اعتبر أساتذة جامعيون في القانون الدولي والعلوم السياسية وحقوق الإنسان من جامعتي الجزائر و سطيف أن الدول العربية مؤهلة مبدئيا وظاهريا لبعث الاندماج لكن في غياب القوى الاجتماعية والاقتصادية الفاعلة يبقى الأمر عسيرا، مراهنين على ضرورة توفر الإرادة السياسية كأداة محسوسة لتفعيل العمل المشترك، وتطوير أداء الجامعة على جميع الأصعدة . توقع قشي الخير أستاذ جامعي مختص في القانون في ندوة نقاش حول إشكاليات إصلاح الجامعة العربية في مركز الدراسات الإستراتجية ليومية الشعب أن تسفر القمة العربية المقررة نهاية الشهر الجاري بليبيا عن بيانات تقتصر على تنديد واستنكار وشجب، وعدم اتخاذ أي قرارات جدية قابلة للتنفيذ. وأفصح كل من الأستاذ مويسي بلعيد مختص في حقوق الإنسان وقشي الخير عن حاجة الجامعة العربية الماسة إلى التزود بمحكمة عليا ومجلس امن عربيين، مترقبين أن ينشأ الجهازين على النصوص فقط حيث يصعب تجسيده على ارض الواقع، وأوضحا ان مسألة التناوب وتدوير الأمانة العامة لا تستند إلى أي نص سواء في الميثاق أوعلى مستوى النظام الداخلي . وذكر الأستاذ قشي بهذا الخصوص أن مسألة إنشاء محكمة عدل عربية طرحت كفكرة منذ عقد الخمسينات وأعيد طرحها في سنة 1964 وصارت تطرح بحدة على مستوى القمم العربية وكسبت كل الإجماع، غير أن الأستاذ قشي اعترف أنه من المستبعد أن يتحقق هذا المشروع، على اعتبار أن الدول العربية ترفض الإنخراط في المحاكم الدولية ما عدا مصر لأنه على حد توضيحه لديها مصلحة فيما يتعلق بمنازعات قناة السويس، وقال أن كل الدول العربية خارج كل المحاكم الدولية، معترفا أن العرب متأثرين حتى النخاع أن اللجوء إلى القضاء الدولي إعلان حرب غير ودية . وخلص الأستاذ قشي إلى القول إن إصلاح وتفعيل دور الجامعة العربية يحتاج إلى إرادة سياسية من طرف جميع الدول الأعضاء لبلوغ الهدف . أما أستاذ العلوم السياسية فرديو اولحاج قال أنه رغم أن الجامعة العربية تكفلت بعدة انشغالات في شتى الميادين سواء تعلق الأمر بالحفاظ على الأمن الإقليمي أو إقامة منطقة تبادل حر، ووصف الأستاذ فرديو الأمر بالصعب بخصوص تكريس كل ما كانت تصبوا إليه الجامعة من استحداث آليات ضمان السلم والأمن في المنطقة، حيث أشار إلى أنه في سنة 1996 تم الاتفاق مبدئيا على استحداث الآلية العربية للوقاية من النزاعات وتسويتها، غير أنه لم يتم اعتمادها أضاف ذات الأستاذ يقول على مستوى أجهزة اتخاذ القرار . وبخصوص مصداقية الجامعة قال الأستاذ فرديو بأن الجامعة العربية واعية بالنقص الذي تتخبط فيه، على اعتبار أنها ذهبت إلى حد استحداث لجنة متابعة تنفيذ القرارات، حيث حسبه لا توجد لجنة مماثلة في المنظمات العالمية. وفيما يتعلق بدور العوامل الخارجية في صنع القرار العربي، ذكر الأستاذ فرديو أن ما تم الحديث عنه بخصوص دمقرطة النظام العربي الإقليمي لا يمكن عزله أو فصله عن المشروع الذي بادرت به الولاياتالمتحدةالأمريكية والمتمثل في مشروع الشرق الأوسط . وتطرق ذات الأستاذ لتجربة السعودية التي بادرت بمشروع إصلاح الجامعة العربية، حيث فوجئ الجميع بما ورد في ورقة السعودية التي تضمنت مقترح إصلاحات سياسية، وقال الأستاذ أن هناك من فسر المقترح السعودي بالمبادرة التي لديها تواصل مع المشروع الأمريكي المتعلق بالشرق الأوسط . واشترط فرديو ضرورة توفر الإرادة السياسية كأداة لتفعيل العمل العربي المشترك . وأفاد الأستاذ أنه في غياب القوى الاجتماعية والاقتصادية الفاعلة لا يمكن دفع مشروع الاندماج في العالم العربي بما يمكن استخلاصه في التجربة الأوروبية، ويرى الأستاذ أن الدول العربية مؤهلة مبدئيا لبعث الاندماج لكن في غياب القوى الاجتماعية والاقتصادية الفاعلة . ولم يخف الأستاذ مويسي بلعيد أن بناء جدار عازل كان من المفترض ان يجمد عضوية الدولة التي أقدمت على ذلك الإجراء التعسفي في إشارة منه على مصر، على اعتبار أنها أخلت بمبادئ التنظيم لأنها ساهمت في تجويع شعب اعزل، واغتنم الفرصة على ضرورة أن يتضمن الميثاق على بند فصل العضوية للدولة التي تتجاوز حدودها وتخل بمبادئ التنظيم رغم أن الأهداف غير محددة في النظام القديم حسب تأكيده . وخلص الأستاذ مويسي إلى القول أن الإصلاح يعد منهجية تبنى عليها الإصلاحات .