كشفت جمعية الدفاع عن حقوق الطفل ADEN، التي يوجد مقرّها بعنابة، عن وجود أكثر من 30 طفلا، لأمهات توجدن حاليا سجينات، صدرت في حقهن أحكام بالسجن، البعض منها طويل الأمد، لكنهن كنّ حاملات وولدن خلف أسوار السجن. وتقدّر الجمعية عدد هذه الحالات، بحوالي 30 حالة لأمهات كنّ حوامل عند صدور أحكام بالسجن في حقهن، الأمر الذي اضطرهن إلى الولادة في المستشفى والاحتفاظ بمواليدهن معهن داخل زنزانات السجن. أغلب النساء السجينات، اللواتي ولدن في السجن، كنّ سابقا ربات بيوت متزوجات قبل صدور أحكام بالسجن في حقهن، أما الفئة الأخرى، فهن أمهات عازبات غير متزوجات واجهت أغلبهن مشاكل عويصة مع عائلاتهن اللائي رفضن الإعتراف وتبني المولود الذي أنشئ خارج الإطار الشرعي للزواج، الأمر الذي دفع بهن إلى الاحتفاظ بمواليدهن داخل السجن. مصادر قضائية، أوضحت بشأن هذه الحالات أنه وخلافا للتشريعيات المعمول بها في عدد من الدول والتي تمنع الأم السجينة من الإحتفاظ بمولودها، فإن التشريع الجزائري لم يتنبأ بمثل هذه الحالات، مما أفرز فراغا قانونيا، فتح الباب أمام اجتهادات وتقديرات، يمكن للقاضي على ضوئها أن يتخذ قرارات ذات طابع إنساني، تسمح للأم السجينة من إرضاع وتربية طفلها داخل المؤسسة العقابية. وأوضح ذات المصدر، أن عددا من عائلات الأمهات السجينات، منهم أزواج تقدموا بطلبات إلتماس لدى الجهات القضائية لتمكين الأمهات المربيات اللواتي فضلن ترك أطفالهن لدى الزوج أو الأقارب من الإستفادة من حق إجراء زيارات دورية لأطفالهن في بيوتهن لإرضاعهم ومنحهم الرعاية والحنان الضروري لنموهم وتوازنهم الذهني. هذا السعي من طرف عائلات الأمهات السجينات، لايزال حاليا قيد الدراسة، ولم يتم لحد الآن البت فيه، في غياب قانون واضح يضبط شروط وظروف استفادة الأم السجينة من حق إرضاع ورعاية وليدها خارج المؤسسة العقابية. وكانت جمعية الدفاع عن حقوق الطفل لعنابة، والتي ترأسها المحامية "يمونة مرابطي" قد لفتت انتباه السلطات القضائية لهذه القضية، واعتبرت أن الوقت قد حان للمشرع الجزائري أن يدرس بجدية هذه المسألة ويصدر قوانين تمكن الأم السجينة من رعاية طفلها خارج أسوار السجن، بدل الاحتفاظ به في المؤسسة العقابية نظرا للأضرار النفسية التي تنجر عن بقاء الطفل مع أمه في السجن، في محيط غريب عليه لا يوفر له ظروف النمو الطبيعية التي يتطلبها سنّه وبراءته، زيادة عن العقد النفسية التي تهدّد هذه الشريحة من الأطفال الذين يولدون ويكبرون خلف القضبان ووسط حراس السجن، دون أن يدركوا سبب وجود أمهاتهم في السجن في الوقت الذي ينعم فيه الأطفال الآخرون بالهواء الطلق والحرية خارج أسوار المؤسسة العقابية. نور الدين بوكراع مشكلة أطفال السجن في العالم العربي 150 حالة في مصر والفقهاء يتحركون الرئيس الجزائري الأسبق بن بلة باعترافه تزوج في السجن.. لكن المشكلة ليست في السجن وإنما في مواليده، إذا أبصروا النور ما بين القضبان، وتطرح هذه المشكلة في مختلف دول العالم العربي، خاصة في مصر، حيث يوجد أكثر من 150 طفلا، يسمونهم حاليا، أطفال الزنزانة، يكبرون ما بين القضبان وكلهم عرضة للإلتحاق بعالم الجريمة. وتعتبر جمعية أطفال السجينات في مصر التي تم تأسيسها منذ 17 سنة من أنشط الجمعيات التي تطالب بإجراء تعديل تشريعي تؤجل بمقتضاه عملية تنفيذ العقوبة الخاصة بالمرأة الحامل من أجل أن تقضي فترة رضاعة ولدها إلى غاية العامين تحت الحراسة المشددة ثم يزج بها في السجن.. وتلقى هذه الصيحة ردود فعل مدعمة من أخصائيي علم النفس والإجتماع ومنظمات حقوق الإنسان في كامل دول العالم العربي.. خاصة أن ميزانيات السجون تضع بنودا خاصة بالإطعام والدواء، الملابس