تراجعت واردات الجزائر الغذائية بصفة ملحوظة خلال شهر نوفمبر بفعل التدابير التي اتخذت لتقليص قدر الممكن من الاستيراد وتعويضه بالإنتاج الوطني ليس فقط لتلبية الحاجيات الداخلية بل التصدير إلى ابعد الفضاءات وأكثرها إغراء وجاذبية. وهي رهانات تكسب باعتماد نظام النوعية والجودة السامح وحده بعرض منتوج وطني لا يخشى المنافسة. وحسب المركز الوطني للإعلام الآلي التابع للجمارك، فان حجم استيراد المواد الغذائية قد تراجع إلى النصف تقريبا بحكم إجراءات السياسة الوطنية المسطرة على ضوء الأزمة المالية العالمية وكذا الإرادة في تشجيع الاستثمار المنتج للثروة والقيمة المضافة والعمل. وهي مسالة تعرف مزيدا من التراجع خلال شهر ديسمبر الجاري حسب المؤشرات. فقد سجلت الواردات الغذائية 384 مليون دولار خلال نوفمبر الماضي بعدما كانت عند عتبة 572 مليون دولار متراجعة بنسبة 87,32 في المائة. وشملت مسالة تراجع فاتورة الاستيراد الحليب ومشتقاته والحبوب والسميد والبقول حيث هبطت قيمة الأولى إلى 28 مليون دولار بدل 74 مليون دولار متراجعة بنسبة 16,62 في المائة في وقت بلغت الثانية على التوالي 106 مليون دولار بدل 272 مليون دولار و31 مليون دولار بدل 40 مليون دولار. وجاء تراجع استيراد المواد الغذائية وغير الغذائية في سياق السياسة الوطنية الجديدة التي قررت تقليص قدر الممكن مل ينتج محليا وتشجيع الاستثمار المنتج. وهي سياسة تضمنتها تدابير قانون المالية التكميلي وقانون المالية للعام الجديد الذي تشدد على التسهيلات الجبائية والبنكية والعقارية. وتفرض على المتعاملين الأجانب إقامة علاقة شراكة مع أرباب العمل الجزائريين في تجسيد مشاريع تكون نسبة مساهمتهم فيها تصل إلى حد 49 في المائة. ويشدد برنامج دعم النمو للحقبة الخماسية 2010 2009 - الذي وظف 150 مليار دولار، على هذا الجانب. ويعطي الأولوية لمرافقة المؤسسات الوطنية في التأهيل والعمل المنتج في محيط أعمال مهيأ خال من الاكراهات التي كانت في السابق عامل نفور في توظيف الرساميل بقطاعات مفتوحة محولة البلاد إلى ورشة للتقويم والتجديد. ويشدد البرنامج الذي يحث المؤسسات الجزائرية على التسلح بجدوى النجاعة والتأهيل وكسر حالة التردد، على رفع الإنتاج الوطني ليس فقط من اجل السوق الجزائرية بل التصدير خاصة بعد زوال الاكراهات السابقة نتيجة انضمام الجزائر إلى فضاءات اقتصادية حرة آخرها منطقة التجارة العربية في انتظار الأفريقية. لم يعد مقبولا في ظل العولمة الزاحفة الإنتاج من اجل تلبية الاحتياجات الوطنية. لم يعد مقبولا على المؤسسة الجزائرية الاكتفاء بعقلية الإنتاج للجزائر التي تضيق تحت حدة منافسة مفتوحة بين مختلف العلامات التجارية وأكثرها قوة وتأهيلا وتجربة. لم يعد مقبولا هذا الأمر في ظل السياسة الاقتصادية التي تسابق الزمن من اجل بناء اقتصاد وطني متنوع لا يتحكم فيه البترول بازيد من 97 في المائية وتبقى الصادرات خارج المحروقات شحيحة لا تتعدى 01 مليار دولار.