عاد وزير الدفاع الأسبق، الجنرال المتقاعد خالد نزار، إلى الحديث عن الفترة التي كان فيها في موقع الرجل القوي في السلطة آنذاك، وتوقف فيها بالتفصيل عند أحداثها المركزية، وعلى رأسها وقف المسار الانتخابي في جانفي 1992، واستقالة أو إقالة الرئيس الأسبق، الراحل الشاذلي بن جديد، وما انجر عن ذلك من تداعيات على استقرار البلاد. هذه الأحداث المحورية، شكلت أهم فصول الجزء الثاني من مذكرات خالد نزار، وهي الفترة التي تعتبر واحدة من أصعب المراحل التي عاشتها البلاد منذ الاستقلال، وحصر صاحب الكتاب موضوع هذا الجزء من مذكراته، في السنوات الست الممتدة من العام 1988 و1994. ورغم أن وزير الدفاع الأسبق، خاض في هذه الفترة، في الكتب التي أصدرها سابقا، والحوارات الصحفية التي أنجزها، والتي أبرزها على الإطلاق، الحلقات المطولة، التي خص بها "الشروق" في العام 2015، إلا أن هذا الكتاب يحمل في طياته بعض الخفايا التي لم يسبق له أن أثارها في محطات خلت. نزار يعرض في كتابه الجديد، الأسباب التي أدت إلى انفجار أحداث الخامس من أكتوبر 1988، وما سببته من تغييرات هيكلية في منظومة الحكم وفي طبيعة النظام السياسي القائم حينها، وانعكاساتها على المشهدين السياسي والإعلامي، وكذا تداعيات كل ذلك على الوضع في البلاد برمتها، مثل استقالة أو إقالة، الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد في 11 جانفي 1992، وما خلفه ذلك من فراغ دستوري، واستحداث المجلس الأعلى للدولة وما رافق ذلك من جدل، فضلا عن عودة الراحل محمد بوضياف إلى الجزائر، وترؤسه المجلس الأعلى للدولة ثم اغتياله في مشهد مأساوي. الجزء الثاني من مذكرات عضو المجلس الأعلى للدولة سابقا، عرج فيه أيضا على الوفاة المشبوهة للرئيس الأسبق، هواري بومدين، والوضعية الاقتصادية للبلاد في ذلك الوقت، وكيف استغل "التيار الإسلامي" تلك المشاكل للتمكين لهذا التيار، في مواجهة الحزب الواحد سابقا، حزب جبهة التحرير الوطني. ومعلوم أن الجنرال نزار كان وزيرا للدفاع خلال أحداث أكتوبر 1988، وهو ما أهله ليكون في مقدمة المتهمين بقمع الشباب المتظاهر، وقد اتهم يومها نزار بالضلوع في تعذيب المتظاهرين، كما حُمّل مسؤولية الأرواح التي سقطت، غير أنه ألقى بتلك التهم على الجنرال المتقاعد، محمد بتشين، الذي نفى بدوره تلك التهم ورمى نزار بها. وزير الدفاع الأسبق، استفاض في تصفية حساباته مع التيار المحافظ، وحمّله مسؤولية انهيار اقتصاد البلاد وتراجع مستوى المعيشة، وانعكاسات ذلك على الوضع العام في البلاد، حيث قدّر بأن انتفاضة الخامس من أكتوبر 1988 من بين نتائجها، كما تحدث عن دور للمخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، في تأجيج الأزمة التي عاشتها البلاد في بداية تسعينيات القرن الماضي، وكذا ما سماها المافيا المالية والسياسية. وتكمن أهمية هذا الجزء في كون مؤلفه (نزار)، كان على رأس جناح نافذ في السلطة، استطاع أن يزيح جميع خصومه السياسيين، وخاصة من يوصفون بالمحافظين في الدولة، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد، الذي انتهى به المطاف إلى الخروج من الباب الضيق.