تحرص وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي على وضع آليات عملية من أجل التصريح بالعمال بصفة رسمية، لجعلهم يتمتعون بحماية اجتماعية لائقة وفق ما تقرره القوانين المسنة لهذا الغرض، ولتفعيل هذا المسعى حركت ما يعرف بمفتشيات العمل في الميدان لمراقبة التشغيل القائم على التصريح، وهو موجود بقوة حاليا خاصة مع توسع النشاط الاقتصادي والتجاري وبروز مؤسسات وشركات صغيرة وضخمة توظف الناس بأي طريقة ولا تصرح بهم لدى التأمين خوفا من مستحقاتهم. بلغ عدد العمال غير المصرح بهم منذ 1999 و لغاية سنة ,2008 حسب تصريحات رسمية 719 ألف عامل يشتغلون في 9810 مؤسسة شملتها الخرجات الميدانية التي قامت بها المفتشية العامة للعمل. كما تشير بعض الأرقام الى أن نسبة العمال غير المصرح بهم قد تفوق ال 30 ٪، و ذلك بالرغم من تعزيز الوسائل المادية لهيئات الرقابة للمفتشين، وكذا تشديد الأحكام الجزائية على المخالفين. وبالنسبة للأرقام الرسمية، فإن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الطيب لوح كان قد صرح سابقا بأن ارتفاع عدد العمال غير المصرح بهم يعود الى تشجيع خلق نشاطات عن طريق آليات »الأنساج« و »لكناك« التي لعبت دورا كبيرا في خلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وحسب مسؤولي القطاع، فإن عدم التصريح بالعمال ناتج عن انتشار المؤسسات وأماكن العمل التابعة للقطاع الخاص التي تشغِّل أقل من 10 عمال، حيث بلغت نسبة عدم التصريح فيما 32 ,61 ٪ السنوات القليلة الماضية. أما المؤسسات الخاصة المشغِّلة لأكثر من 100 عامل فنسبة عدم التصريح فيها قدرت ب 2 ٪ . بالاضافة الى ما سبق ذكره نجد أن العمال غير المصرح بهم غالبا ما يقعون »ضحايا لمساومات« حيث يلجأ بعض أرباب العمل الى تغييرهم (وإغرائهم في نفس الوقت) بين التأمين.. والاكتفاء الذاتي برواتب زهيدة، أو الاستفادة من رواتب معقولة مع تجريدهم من أي تأمين، وهناك من يقول بأن بعض أصحاب المؤسسات يلجأون الى التحايل من خلال التصريح ببعض العمال وليس كلهم بعرض التقليل من النفقات. وأمام انتشار هذه الظاهرة التي لها آثار سلبية وقد تكون وخيمة، من حيث أنها تسبب في نقص الموارد مع إمكانية إحداث اختلال في التوازنات المالية لمنظومة الضمان الاجتماعي، اتخذت الدولة إجراءات لمحاربة عدم التصريح بالعمال، تمثلت في إدخال أحكام قانونية تتمثل في تنسيق نشاطات المراقبة وتبادل المعلومات بين مختلف المصالح المعنية بالمراقبة، مع ادخال تعديل على القانون رقم 83 ,14 و ذلك بتشديد العقوبات على عدم التصريح وإعطاء صلاحية معاينة مخالفة عدم التصريح لمفتشية العمل، بالاضافة الى مراقبي مصالح الضمان الاجتماعي. وعززت كذلك آليات الرقابة بتدعيم آلياتها، ومن خلال إسناد صلاحيات جديدة لمفتشيات العمل، خاصة ما تعلق منها بمعاينة المخالفات المتعلقة بعدم التصريح بالعمال الأجراء لدى مصالح الضمان الاجتماعي، وتفويضهم لاتخاذ الاجراءات المناسبة بشأن المخالفين و إحالتهم على العدالة. وأمام هذه الترسانة القانونية و آليات تطبيقها، ينتظر أن تسجل نسبة عدم التصريح بالعمال انخفاضا، وكل ذلك متوقف على مفتشيات العمل التي لها دور كبير في هذا المجال.