بقرار رئاسة مجلس الأمة إحالة ملف رفع الحصانة البرلمانية عن كل من وزير التضامن الوطني الأسبق، جمال ولد عباس، ووزير الفلاحة والتنمية الريفية الأسبق، السعيد بركات، على لجنة الشؤون القانونية بالمجلس، تمهيدا لرفعها، يخسر أعضاء غرفتي البرلمان، امتيازا لطالما دفعوا الملايير من أجل شرائه. ويعد قرار مكتب الغرفة العليا للبرلمان سابقة في تاريخ البلاد، فإلى حد الآن، لم تدرس اللجنة القانونية في أي من الغرفتين، ملفا من هذا القبيل، وهو ما حال دون محاكمة الكثير من الفاسدين والمجرمين (جرائم قتل)، المحتمين بالحصانة البرلمانية، حيث سبق لغرفتي البرلمان أن تحفظت على طلبات من هذا القبيل وجهتها وزارة العدل، وتمت لملمة قضايا كانت تتطلب رفع الحصانة، ومنها قضية مقتل أحد المواطنين بالبويرة. وكان مكتب مجلس الأمة قد اجتمع الخميس، برئاسة صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة بالنيابة، ودرس ملف “رفع الحصانة البرلمانية” عن عضوي مجلس الأمة “سعيد بركات” و”جمال ولد عباس”، طبقا لأحكام المادة 127 من الدستور، وبطلب من وزير العدل، حتى يتمكن القضاء من ممارسة مهامه الدستورية وتفعيل أحكام المادة 573 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، وهو البيان الذي كذب ما جاء على لسان المكلف بالإعلام بالمجلس في وقت سابق. ومعلوم أن أحد أعضاء مجلس الأمة، وهو السيناتور مليك بوجوهر، يوجد رهن الحبس، بسبب تهم تتعلق بالفساد، غير أن حالة هذا السيناتور تختلف، فقد قبض عليه متلبسا برشوة، وهو ما ساعد على إيقافه مباشرة ودون تفعيل إجراءات رفع الحصانة، وذلك استنادا إلى نص دستوري صريح، وفق اجتهاد قضائي. غير أن قضيتي الوزيرين السابقين، جمال ولد عباس والسعيد بركات، تختلف لكون القضايا التي سيتابعان فيها قديمة، وتعود إلى فترة تقلدهما حقيبتي التضامن الوطني، والفلاحة والتنمية الريفية على التوالي، وهما الحقيبتان اللتان كبدتا البلاد أموالا يصعب حصرها، لكن من دون أن تحقق الأهداف المرجوة منها. ودأبت بعض الممارسات في دواليب السلطة خلال فترة حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، على حماية شخصيات متورطة في قضايا فساد، من خلال تمكينهم من الفوز بمقاعد في المجلس الشعبي الوطني، أو في انتخابات التجديد النصفي، أما النافذون جدا من الفاسدين، فكانوا يعينون في الثلث الرئاسي بالمجلس ذاته، وهكذا وقف الجزائريون على تنقل شخصيات بعينها ودون غيرها، بين غرفتي البرلمان. بدء إجراءات رفع الحصانة عن كل من ولد عباس والسعيد بركات، يعني أن المتورطين في نهب المال العام، أو الفارين من العدالة، سوف لن يتوفر لهم مستقبلا سقف آمن تحت قبتي البرلمان، مثلما يعني أيضا أن البلاد مرحلة جديدة، سمتها عدم التسامح مع الفاسدين مهما كان موقعهم وقربهم من مراكز صناعة القرار. ويوجد من بين أعضاء مجلس الأمة حاليا، أحد الوزراء الذين عاش قطاعهم على وقع واحدة من أكبر الفضائح التي لم تشهد البلاد لها مثيلا، وهو وزير الأشغال العمومية السبق، عمار غول، الذي يوجد اسمه ضمن قائمة المطلوبين من طرف الحراك.