لكل من أمتعه مودريتش ورفاقه، نعلمكم بأن كرواتيا كانت نِسيا منسيا إلى غاية مونديال إيطاليا سنة 1990، لم يكن العالم يعرف سوى منتخب يوغوسلافيا، منتخب كان رأس ماله اللعب الاستعراضي، وعندما واجه منتخب زائير ممثل إفريقيا الوحيد في مونديال 1974 في ألمانيا سحقه بتسعة أهداف كاملة، ولكن يوغوسلافيا التي كانت عاصمتها بلغراد، ولم تكن زغرب سوى مدينة صغيرة، بقيت على هامش الحدث، قبل أن تباشر كرواتيا بعد استقلالها عن يوغوسلافيا التي تفتت، في صنع الحدث فكان انفجارها الكروي في مونديال فرنسا 1998 حيث بلغت النصف النهائي ولم تسقط إلا أمام البلد المضيف، لتعود في مونديال روسيا بخطوة إضافية إلى النهائي في مقابلة ثأرية أمام فرنسا. كرواتيا بلد صغير في قلب القارة العجوز لا يزيد تعداد سكانها عن الأربعة ملايين ومئتي ألف نسمة، يعيشون في مساحة لا تزيد عن 56 ألف كلم مربع، يدينون الكاثوليكية الرومانية، ويتكلمون اللغة الكرواتية التي كانت مقموعة في زمن يوغوسلافيا. كرويا، لا تشكل كرواتيا أي رقم في معادلة الكرة الأوروبية، فكل نجومها يغادرون البلد الصغير، لأن الدوري الكرواتي ضعيف جدا وهو لا يضم سوى 12 فريقا، والمسيطر الدائم على المنافسة هو دينامو زغرب الذي كان يلعب له هلال سوداني، وحتى الاتحاد الأوروبي لا يمنح أندية كرواتيا حظا في لعب رابطة أبطال أوربا إلا بعد لعب مباراتين تصفويتين قبل دور المجموعات، وهو ما حرم كرواتيا من التواجد ضمن الكبار واكتفت بتتبع لاعبيها الذين ينشطون على وجه الخصوص في برشلونة وريال مدريد. ستكون أكبر مفاجأة في تاريخ كأس العالم قبل بلوغه القرن من المنافسة، إن تمكنت كرواتيا من قهر فرنسا وانتزاع التاج العالمي، وستفتح كرواتيا الباب لكل المنتخبات العالمية، ليس لأجل أن تحلم وإنما لأجل أن تسعى للالتحاق بالمنتخبات العريقة التي فازت بكأس العالم، الذي بقي إلى غاية دورة موسكو حكرا على منتخبات بعينها، يتم قبل كل مونديال ترشيحها، ويتأكد ذلك مع نهاية المونديال، قبل أن تقلبه كرواتيا التي دخلت روسيا منتخبا صغيرا طامحا في التألق وقد تخرج منه بطلا كبيرا.