أغاني مزجت بين جمال الكلمة والإيقاع الأصيل أمتعت الجمهور احتضنت دار الثقافة كاتب ياسين لمدة 3 أيام المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي بسيدي بلعباس في طبعته التاسعة تحت شعار “موسيقى الراي، لا تمس”، وهي الرسالة التي أراد من خلالها المنظمون ومن خلفهم السكان وكل محبي هذا اللون الغنائي الجزائري الرد على كل من سولت له نفسه محاولة سرقة هذا الجزء الذي لا يتجزأ من التراث الجزائري الذي تعود أصوله لمنطقة الغرب الجزائري. الطبعة هذه وعلى الرغم من المشاكل التي واجهتها بداية بإلغائها شهر أوت المنصرم بسبب سياسة ترشيد النفقات ثم إعادة بعثها بقرار وزاري بعد تقليص مدتها إلى ثلاثة أيام وعدد المغنيين المشاركين بها إلى 23 فنانا وبرمجة سهراتها في فضاء مغلق ووضع تذكرة ورصد غلاف مالي لا يتعدى 150 مليون دج. إلا أن هذا لم يمنع رواد أغنية الراي والمحافظة من تنظيم هذه التظاهرة في خطوة للحفاظ على هذا المكسب الثقافي وصيانته من محاولات السرقة التي يتعرض لها، وهو ما أكده محافظ المهرجان الفنان لطفي عطار خلال الندوة التي سبقت انطلاق التظاهرة بساعات قائلا: “إن أغنية الراي لها من الخصوصية ما يجعلها بعيدة كل البعد عن التقليد باعتبارها إرثا عباسيا وجزائريا خالصا منبثقا من روح المنطقة وتاريخها”، وأضاف أن: “الراي الأصيل هو ذلك المزيج الذي صنعه الفنانون الأوائل كفرقة راينا راي، الشاب الزرقي وغيرهم بعدما إستلهموا كلماته من الغناء البدوي القديم والشعر الملحون وأدخلوا عليه موسيقى عصرية”، فالراي حسبه “موسيقى وإيقاع لا يمكن لأي كان تأديته بكل خصوصيته وجماليته، ونفى عطار أن يكون للأغاني الحالية أية صلة بأغنية الراي الحقيقية التي تحترم جمال الكلمة قبل جمال الإيقاع، وهو الهدف الذي رسمته المحافظة خلال هذه الطبعة بإعطاء أغنية الراي الأصلية مكانتها وإسماع صوتها للجمهور والشباب ليتعرف على أغنية الراي بأصولها”. تميزت هذه الطبعة عن غيرها بإعطاء الفرصة لفناني الراي المحليين القدامى والشباب ممن حرصوا على تأدية أغنية الراي بأداءات متفردة حيث يتميز كل فنان بطابعه الخاص والمختلف ما يؤكد ثراء أغنية الراي بسيدي بلعباس وعلى مستوى الغرب الجزائري عموما الأمر الذي ساعد على بلوغ هذه الأغنية العالمية فرقة رانيا راي تعود بعد 20 سنة كانت الإنطلاقة رايوية بامتياز وقعتها فرقة راينا راي المكونة من لطفي عطار، طارق شيخي، قادة زينة، الهاشمي، بوشنتوف قدور، ميمون بلخير، عبد الله تركماني وميغيل يامبا وهي الفرقة التي تجمعت بعد إنفصال دام 20 سنة، حيث أعاد أعضاؤها المؤسسون الحاضرين والجمهور للزمن الجميل وسنوات الثمانينات بعزفهم لأروع الموسيقى وتأديتهم لأشهر أغاني الفرقة التي تجاوب معها الجمهور بعد ترديده لأغاني “يازينة”، “طيل الطايلة”، “سالو على نابي” و«زبانة”، ليعتلي بعدها الشيخ النعام المنصة ويمتع الجمهور بأروع أغانيه القديمة، ليتبع بعدها بنخبة من الفنانين المحليين كالشاب محمد العباسي، الشاب ياسين، الشاب علام، الشاب كادير الصغير، الشاب عباس المرحوم، الشاب الصحراوي، كما نشط السهر الإفتتاحية المغني حكيم صالحي والشاب كادير الجابوني الذي أدى كوكتيل من أشهر أغانيه القديمة والجديدة كأغنية “نتي سبابي” و«سنوات الضياع” هذا وعرفت السهرة الإفتتاحية حضور المدير الجهوي للديوان الوطني للمؤلف والحقوق المجاورة ممثلا عن وزارة الثقافة والسلطات المحلية، فضلا عن كبيرا للعائلات والشباب المحبين لهذا النوع الغنائي على الرغم إستحداث تذكرة للدخول. الشيخة زهرة تعود لجمهورها بعد غياب طويل وتميزت السهرة الثانية للمهرجان الوطني الثقافي لأغنية الراي بسيدي بلعباس بمشاركة مميزة لأسماء اشتهرت بتأديتها للراي القديم الذي يعكس الموروث الثقافي للمنطقة، على غرار الشيخة زهرة والشيخ الحطاب وغيرهم. فبعد إفتتاح السهرة من قبل الفنان محمد بوسماحة خريج مدرسة ألحان وشباب الذي أمتع الحضور بباقة من الأغاني الرايوية العاطفية الجديدة والقديمة، إعتلى المنصة الشيخ الحطاب المعروف بأغانيه الرايوية البدوية ورافقه في العزف على القصبة الشيخ إسماعيل ليشكلا ثنائيا رائعا أعاد الحضور إلى فترة الحرب التحريرية والثورة المجيدة من خلال القصائد التي تتغنى بالبطولات كقصيدة “الله يرحم الشهداء” وباقة أخرى من الأغاني القديمة التي تعتمد على آلة القصبة باعتبار أن هذا النوع من أغاني الراي هو المنبع الحقيقي لأغنية الراي العصرية. لتتسلم بعدها الشيخة زهرة الميكروفون وهي العائدة إلى الساحة الفنية الجزائرية بعد غياب فاق 20 سنة، حيث تعد من الفنانات ذات الصيت الواسع بالمهجر ولها رصيد فني ثري يقدر ب 82 ألبوم و560 عنوان فضلا عن ديوهات مع كبار فناني الراي كالمرحوم الشاب حسني، وخلال السهرة أمتعت الشيخة زهرة جمهورها بأجمل أغانيها التي يحفظها الكبير والصغير على شاكلة “خلوني، خلوني”، “دقداقة” و«سكنت مارساي”. لتتنوع السهرة بعدها عقب تداول عديد الفنانين على المنصة كالشاب عباس، الذي إستطاع وكعادته أن يلهب المدرجات خاصة بعد تأديته لأغنية رياضية عن فريق إتحاد بلعباس بطلب من الجمهور، هذا وكان للفنانين المحليين نصيب من السهرة على غرار الشيخ محمد السهلي”،”الشيخ ميمون” والشاب “عقيل الصغير” الذي أعاد أغاني المرحوم “عقيل كأغنية “مازال مازال” و«ديرولها لعقل”. واختتمت فعاليات المهرجان سهرة السبت الماضي بمشاركة كل من الفنان “مختار حنيتات”، “عمر عسو”، “الشاب محفوظ”، “محمد لحبيب”، “كاديرو خالدي”، “الشابة فاتي”، “كادير العباسي”، و«توفيق ندرومي”، والفنان المحبوب “بلال الصغير”.