكية ترى كل شيء حركيا وفق الشروط المحيطة بقضيانا الكبيرة. رهان الأدب والمسرح الأساسي حسب النتحدث في تعامله مع القضية الفلسطينية هي أن يخرجها من كونها قضية عربية فقط، وأن يوصل صرختها إلى أبعد نقطة على هذه الأرض، ويتساءل واسيني الأعرج عن كيفية تنقل الأدب والمسرح في تعاملهما مع قضية قومية إلى التعامل مع فلسطين، باعتبارها قضية تضع الفنان أمام رهان الانسانية، حيث تصبح القضية الفلسطينية قضية أشمل بامتياز. ''المسرح الفلسطيني بين مطرقة التمويل وسندان الإهمال'' هو العنوان الذي اختاره الدكتور كمال باشا من فلسطين لمقاله الذي ألقاه نيابة عنه عباس صباغ، داعيا فيه الفنان العربي إلى ضرورة وضع نصب عينه خصوصية الحالة الفلسطينية الخاضعة تحت الاحتلال، وأن يلتفت الفنانون والمنظرون إلى ضرورة تنسيق جهودهم ومركزيتها كون الكثير من الجهود تتم بشكل ارتجالي وعاطفي، وتتعامل مع الموضوع الفلسطيني تعاملها مع المقدس، مما يسيئ لمجمل الحركة الفنية العربية والفلسطينية، ويؤدي إلى تهميشها جماهريا وابتعاد المتلقي عنها، وطالب بضرورة دفع الحركة المسرحية إلى ابتكار كافة الأساليب المشروعة للي عنق أي مشروع أجنبي لتمويل أجنبي ليخدم أجندتنا الوطنية، مضيفا أن المسرح اليوم مرهون بأجندة أوروبية وأمريكية تدفع إلى بلبلة الهوية الفلسطينية. من جهته الدكتور أنور محمد من سوريا تحدث في مداخلة تحت عنوان ''الشخصية الفلسطينية في المسرح الاسرائيلي'' المسرح الإسرائلي الذي تمكن من فرض وجوده، وبناء اسم له بهدف بناء كيانه وطمس الهوية الفلسطينية، وأشار المتحدث إلى انتشار مسارح تحت أسماء متعددة لإسرائيل تعمل على نعت الفلسطيني بشتى الأنواع المهينة، والأدهى من ذلك هو تواجد بعض الشخصيات العربية على الركح الاسرائلي، مضيفا أن هذه المسارح تمول من قبل أوروبا، في حين سعت إسرائيل إلى منع العروض الفلسطينية التي كانت تتحدث عن القمع الصهويني وتصف المعاملات السيئة التي تحدث داخل المراكز العسكرية ضد الشعب الفلسطيني المحتل.. ودعا المحاضر إلى ضرورة اللتفاف للقضية الفلسطينة من قبل الفنان العربي. للإشارة تتواصل اليوم وغدا الجمعة فعاليات الملتقى العلمي بمناقشة محاور متعددة من بينها ''الانتاج المسرحي العربي وعلاقته بالقضية الفلسطينية''، ''مسرح المواجهة من تجارب دول الجوار..''