لا يزال ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، وانخفاض القدرة الشرائية يلقيان بظلالهما على العائلات الجزائرية، لا سيما ذات الدخل الضعيف والمتوسط، فرغم الإجراءات الكثيرة التي اتخذتها الحكومة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن البسيط إلا أن دار لقمان بيقت على حالها، فلا الزيادة في الأجور التي اعتمدت في جانفي 2008 ولا تلك التي ستعتمد في الأجر القاعدي بداية من جانفي ,2010 سيكون لها أثر ايجابي على المواطن في ظل غياب هيئة تضبط الفوضى العارمة في الأسواق الوطنية، وتضع حدا للمضاربة في الأسعار التي بات ارتفاعها يمشي بالتوازي مع أي زيادة تعتمد في الأجور. استمرار لهيب أسعار الخضر والفواكه والبقوليات، هذا دون ذكر اللحوم والاجبان التي بات اقتناؤها شبه مستحيل، جعل المواطن يستغرب صمت الوزارات الوصية وعجزها على محاصرة حالة الغلاء الفاحش في وقت ظلت أصواتها تنادي بمعاقبة السماسرة والمضاربين، والهرولة إلى إعلان إجراءات ردعية في حق التجار المخالفين لقانون السوق - الذي لا يوجد - دون تجسيد تلك القرارات، ما فرض اتساع دائرة الغلاء إلى منتوجات غذائية جديدة أثقلت كاهل العائلات ذات الدخل البسيط والمتوسط. فالبقوليات على غرار العدس واللوبيا التي كان سعرها لا يتجاوز 90 دينار للكيلوغرام الواحد، بلغ سعرها 180 دج للكيلوغرام ما يعني أنه تضاعف مرتين عما كان عليه من قبل في وقت أعلنت فيه وزارة الفلاحة عن نظام ضبط للبقوليات للتحكم في أسعارها، وإنشاء دوواين خاصة بها، ناهيك عن نظام ضبط البطاطا الذي لم يجد نفعا حيث ظلت أسعارها رغم ارتفاع الإنتاج فوق عتبة ال 40 دج. بالموازاة مع ذلك، ظلت أسعار الخضر والفواكه مرتفعة حيث وصل سعر الكيلو غرام الواحد من البصل إلى 50 دينارا، ووصل سعر الكيلو غرام من الطماطم إلى 100 دينار، وهي الزيادات التي أرجعها مسؤول بحكومة أويحيى إلى عمل المضاربين الذين وجدوا ضالتهم في الأسواق الوطنية نتيجة الغياب الدائم لمصالح التجارة. وبدل العمل على سن إجراءات من شأنها ضبط السوق والأسعار، راحت الوزارات الوصية على غرار وزارة التجارة والفلاحة، كل واحد منها يلقي باللائمة على الآخر ويقذف الكرة في ملعب الطرف الآخر في محاولة للتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتق كل منها والمتعلقة أساسا بضبط السوق والأسعار بشكل يحفظ القدرة الشرائية للمواطن البسيط. وإن كانت التصريحات الرسمية تربط حالة ارتفاع الأسعار في الجزائر بعوامل خارجية مرتبطة بتقلبات الأسواق العالمية، خاصة على صعيد واردات الحليب الذي تعد الجزائر أحد أهم مستورديه عالميا، ناهيك عن الحبوب والقهوة، فإن التوجه إلى إعداد مشروع قانون للتجارة مثلما أشار إليه الوزير الأول في اجتماعه مع الثلاثية، بداية الشهر الجاري، بات أمرا ضروريا ولا بد منه للتحكم أكثر في السوق قبل ما يطغى عليه قانون الغاب.