عندما تكون جنسيتك مزدوجة أو مثلثة أو مربعة أو حتى مخمّسة، قد يبدو الأمر مربحا ومفيدا ومريحا للبعض.. بالنظر إلى المنافع والفوائد العديدة التي قد تتمخض عن تلك المسألة.. لكن ليس دائما، ففي بعض الأحيان قد تتحوّل النعمة إلى نقمة، وقد يصير الخير سخطا، بنفس الطريقة التي تصير فيها الشجرة الباسقة مجرد جمرة ثم رمادا تذروه الرياح، ثم لا شيء يذكر، غبار وفقط، تتقاذفه الكائنات في كل جانب.. بعض اللاعبين المزدوجي الجنسية اختاروا اللعب لفرنسا، منهم كمال مريم وزين الدين زيدان.. وبعض اللاعبين المزدوجي الجنسية انتظروا حتى تصلهم دعوة من الجزائر، وعلى رأسهم حمداني، مادوني وبن عربية.. ومن اللاعبين المزدوجي الجنسية من يطيل السوسبانس ويتردد في إعلان أي الجنسيتين يختار، وهو براهيمي أو براهامي، لا يهمّ نطق اسمه بل حقيقة فعله.. نظرتنا كجزائريين لأبناء جلدتنا المقيمين بالخارج، أوروبا خاصة، كانت وما تزال مليئة بالغبطة، وهو شيء يشبه الحسد أو يقترب من الحقد.. سبب تلك النظرة هو البحبوحة التي نعتقد أن أولئك يتمتعون بالعيش فيها، على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. وليكن الأمر صحيحا، ولنفرض أن الجزائريين في أوروبا، فرنسا خاصة، يتمتعون برغد العيش ورخائه، فهل يمكن لهذا الأمر أن ينسينا مسألة أهم، بل قل المسألة الأهم؟.. لقد علّمنا التاريخ أن الدم لا يمكنه أن يتحول إلى ماء.. كما علّمتنا ذات الدروس أن الرجال الحقيقيون يظهرون وقت الشدة والأزمة وليس حين الترف والبذخ.. أن تكون في حوزتك جنسية مزدوجة، أمر ليس من السهل تحمّله دائما.. لأن الجنسية كانت دائما وأبدا واحدة لا ثانية أو ثالثة أو رابعة أو خامسة لها.. احمل ما شئت من الجنسيات العالمية، فمصيرك في النهاية ومآلك واحد ووحيد: هو الاختيار.. نعم، سيفرض عليك الناس ذات يوم أن تختار واحدة فقط من بين كل الجنسيات التي تحملها.. ويومها، لا يمكن لغيرك أن يختار بدلا عنك، بل ولا يمكنك أن تغش في اختيارك.. وإن فعلت ذلك فإن أمرك مكشوف لا محالة طال الزمن أم قصر.. أصلك أصلك، لا تغرّك جنسيتك.. وللحديث بقية.