نشط الفنان إيدير، رفقة سامي بن شيخ مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ندوة صحفية تناولت الحفل المرتقب الذي سيحييه إيدير يومي 4 و5 جانفي المقبل بالقاعة البيضوية، ليعود بذلك إلى الجزائر بعد 38 سنة من الغياب الفني. وأكد إيدير أن قراره بالغناء في الجزائر ليس متناقضا مع مواقفه السابقة، خاصة بعد ترسيم اللغة الأمازيغية. بعد أن كان محددا بتاريخ 11 و 12 جانفي المقبل، تقرر أن يحيي إيدير حفلا فنيا بالقاعة البيضاوية يومي 4 و5 جانفي، بالنظر إلى ارتباطه بجولة فنية في أوروبا، ليسجل بذلك نهاية غياب فني عن الوطن الأم قارب 38 سنة. وفي حديثه عن الموضوع، وصف سامي بن شيخ الفنان إيدير بأنه «واحد من أكبر فنانينا، وهو متواضع جدا ولم يشترط أي شيء من أجل أن يعود ويغني في الجزائر»، واعدا بأن تكون هناك مفاجآت في الحفل، باستقدام فنانين من عنابة وباتنة وتلمسان، والهدف هو الالتقاء مجددا بإيدير. كما أعلن بن شيخ عن جولة فنية عبر الوطن في الفترة ما بين ماي وجوان ستقود إيدير إلى مناطق منها تيزي وزو، بجاية، قسنطينة (الزينيت)، وهران (الميريديان). وأجاب بن شيخ عن سؤالنا حول توثيق الحفل بقوله إنه سيكون مصورا وقد يكون منقولا في فضاءات معينة سيكشف عنها لاحقا، كما سيكون هنالك كوفريه يضم كل أعمال إيدير وسيكون متوفرا يوم الحفل. من جهته، تحدث إيدير عن قراره هذا، وقال إنه «في فترة من الفترات تمت محاولة توظيف الفنانين في أمور السياسة، وكان هذا من دواعي رفضي».. وأضاف: «هناك أيضا عامل السن، وأنا الآن أحس بأن السنوات تمر بسرعة أكبر، وسيكون أمرا دراميا أن لا أعود للغناء بالجزائر لتحية الجمهور الذي أعطاني الكثير والذي أتمنى أن أكون قد قدمت له شيئا ما». وفي لحظات من العاطفة القوية التي بدت على الفنان، قال: «أحببت الجزائر دائما، وحتى بعد 40 سنة من الاغتراب فقد بقيت جزائريا.. لقد لاقيت عقبات مع جهات منعتني من النضال من أجل هويتي، ولكن الآن، وقد صارت هذه اللغة رسمية، حتى وإن كان هناك أمور ما تزال تنتظر القيام بها في هذا الصدد، إلا أن الديكور الحالي يعطيني الرغبة في الغناء هنا، خاصة وأنني وجدت الشريك ممثلا في سامي بن شيخ الذي يعطيني الحرية لتصميم حفلي كما أريد»، مؤكدا بأن فكرة العودة لم تغب أبدا عن باله. وعاد إيدير نوعا ما إلى جذور رؤيته وآرائه ومواقفه، التي بدأت منذ أن ولد في قرية قبائلية معزولة نوعا ما، وانتقاله إلى العاصمة للدراسة، وملاحظته نوعا من الاستصغار في حقبة زمنية معينة للمكون الثقافي الأمازيغي، وهذا على الرغم من أن «الدم القبائلي سال من أجل الجزائر في حرب التحرير، ولكن كان هناك تقزيم للهوية الأمازيغية»، من أجل ذلك، اختار إيدير الغناء، حيث وجد في الأغنية «وسيلة تسمح بإيصال صوتنا.. وإذا أحب الناس أغنيتي فقد يقتربون مني، قد يبدو الأمر سهلا هكذا ولكن الحقيقة تشوبها ظروف أخرى»، مؤكدا بأن «اللغات يمكن أن تتعايش فيما بينها كل بقيمتها». وأضاف إيدير: «في السابق لم يكن ترسيم اللغة مطروحا، أما الآن وقد تم ترسيمها فقد رأيت في ذلك خطوة إلى الأمام، لذلك لا يوجد أي تعارض أو تناقض بين موقفي السابق والحالي»، موضحا بأنه لطالما رفض الغناء «تحت رعاية مجموعة أو فئة لمخاطبة الأغلبية». وأضاف إيدير بأنه يمكن أن يطلب من المغنين العالميين الذين رافقوه في ألبومه الأخير أن يحضروا إلى الجزائر إن قبلوا بذلك، ومن الأسماء التي تم تداولها بأنها ستحضر الحفل الفنان الفرنسي فرانسيس كابريل، إلى جانب شارل أزنافور في ما سمح وضعه الصحي بذلك. سألنا إيدير عن إمكانية تكريم الكتاب والمؤلفين الذين تعامل معهم، وكتبوا له أجمل أغانيه، على غرار المرحوم بن محمد الذي كتب أغنية «أفافا ينوفا» التي لاقت صيتا عالميا، وأجاب الفنان بأن أحسن تكريم للمؤلف هو أداء أغانيه على الركح، مضيفا بأنه، بعد مشاكل حصلت له مع المؤلفين، تحول إلى كتابة أغانيه بنفسه، أو أداء ما تكتبه زوجته. أما سامي بن شيخ فبارك هذه الفكرة وأضاف بأن الديوان موجود للتعريف بالمؤلفين والمبدعين، خاصة أولئك الذين كتبوا أعمالا ناجحة نالت إعجاب الجمهور. وعن علاقته بالثقافة العربية، قال إيدير إنه شغوف بها، وقد قرأ لابن المقفع وطه حسين، ولا مشكل لديه مع اللغة العربية، ولكنه يرفض توظيفها في خدمة الإيديولوجية.