فتح وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، النار على النظام الحالي في الجزائر ووصفه بالاستبدادي، وقال إن رياح التغيير ستهب لا محالة على الجزائر، مؤكدا أن هذا التغيير لن يقدم للجزائريين على طبق من فضة بل لن يكون إلا بعد تضحيات كبيرة رفضا للأوضاع السائدة، وأن رياح الربيع العربي ستصيب كل الدول العربية دون استثناء، مرجعا أسباب مغادرته وبقائه في باريس بالوضع المتردي في البلاد. وتطرق الإبراهيمي لدى استضافته في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة الفضائية، مساء الأربعاء، إلى العديد من الملفات الراهنة في الجزائر، غير أنه تحفظ عن الخوض كثيرا في علاقته بالمؤسسة العسكرية قبيل الانتخابات الرئاسية لسنة 1999، مشيرا إلى وجود خلاف بينه وقيادة الجيش التي قال إنها كانت تمارس الوصاية على الشعب وتعتبره قاصرا، مؤكدا أن أسوأ المراحل التي عاشتها الجزائر هي سنوات التسعينيات أين تقهقرت الجزائر في كامل الميادين، غير أنه لم يكتب كثيرا عن هذه المرحلة و يصعب تحديد المتسببين في المأساة الوطنية. وتحدث وزير الخارجية الأسبق عن مختلف مراحل جزائر ما بعد الاستقلال ووصف فترة حكم الرئيس الراحل أحمد بن بلة بالانتقالية بين اضطراب الثورة واستقرار الدولة، مشيرا ان هذه الفترة اتسمت بالارتجالية والفوضى ولم تدم طويلا، في حين حدد إيجابيات فترة حكم الرئيس الراحل هواري بومدين، التي كان ضمن طاقم حكومتها، في كونها رسخت العدالة الاجتماعية عن طريق توزيع عادل لريع الدولة، وكذا دعم مطلق للقضية الفلسطينية والحركات التحررية ومحاولة إقامة نظام عالمي جديد، بينما تتمثل سلبياتها في فشل الثورة الزراعية بسبب عدم إيمان محيط الرئيس بومدين بهذه الثورة، ناهيك عن وجود نوع من الاستبداد و التخلي عن الحريات الفردية لحساب العدالة الاجتماعية. ولدى حديثه عن مرحلة حكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، قال الإبراهيمي إن الرئيس الشاذلي استمر في نفس نهج حكم الرئيس بومدين مع التركيز على حل المشاكل الحدودية مع دول الجوار باستثناء ليبيا، فيما عمل على تحسين الحياة اليومية للمواطنين وفتح الباب أمام الحريات الفردية على حساب العدالة الاجتماعية مما أدى مباشرة إلى أحداث الخامس أكتوبر 1988 - التي يعتبرها الجزائريون ربيعهم- وتم بعدها اعتماد التعددية مكان الأحادية سياسيا، واقتصاد السوق مكان الاشتراكية. احمد طالب الإبراهيمي تحدث بإسهاب عن فترة حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة وذكر قليلا من محاسنها كالإنجازات في مجالات المواصلات، البناء، استتباب الأمن بعد العشرية الحمراء، وعدد كثيرا من المساوئ بدأها بالتذبذب في السياسة الخارجية والداخلية، قائلا إنه تم تطبيق نظام اقتصاد السوق بصورة وحشية على حساب الطبقات المحرومة، واصفا التعددية والمعارضة بالمزيفة والعميلة للسلطة، مشيرا أن الديمقراطية في الجزائر مزيفة كذلك ولم تفتح الباب أمام الحريات الأساسية كالحق في التظاهر، الإضراب، التعبير والعمل النقابي وغيرها من الحريات التي لا تزال ممنوعة، إضافة إلى تفشي الفساد وتدني الأخلاق، مؤكدا أن إمكانيات الجزائر المادية كانت تسمح بإنجاز المزيد من المشاريع لتحسين أوضاع المواطن. ولدى حديثه عن أزمة حزب جبهة التحرير الوطني، أكد الإبراهيمي، أنه كان مع الطرح الذي يقول بانسحاب الحزب من الحياة السياسية مباشرة بعد اعتماد التعددية، وفتح المجال لإنشاء أحزاب جديدة، لأن تسمية جبهة التحرير ملك لكل الجزائريين وليست حكرا على فئة معينة من الأشخاص، يضيف المتحدث. ووجه وزير الخارجية الأسبق نداء للشباب الجزائري بضرورة استكمال المسيرة التي بدأها جيل الثورة من الأوفياء لقيم نوفمبر واستكمال قضية تصفية الاستعمار الثقافي الذي تعاني منه الجزائر حاليا، والتأسيس لمرحلة ما بعد بوتفليقة عن طريق توظيف الموارد المالية والعودة إلى العدالة الاجتماعية وأخلقة الحياة السياسية، وذلك لن يكون – حسب المتحدث- إلا بانتهاج سياسة الجمع وليس الإقصاء الموجود حاليا ضد الشبان مؤكدا وجود عناصر مخلصة في المؤسسة العسكرية ومن كل الإيديولوجيات الإسلامية، الوطنية أو العلمانية تجمعها قواسم مشتركة لرفض الإستبداد والفساد من جل إقامة الحكم الراشد، محذرا من مخططات غربية وصهيونية لتقسيم الأمة الإسلامية وآخر خرجاتها إثارة الصراع بين السنة والشيعة .