إذا كانت الانتخابات التشريعية المرتقبة في غضون العام الداخل، أبرز التحديات التي تقع على عاتق الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، فإن الامتحان الأكبر هو رأب الصدع والانشقاق الذي دب في صفوف الحزب العتيد قبل عدة أعوام، والذي تؤثر تبعاته إلى حد اليوم على استقرار بيته، وولد عباس اليوم مطالب بلعب ورقة جديدة لالتئام التشكيلة، بعد الورقة الوحيدة البارزة ممثلة في المؤتمر الجامع المنعقد في العام 2008 . عاش حزب جبهة التحرير الوطني “الأفلان”، شأنه شأن عدة تشكيلات سياسية أخرى قبل عدة أعوام، على وقع خلافات داخلية نتج عنها انقسامات، لكن وعلى عكس أحزاب أخرى في الطبقة السياسية، فإن الاستقرار الذي يعيشه منذ 8 أعوام وتحديدا بعد انعقاد المؤتمر الجامع يبدو هشا، ولعل ما يؤكد ذلك النشاط الموازي للمنشقين، الذين كانوا في كل مرة يحتجون على القيادة وعلى القوائم الانتخابية في مختلف استحقاقات المجالس المنتخبة. الامتحان الذي سيدخله جمال ولد عباس، الذي خلف عمار سعداني المستقيل قبل أيام من منصب أمين عام لأسباب صحية، ليس سهلا لكن في نفس الوقت سيكون حاسما إذا ما نجح الوزير الأسبق، أين فشل سابقاه سعداني وقبله عبد العزيز بلخادم، وإن تمكنوا من تسيير شؤون الحزب والنجاح في الاستحقاقات الانتخابية، بعودة الحزب العتيد إلى قيادة قاطرة الطبقة السياسية، إلا أنهم لم يتخلصوا من الظل الموازي ممثلا في المنشقين، الذي شوش كثيرا على نشاط الحزب عموما. وتزامن الانتخابات التشريعية المقبلة، التي اعتبرها ولد عباس ركيزة الانتخابات الرئاسية المرتقبة لاحقا في العام 2019 ، قد يكون لصالح ولد عباس إذا ما تم إعداد قوائم متوازنة لا تخلف غضبا، يفتح عليه جبهة جديدة من المعارك هو في غنى عنها، أمر صعب لأن الاستحقاقات والحصول على مقعد بالبرلمان وبالمجالس المنتخبة الشعبية والولائية طموح كل مناضل، لكن لا خيار أمامه غير النجاح في الدخول بقوائم ترضي الجميع، لضمان الاستقرار تحسبا للانتخابات الرئاسية لاحقا. ويبقى الأمر الأكيد أن حزب جبهة التحرير الوطني، سيسعى جاهدا للحفاظ على الريادة في الطبقة السياسية، خلال المرحلة المقبلة، ولن يتأتى ذلك إلا بافتكاك أكبر قدر من أصوات الوعاء الانتخابي في 2017 .