قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إن تبرير الجماعات التكفيرية للأعمال الإرهابية التى تُرتكب فى مصر يرتكز بالأساس على ستة مفاهيم رئيسية، تشكل المسوغ الرئيسى لشرعنة الأعمال الإرهابية ضد مصر. ولفت المرصد -فى دراسة جديدة صادرة عنه- أن خريطة المفاهيم الستة التى تمثل المرجعية الفكرية لهذا التنظيم هى: (الحاكمية – الجهاد – التكفير والردة – التوبة – الحسبة – الولاء والبراء) والتى وظَّفها ما يطلق على نفسه "تنظيم ولاية سيناء" فى إصداراته المرئية التى صدرت خلال العامين 2017 و2018: (قاتلوا المشركين كافة – نور الشريعة – صاعقات القلوب – ملة إبراهيم – حماة الشريعة – المجابهة الفاشلة)، من أجل تبرير استخدامه للإرهاب، واستقطاب مقاتلين وأتباع وموالين له. والمفهوم الأول هو "الحاكمية"، وهو المفهوم المحدِّد لطبيعة العلاقة مع الدولة المصرية، ويعنى لديهم الحكم بما أنزل الله كما يفهمه التنظيم، ومعاداة الديمقراطية والانتخابات باعتبارها "صنم العصر"، والوقوف ضد كافة القوانين الوضعية، لأنها وفقًا للتنظيم تستبدل حكم الله بحكم البشر، إذ يعتبر التنظيم أن التحاكم للقوانين الوضعية هو بمثابة الشرك وعدم الإذعان لحاكمية الله، وهو فى ذلك يستمد فهمه للحاكمية من أفكار سيد قطب. المفهوم الثانى هو "الجهاد"، وهو الأكثر استخدامًا لإضفاء شرعية على العمليات الإرهابية التى يمارسها فى مصر، ويستخدمه تنظيم "ولاية سيناء" باعتباره مرادفًا لاستخدام السلاح للقتال ضد الأعداء، وهم فى نظر التنظيم: – النظام السياسى والمتعاونين معه "وخاصة المسيحيين"، – رجال الجيش والشرطة. – المشركون وفق فَهم التنظيم، ويستمد التنظيم هذا الفهم من أفكار أبى الأعلى المودوى الذى رأى أن الجهاد "ذو طبيعة عنيفة أصيلة وتكوينية"، وهدفه الرئيسي هو تحقيق "الحكم بما أنزل الله" فى الأرض. وأضاف المرصد أن "التكفير والردة" مفاهيم يسقطها التنظيم على المصريين غير التابعين أو المؤيدين له، ويستخدم التنظيم المفهومين مترابطين معًا، ويُحدِّدُ الفئاتِ التى ارتدَّت عن الإسلام فيما يلى "مؤسسات الدولة مُمثَّلة فى الجيش، الذى يصفه ب"جيش الردة"، والشرطة، والنظام السياسي، الذى يصفه التنظيم "بالنظام الطاغوتي" ويصف القائمون عليه "بحكام الردة والكفر". – شيوخ السلفية الذين يصفهم التنظيم بأنهم "يدَّعون زورًا وبهتانًا أنهم إسلاميين" – حركة حماس التى وصفها التنظيم "بالطائفة المرتدة، وعصابة الكفر فى غزة". – المؤسسات الدينية الرسمية والطرق الصوفية. وهذا التوظيف للتكفير والردة، يتقاطع مع أفكار الخوارج بصورة رئيسية، الذين يُعرَفون بالغلو فى التكفير، سواء كان التكفير بالكبائر -عند بعضهم-، أو التكفير لكل من خالفهم. "التوبة"، وهى المفهوم الرابع فى خريطة المفاهيم لدى تنظيم ولاية سيناء المزعوم، ويستخدم المفهوم بالأساس لاستمالة الفئات التى كفَّرها ووصفها بالمرتدة، ويلاحظ أنه فى إصدار "صاعقات القلوب"، و"نور الشريعة" و"ملة إبراهيم" حصر قبول التوبة من عموم المسلمين غير العاملين فى المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والمتعاونين معهم، بينما وسَّع الاستتابة لتقبل من ضباط الجيش فى إصدار "المجابهة الفاشلة"، حيث دعاهم التنظيم إلى "الهجرة والالتحاق بصفوف التنظيم دون قيد أو شرط معتبرًا أن الهجرة إليه تمحو ما قبلها". و"الحسبة"، وهى المفهوم الخامس، تعتبر مرادفًا لفكرة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى طوَّرها وَفق ما جاء فى فيديو "نور الشريعة" لمحاربة الأعمال الشركية من خلال القتل وهدم الأضرحة. ويُنزل التنظيم المُصطلح على الأطراف التالية (الصوفية المشركين حسب التنظيم – أهالى سيناء فى المناطق التى يوجد فيها التنظيم). وسادس المفاهيم هو "الولاء والبراء"، ويعتبره التنظيم المؤطر لعلاقة المسلمين -وخاصةً الجماعات الإسلامية- بغير المسلمين، ويتعامل معه على أنه يعنى وفق ما ورد فى إصداره المرئى "قاتلوا المشركين كافة"، على أنه "محاولة الأحزاب التى تسمي نفسها إسلامية إرضاء الطائفة الكافرة، لعلمهم أن النصارى فى مصر يمتلكون تأثيرًا قويًّا، خاصة وأنهم يتحكمون فى مفاصل السلطة". وهذا التوظيف للولاء والبراء، يتقاطع مع أفكار أبو محمد المقدسى -المرجعية الشرعية الأبرز لأغلب التنظيمات الإرهابية- الذى يُعد كتابه "ملة إبراهيم" بمثابة المرجعية العقيدية والقتالية لشرائح واسعة من التيارات التى تتبنى العنف، والولاء والبراء عند المقدسى مرتبطان بأصل الإسلام (الشهادتين)، ويجب أن يصرح بهم المسلمون، وعلى ذلك فيجب إظهار محبة المسلمين ونصرتهم، والتصريح ببغض الكافرين وعداوتهم أو من يراهم المقدسى مرتدين ومشركين.