تدخل الجيش الوطني الشعبي، عبر نحو 20 ولاية، محاصرة بالثلوج، مقدّما مساعدات غذائية وإنسانية للعالقين، كما قامت قواته بإجلاء العديد من المنكوبين، وهي مشاهد أعادت إلى الأذهان تلك الصور الإنسانية النادرة، التي تلاحم فيها "أبناء الشعب" خلال سنوات المأساة الوطنية، وأثناء الزلازل والفيضانات التي تعرضت لها الجزائر، فكان جيشا في خدمة الشعب وتحت تصرف الدولة. اثر الاضطرابات الجوية، بادرت مؤسسة الجيش إلى إعادة فتح الطرقات المقطوعة وتقديم مواد غذائية وأغطية وتزويد عائلات معزولة بالوقود، وكذا إيواء المنكوبين داخل وحدات الجيش وفك العزلة عن المحاصرين، إلى جانب فتح نقاط طبية وإسعاف المصابين وتزويد الفئات المحتاجة بالأغطية والوجبات الساخنة. وشملت تدخلات قوات الجيش، على مستوى الناحية العسكرية الأولى، ولايات: المدية وتيزي وزو والبليدة وبومرداس وعين الدفلى، وتكفلت الناحية العسكرية الثانية بولايات: تيسمسيلت وتيارت وسيدي بلعباس وتلمسان ومعسكر والبيض وغليزان، فيما تدخل الجيش من خلال الناحية العسكرية الخامسة بولايات: قسنطينة وسطيف وعنابة وجيجل، وغيرها من المناطق. هي ليست سابقة في تاريخ ورصيد الجيش الوطني الشعبي، ومختلف القوات الأمنية الأخرى، ممثلة في الدرك والشرطة، حيث وقف جنود وضباط الجيش مع المواطنين في محن وطنية عديدة، أثبتت لما لا نهاية، أن مؤسسة الجيش ليست منفصلة عن الشعب مثلما هو جار في بلدان أخرى، فالامتداد الشعبي لقوات الجيش الجزائري، جعلته حاضرا إلى جانب المواطنين كلما استدعت الضرورة ذلك. لقد أثبت الجيش الجزائري أنه جيش شعبي، مهامه ووظائفه تتعدى المهمة الأمنية والعسكرية والحربية، المرتبطة بحماية التراب الوطني وتوفير الأمن للبلاد والعباد والدفاع عن وحدتهما وسلامتهما، فقد وسّع الجيش "صلاحياته" إلى المساعي الإنسانية والأدوار الخيرية، حين يتطلب الحال تقديم مساعدة ضرورية لمواطنين في خطر، أو، مشاركة السلطات العمومية المدنية في مواجهة كوارث طبيعية وأوضاع استثنائية. من الطبيعي، أن يتلاحم الجيش الجزائري مع شعبه، فهو المؤسسة التي تضمّ ضمن صفوفها الأمامية والخلفية، شبابا وكفاءات وإطارات مستخلصة من نخبة هذا المجتمع بمختلف فئاته، ولعلّ مشاهد المؤازرة والمواساة والتضامن، التي صنعها أفراد الجيش الوطني الشعبي، عبر مختلف بقاع الجزائر العميقة، خلال الأيام الأخيرة، للتكفل بالعالقين والمحاصرين بسبب الاضطرابات الجوية، هي إضافة تضاف إلى تلك المشاهد المماثلة التي أنتجتها "شعبية" الجيش خلال كوارث سابقة. حتى وإن كانت مصائب وكوارث ومآس، فإنها كانت مناسبة لتأكيد تلاحم الجيش مع شعبه، ولا تحتاج هنا الصور الإنسانية التكافلية القادمة من مختلف الولايات، إلى تزويق أو تنميق، لإبراز الهبّة التضامنية بين الجيش وشعبه، والشعب وجيشه، وهي علاقات لا تستدعي الكثير من الجهد والاجتهاد للوقوف عليها. لقد كانت العديد من الصوّر الملتقطة، رسالة واضحة ومشفرة في نفس الوقت، إلى هؤلاء وأولئك، تثبت أن علاقة الشعب بالجيش لا تشوبها شائبة، وهي علاقات غير قابلة للتمزيق والتفريق أو الاختراق، طالما أن الأمر يتعلق بمؤسسة تسمّى: الجيش الوطني الشعبي.