الخاصة بالرضع، لأجل ذلك لا يعيش الرضع، كما يجب.. وفي مختلف الزنزانات لا توجد ميزانية خاصة للأطفال ويمكننا تصور عملية تربية رضيع من دون "قماطة" أو أدوية أو حليب أطفال أو مواد الغسل المعروفة، ويتفق علماء الدين أيضا، على ضرورة أن لا تزر وازرة وزر أخرى، أي لا يجب سجن الطفل، لأن أمه ارتكبت جريمة، كما يحدث حاليا، فتصبح عقدة غير قابلة للحل، فهو من مواليد السجن وإبن سجينة ويضرب العلماء مثالا عن ذلك في قصة الزانية الحامل التي ذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تطلب منه توقيع حد الزنا، أي الرجم عليها، فطلب منها أن ترجع حتى تضع مولودها، فلما وضعت رجعت إليه، فطلب منها أن تعود بعد أن تفطمه، فلما عادت أقام عليها الحد.. وبالقياس يطالب الفقهاء بأن تبقى الأم خارج السجن إلى أن تنهي عملية فطام مولودها، أما أن يتحول السجن إلى "دار حضانة"، فهذا ما يطالب الكثيرون بتوقيفه ومنهم رجالات قانون جزائريون. ناصر إثنان يرافقان والدتيهما بالمؤسسة العقابية بالحراش السجن: المكان غير الطبيعي للطفل قبل أقل من شهرين، التقيت الرضيعة "ياسمين" في الجناح المخصص للنساء بسجن الحراش، خلال جولة مبرمجة إلى هذه المؤسسة العقابية، لم تبلغ الطفلة السنة بعد، ولدت هنا قبل ثمانية أشهر، وكانت والدتها حاملا عندما أودعت الحبس في قضية مشاركة في قتل عجوزين بالقبة، هي ابنة غير شرعية، ولدت في المستشفى تحت حراسة، قبل تحويلها مجددا للعيادة الموجودة في الجناح المخصص للنساء السجينات، لم تكن "ياسمين" أصغر سجينة في المؤسسة العقابية بالحراش، هناك أيضا "آدم" 4 أشهر، هو الذكر الوحيد المسموح له بالإقامة في هذا الجناح، ولد أيضا في السجن، حيث توجد والدته المتورطة في قضية قتل أيضا. br في هذه العيادة، تستقر الأمهات السجينات مع مواليدهن، وتم توفير كل حاجيات الصغار من حليب خاص بالرضع، حفاظات، وحتى ألبسة وعطور، تتكفل إدارة السجن بشرائها لهم، ويشرف طبيب السجن على متابعتهم صحيا، الى غاية بلوغهم عامين، ليتم تحديد مصيرهم، بعد انتزاعهم من أمهاتهم، بمنح حضانتهم لأهل الأم، وإن رفضوا، يتم تحويل أطفال السجينات إلى مديرية النشاط الإجتماعي، التي تقرر وضعهم في دور الحضانة ومراكز الطفولة المسعفة. وإذا كان السجن المكان غير الطبيعي لأي طفل، إلا أن المواليد في المؤسسات العقابية يُحظون بحنان أكبر ناتج عن اهتمام السجينات بهم، لتعويض الحرمان عن فراق فلذات أكبادهن أو الفراغ، خاصة وأنه من بين السجينات في سجن الحراش متورطات في قتل مواليدهن غير الشرعيين، لتعوضن تلك الأمومة المجهضة برعاية هذا الصغير، الذي تتداول عليه الكثير من "الأمهات" في غياب أب فعلي أو صوري، على اعتبار أنه لا يسمح للرجال بالدخول إلى أجنحة النساء السجينات باستثناء المدير ويشترط أن يكون مرفوقا بامرأة، لينشأ الطفل في وسط غير طبيعي، داخل عيادة فيها أسرّة للكبار، وسرير خاص به مثل المستشفى، لديه لعب، وحليب ودواء، لكن يغلق عليه الباب في ساعات محددة ويخضع لنظام غير عادي، تسعى السجينات لكسره من خلال إحياء أعياد الميلاد، والمناسبات الدينية، والختان المبكر بمساهمة إدارة السجن غالبا، ليكون مركز اهتمام هؤلاء الأمهات الوحيدات لسنتين فقط، ليحولوا إلى العالم الخارجي، ومنها مواجهة حياة أخرى. "ياسمين" أصغر سجينة بالحراش، بكت عند اقترابي منها، لأنها لم تتعود عليّ، وبدوت غريبة لديها ف "نكرتني"، و"آدم" كان ينام هادئا في فراشه، لا يدرك وجودنا، ولا يدرك بعد مأساة "ولاد المحابسيات". في ظل تنكر الوالد غالبا وبعدها الأهل، فينشأ بعيدا عن حضن والدته، بعد أن أدرك في مهده حياة السجينات. نائلة. ب:[email protected]