يظهر أن السلطات قد تفطنت لأسباب فشل الزيادات السابقة في الأجور التي كانت تجهض في المهد من قبل المافيا التجارية المنتشرة في مختلف الأسواق الوطنية التي تمتص الزيادات حتى قبل الشروع في تطبيقها مثلما حدث بعد استكمال قمة الثلاثية الخميس حيث رفع التجار جميع أسعار المواد الاستهلاكية والأساسية، وهو ما أثار استياء المواطن والحكومة معا حيث كشف الوزير الأول أحمد أويحيى، في ندوته الصحفية التي أعقبت قمة الثلاثية، عن مشروع مراجعة قانون التجارة لوضع حد للفوضى التجارية وانتشار دائرة المضاربين والمتهربين من الضرائب والمتحكمين في السوق السوداء. توعد، الوزير الأول أحمد أويحيى، المضاربين في المجال التجاري بقانون صارم جدا سيضع حدا للانفلات والفوضى في مجال الأسعار التي تخضع لمزاج المافيا التي تستغل الحرية التجارية وحركة الاستيراد للتلاعب بالأسعار وفقا لما يخدم مصالحهم فقط، وجعل القدرة الشرائية تصل إلى أدنى مستوياتها، وهو ما خلف احتجاجات اجتماعية كثيرة تحملتها السلطة وبقيت المافيا في الظل تؤجج الصراع بين الجبهة الاجتماعية والسلطة التنفيذية للاستفادة من هذه الوضعية. واستفادت الفوضى التجارية من التفتح الاقتصادي الذي أعلنته الجزائر في 1990 دون تحضير الميدان لاقتصاد السوق، وزاد من تأزيم الأوضاع تدهور الأوضاع الأمنية التي استقطبت كل اهتمامات السلطات بفعل وصول المد الإرهابي إلى ذروته خاصة في ,1994 كما أن اتفاق ستندباي مع صندوق النقد الدولي في نفس السنة زاد من حدة الأزمة الاقتصادية لبلادنا وجعل مافيا الأسواق تتغلغل أكثر بتواطؤ مع دول أجنبية التي كانت تصدر كل شيء للجزائر، وهو ما جعل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ينتقد سياسة الاستيراد في الجزائر في العديد من الخطابات التي ألقاها بالنظر للأضرار التي تتسبب فيها لبلادنا حيث يجني أرباحها أشخاص قلائل، وهذا على حساب الخزينة العمومية والطبقة الشغيلة. وليست هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها الوزير الأول الفوضى التجارية والأسواق الموازية حيث سبق وأن صرح بأن سوق دبي بباب الزوار يحسب فيه التجار الأموال بالميزان وهي الظاهرة التي تعكس الوضعية الصعبة للقطاع التجاري في بلادنا حيث أخطأت الوزارة عندما ركزت على المفاوضات للانضمام للمنظمة العالمية للتجارة وأهمل الجانب الداخلي للتجارة والاقتصاد الوطني الذي احتلت مكانه الفوضى كما كانت إشارة أويحيى لتجار المواشي بمناسبة عيد الأضحى شديدة اللهجة من خلال ما فعلوه بالأسعار التي بلغت أرقاما قياسية وتنبأ مستقبلا بالأسوأ. لقد نهضنا اليوم على أسعار البرتقال ب 140 و160 دينار بينما قفزت الطماطم من 40 إلى 70 دينار في انتظار ارتفاع الأسعار مرة أخرى في الأيام القادمة.