أبدى البنك العالمي ارتياحا من المؤشرات الماكرو اقتصادية بالجزائر المستمرة في تحقيق النمو الهام على مدى السنوات الثلاثة المتتالية منوها بالإجراءات المتبعة في سبيل إرساء دعائم نظام اقتصادي تنافسي يواجه التحديات بروح المبادرة واستقلالية القرار دون اتكالية. وأكد البنك في تقريره حول الآفاق الاقتصادية للعام الجاري أن الجزائر في وضع مريح للغاية ولا تحمل أية مخاطر، تترجمها حالة النمو المرتقب المرتفع إلى 9,3 في المائة وتحسن في ميزان المدفوعات وتراجع بطالة إلى دون 11 في المائة بعدما كانت متجاوزة الخطوط الحمراء ومداخيل يعول عليها في تمويل مشاريع برنامج دعم النمو في مرحلته الخماسية. وفي قراءته للتحولات الاقتصادية في الجزائر التي تشدد عليها السياسة الوطنية المعتمدة على قاعدة الواقعية والنظرة البعيدة لمواجهة الأخطار والتحديات قبل وقوعها، رأى البنك العالمي الذي تذهب توقعاته في اتجاه طرح صندوق النقد الدولي ز افاميس ، أن وضعية تمايز الجزائر وخصوصيتها تستشف من خلال مؤشرات أخرى ايجابية. وتعطى هذه المؤشرات الانطباع الراسخ بأن الجزائر تسير في الاتجاه السليم. وان الأزمة السابقة التي مرت بها كانت الدرس المرجعي الذي يعتمد عليه في رسم توجهات السياسة الوطنية التي تضع في الحسبان الإمكانيات المتوفرة لتحقيق الأهداف والغايات ولا تجري وراء كبريات الأشياء وضخامتها وما تحدثه من تداعيات وانعكاسات سلبية في حالة تأخر الانجاز أو مضاعفة تكلفته بفعل الطارئ. والطارئ هنا ما يحدثه انهيار سعر البترول من تراجع في المداخيل الجزائرية التي تبقى المحروقات المصدر الأساسي في تمويل المشاريع والبرامج. واتخذت الجزائر التدابير الاحترازية من كل تحد في رسم السياسة الوطنية مراهنة على رفع النمو لاسيما خارج المحروقات الذي بلغ 11 في المائة العام الماضي. وساهمت فيه الإصلاحات الجذرية في أكثر من قطاع رغبة في تجاوز حالة الندرة والكساد، وعززته الو رشات المفتوحة المحولة البلاد إلى فضاء مفتوح للأعمال والاستثمار. وليس بغريب في شيء أن تسجل قطاعات الفلاحة والأشغال العمومية والموارد المائية والبناء والعمران أعلى النتائج واكبر نسب النمو، بعد المشاريع الكبرى التي امتصت أموالا ضخمة من الخزينة التي تحررت من إكراهات المديونية الخارجية المسددة عبر رزنامة أنهت التبعية إلى الخارج من الضغوط التي ترهن المستقبل والقرار السياسي والسيادة. وليس بمفاجأة أن تعزز المنظومة الاقتصادية بإجراءات تحفيزية من اجل الذهاب إلى الأبعد في خلق الثروة والقيمة المضافة والعمل، وتعطى تدابير اغرائية إضافية في قانون المالية للعام الجاري لتشجيع الاستثمار المنتج على حساب الاستيراد مواجهة لتداعيات أزمة مالية عالمية تضرب الاقتصاديات بلا تمايز وانتقائية وتحتم خيارات النجاعة في كل أمر. وأعطت إجراءات النجاعة نتائج مهمة تكشف نقابها تراجع فاتورة الاستيراد الغذائية إلى 8,5 مليار دولار العام الماضي بعدما كانت تمثل 8,7 مليار دولار أي بانخفاض نسبته 64,25 في المائة حسب آخر أرقام المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك.