* الفارق بين الزيادات في الأجور ومستوى المعيشة بلغ 16 ألف دينار * أسرة من 6 أفراد تحتاج إلى أجر لا يقل عن 35 ألف دينار شهريا * الأجور الحالية لا تسمح للعائلات بزيارة الطبيب أكثر من مرة كل 3 أشهر كشف عبد القادر مالكي، في تصريح للشروق اليومي، أن المركزية النقابية ستقوم بإعادة تحيين الدراسة حول القدرة الشرائية التي قام بها فريق العمل التابع لها، على أساس الأسعار الحالية وتسليمها للحكومة مباشرة بعد المؤتمر الحادي عشر الذي سيعقد أيام 29، 30 و31 مارس الجاري، بالجزائر العاصمة، في محاولة للحد من التدهور الرهيب للقدرة الشرائية للعائلات محدودة الدخل. وكشفت الدراسة التي ستسلم للحكومة بداية أفريل القادم، وجود هوة سحيقة بين معدل الدخل الحقيقي للأسر الجزائرية المقدر بحوالي 20000 دج مع الزيادات الأخيرة التي أدرجتها الحكومة، والوقائع على الأرض، حيث يقدر الفارق بما يعادل أجرة شهر كامل للعائلات متوسطة الدخل، أي 16000 دج، ما يفسر لجوء كثير من الأسر إلى الاستدانة لتغطية العجز على الوفاء بالاحتياجات الأساسية، بسبب امتصاص الزيادات التي عرفتها الأسعار للزيادات التي أقرتها الحكومة لأجور الوظيف العمومي حتى قبل وصولها إلى جيوب أصحابها. وحسب الإتحاد العام للعمال الجزائريين، فإن الارتفاع لم يتوقف على المواد الغذائية الأساسية ذات الاستهلاك الواسع ومواد التنظيف، بل أن الارتفاع لم يستثن أسعار الأدوية وتسعيرة الكشوفات الطبية والأشعة الطبية غير قابلة للتعويض. وبلغت الزيادة في سعر الأدوية الأساسية المستوردة من منطقة "الأورو" 40 بالمائة بين الثلاثي الأول لسنة 2007 والثلاثي الأول للسنة الجارية، ما دفع بالمركزية النقابية إلى تأجيل تسليم دراستها حول القدرة الشرائية للحكومة لمرات عديدة.وأشار عبد القادر مالكي إلى أن الدراسة المتواجدة حاليا على مستوى الأمين العام للمركزية عبد المجيد سيدي السعيد، لم تسلم للحكومة بسبب تسارع وتيرة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الفترة الأخيرة، مؤكدا أن الدراسة حول القدرة الشرائية التي قام بها فريق عمل يتكون من خبراء تابعين للإتحاد العام للعمال الجزائريين وخبراء اقتصاديين محايدين، خلصت إلى أن الأسرة الجزائرية المتكونة من 6 أفراد تحتاج إلى دخل في حدود 35000 دج شهريا، لضمان الحد الأدنى من احتياجاتها الأساسية، مقابل 24700 دج قبل سنتين وحوالي 30000 دج منتصف السنة الفارطة. وسجلت أسعار المواد الأساسية في الجزائر منذ بداية السنة نسب ارتفاع قياسية، مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، ما ضرب القدرة الشرائية للجزائريين، ونسبة الزيادات الطفيفة في الأجور التي تحدثت عنها الحكومة حتى قبل أن تصل تلك الزيادات إلى جيوب الموظفين والعمال. وسجلت ظاهرة الزيادات وتيرة تسارع قوية جدا خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب الارتفاع الحاد لقيمة العملة الأوروبية "الأورو" أمام الدولار الأمريكي، وحتى أمام العملة الوطنية الدينار، حيث بلغ سعر الأورو على