على خلفية الحديث عن احتمال تجميد إنتاج الدول الأعضاء في منظمة “أوبك” الخام الأسود، أو تسقيفه كضرورة ملحة لمعالجة لاتوازن السوق لصالح العرض على الطلب، انطلقت، أمس، أشغال الاجتماع الوزاري الخامس عشر لمنتدى الطاقة الدولي بقصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، وسط حضور مكثف للدول، في مقدمتهم المملكة العربية السعودية وروسيا، إلى جانب إيران، فيما تنطلق، اليوم، أشغال الاجتماع غير رسمي لدول “أوبك”. وسط حضور إعلامي مكثف وبمشاركة جمعت تقريبا كل الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول، والمنظمة الدولية للطاقة، والدول المنتجة للنفط خارج المنظمة، انطلق اجتماع منتدى الطاقة الدولي المنظم تحت شعار: “التحول الطاقوي العالمي: دور معزز للحوار الطاقوي”، الذي أشرف على افتتاح أشغاله الوزير الأول عبد المالك سلال، بحضور الأمين العام للمنتدى الدكتور كيان شينغ سون. لعل ما لفت الانتباه، أن اجتماع الجزائر، الذي قد يكلل اختتامه، اليوم، باتفاق - إطار وفق ما توقعه وزير الطاقة نورالدين بوطرفة، أبان عن انسجام في الرؤى مجددا بين الدول الأعضاء في “أوبك”، ما يفسر عدم تفويت فرصة حضور الاجتماع الذي تحتضه الجزائر، يكون متبوعا، اليوم، باجتماع غير رسمي لدول المنظمة. الانسجام لا يتعلق بموقف موحد لمعالجة الوضع، بقدر ما يخص توافقهم، دون استثناء، على ضرورة استقرار سوق النفط. الإعلام الوطني والأجنبي الذي كان حاضرا بقوة لتغطية الحدث ونقل حيثيات الاجتماع الذي كان محط أنظار العالم، ركز كثيرا على طابعه وعلى إمكانية تجميد الإنتاج من قبل الدول كحل استعجالي لإعادة التوازن بين العرض والطلب الذي من شأنه أن يساهم في استقرار السوق. وفي مداخلة مقتضبة أفاد وزير الطاقة نورالدين بوطرفة، أن “المنتدى يشكل فضاء لتبادل الأفكار، كما يمكن الشركات من الاطلاع على الطاقات والقدرات الموجودة في بلادنا” وهو فرصة إضافية لمناقشة التحول الطاقوي ودراسة دور الطاقات المتجددة وآفاق الصناعة البترولية، مؤكدا عزم الحزائر على العمل في هذا الاتجاه. اجتماع الجزائر فرصة سانحة للحوار حول سوق النفط الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، شدد في كلمة ألقاها في الاجتماع، على ضرورة “تقريب وجهات النظر بين الدول المنتجة والمستهلكة”، لافتا إلى أن الحوار ضرورة في هذا الظرف الذي يتسم أساسا بتذبذب في سوق النفط، كما ثمّن إمداد الجزائر بالغاز. وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، نبّه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية للمملكة العربية السعودية المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، إلى أن الاستثمار بقدر أقل من المطلوب يكلف العالم “ثمنا باهظا، بسبب نقص الإمدادات النفطية التي ستؤدي إلى ارتفاع شديد في الأسعار”، مشيرا إلى نقص في الاستثمارات “تناهز قيمتها تريليون دولار من قطاعي النفط والغاز”. وبالمقابل المبالغة في الاستثمارات يترتب عنها ما تعيشه الأسواق اليوم الناتج عن “إفراط في زيادة الطاقة الإنتاجية، مدفوعا في ذلك بالنشوة التي شهدتها الأسواق في بداية هذا العقد... ليتعرض قطاع الطاقة للانكماش، ويتسبب في ضغوطات مالية، خاصة على المنتجين”. وحرص على التوضيح في نفس الاتجاه، أن الاجتماع وما يتم خلاله من نقاش على الهامش، فرصة سانحة للحوار حول هذه المسائل الهامة. وفي سياق تحليله للأوضاع الحالية للأسواق النفطية، أكد أن “التوجه العام للسوق نحو العودة إلى التوازن، أمر حتمي” - بحسبه، في ضوء الهبوط الحاد في الاستثمارات في جميع أنحاء العالم و«تناقص الإمدادات من المنتجين الهامشيين، وزيادة جيدة في الطلب”. ومع ذلك أضاف يقول، “كلما طالت فترة الركود التي يتأثر بها السوق، زاد أثر ذلك على قطاع الطاقة برمته، وزاد الخطر بالتالي على المنتجين والمستهلكين على المدى البعيد”. الوزير السعودي للطاقة والصناعة والثروة المعدنية، خلص إلى القول “جلسات المنتدى تفتح أبواب النقاش حول المسائل قصيرة وبعيدة المدى التي تواجه أسواق الطاقة والنفط والقطاعات المرتبطة بها، لتساعد بذلك العالم بأسره على تحقيق الأهداف المتعلقة بسهولة الحصول على الطاقة وتكلفتها المعقولة، وقبولها من قبل الجميع لعدة أجيال قادمة”. قبل ذلك، جزم بأن “النفط والغاز سيستمران في لعب دور بارز في عالم الطاقة”، والضرورة الملحة اليوم، وفق طرحه، “رسم مسار مشترك نحو عالم مستدام للطاقة، مستفيدين من مساهمة كفاءة استهلاك الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة”. وبعدما استعرض تاريخ الأسواق النفطية واستقرارها، ومستقبل أسواق الطاقة، ووضعها الحالي، قدم رؤية المملكة إلى غاية 2030، التي تتطلع إلى “جعل اقتصادها أكثر قوة وتنافسية واستدامة على الصعيد العالمي”، يكون مبنيا على ثلاثة قطاعات أساسية، ممثلة في النفط والغاز والكيميائيات والتعدين، موازاة مع إصلاحات شاملة وتنويع مصادر اقتصادها.