مستوى بنك الجزائر 104 دج، مرتفعا من 90 دج بداية 2007، في حين بلغت نسبة بعض الزيادات في أسعار المواد الأساسية منذ بداية السنة الجارية، 99 بالمائة بالنسبة لزيت المائدة و70 بالمائة بالنسبة لمادة السميد و60 بالمائة بالنسبة لمادة الفارينة، وهي المواد التي لا يكاد أي بيت بالنسبة للأسر محدودة الدخل أن يخلو منها، كما ارتفع معدل الميزانية المخصصة لزيارة واحدة للطبيب من 2500 دج إلى 4000 دج كل ثلاثي، بالإضافة إلى 3000دج معدل شهري لأجرة النقل، و7000 دج لمصاريف الكراء وفاتورة الماء والكهرباء. وبالعودة إلى الأشهر الثلاثة الأخيرة للسنة الجارية التي ستأخذها دراسة المركزية النقابية بعين الاعتبار، فإن أسعار المواد الأساسية تضاعفت بمقارنتها بمتوسط أسعار شهر مارس الجاري، على مستوى المساحات الكبرى وتجار التجزئة، على الرغم من الأرقام الرسمية للتضخم المتعلقة بسنة 2007 لم تتعد 4,4 بالمائة، حسب الديوان الوطني للإحصاء، في حين أن قطاع الأعمال الجزائري (منظمات الباترونا ومنتدى رؤساء المؤسسات) قدر نسبة التضخم بحوالي 6 بالمائة، مقابل 12 بالمائة بالنسبة لمعهد "كيسي" للأبحاث الأمريكي، بناء على تراجع قيمة العملة الأمريكية الدولار وارتفاع حجم واردات الجزائر خلال نفس السنة، ما جعل الجزائر من بين الدول الأكثر استيرادا للتضخم سنة 2007، على الرغم من استمرار الحكومة في تطبيق نظام دعم أسعار المواد الأساسية المتمثلة في السميد والخبز العادي وحليب الأكياس، ما يكلف الخزينة العمومية 2.5 مليار دولار سنويا، في انتظار تنصيب دواوين لضبط أسعار بعض المواد الأساسية للحد من تأثير المضاربة واستمرار تعطيل قانون المنافسة، بالإضافة إلى تواضع نسبة الإنتاج الوطني، بالمقارنة مع انفجار حجم الواردات الذي تضاعف حوالي ثلاث مرات بين 2000 و2007 مرتفعا إلى 27.4 مليار دولار، منها 4.5 مليار دولار للمواد الغذائية فقط.وبسبب تعطيل قانون المنافسة أصبحت أسعار المواد الغذائية تحدد بطريقة عشوائية من طرف اللوبيات المتحكمة في شبكات التوزيع، حتى أن ارتفاع أسعار بعض المواد التي تنتج محليا لم يجد له أي مبرر سوى إعلان الحكومة زيادة أجور عمال قطاع الوظيف العمومي، وكأن تلك الشبكات تنتظر المواطنين عند المنعطف، وفي ظل غياب آليات قانونية للمراقبة، وجد التضخم المناخ المناسب لتغذية منحاه التصاعدي برقمين هذه المرة، وهي وضعية طبيعية لانسحاب الدولة بطريقة فوضوية وتحريرها للسوق والتجارة الخارجية منذ التسعينيات بدون وضعها لميكانيزمات ردعية قوية لفرض احترام القوانين السارية المفعول من طرف أرمادة من المستوردين للسلع الصينية والتركية رخيصة الثمن وإغراقهم للسوق، في ظل عدم وجود قوانين لحماية المستهلكين والشركات المحلية من الإغراق. وحسب الأرقام الرسمية الموجودة لدى الإتحاد العام للعمال الجزائريين، فإن عدد الأسواق الفوضوية بلغ 2400 سوق نهاية 2007، فيما بلغ عدد التجار الذين ينشطون في السوق السوداء 500000 تاجر خارج أي مراقبة من طرف مصالح وزارة التجارة أو أعوان مصالح الضرائب.