استلم الأمين العام الجديد للاتحاد العام للعمال الجزائريين، سليم لعباطشة، أطلالا وبقايا أكبر مركزية نقابية، وذلك بسبب الممارسات التي لا تمس بصلة للعمل النقابي، من طرف الأمين العام السابق، عبد المجيد سيدي السعيد، الذي أخرج من النافذة، باعتباره أحد أفراد العصابة التي طالب الحراك الشعبي، بطرده من مبنى دار الشعب. لعباطشة لا يبدو تلك الشخصية المعروفة برصيدها التراكمي في مجال النضال النقابي، وهو عامل من شأنه أن يزيد من متاعبه في إعادة قطار الاتحاد إلى سكته الصحيحة، بعد ما انحرف عنها منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن. أولى المصاعب التي يجدها خليفة سيدي السعيد، على مكتبه، لغم التحالفات التي نسجها سلفه مع رجال الأعمال ورموز المال الفاسد، وهي قنبلة من الصعب تفكيكها، لأن هذه التحالفات عمرها سنوات عديدة، إلى درجة أنه بات من الصعب التفريق بين الرجال المحسوبين على المركزية النقابية، وأولئك الذين افترسوا المال العام أمام مرآى ومسمع العصابة، التي تحكمت في السياسة والمال وتمكنت من مفاصل الدولة.. فالمركزية النقابية في عهد أمينها العام السابق، اكتفت بتزكية ما يصدر عن الحكومة من قرارات ومشاريع قوانين، ولم تكن يوما قوة اقتراح، تحقق بها التوازن في اجتماعات الثلاثية التي كانت قراراتها في اتجاه واحد، على الرغم من أنها شريك اجتماعي بقوة القانون، بدليل عجزها على مدار أزيد من عقدين من الزمن، في إقناع أو إجبار الحكومة على إحالة مشروع قانون العمل إلى البرلمان لمراجعته، بحيث لا يزال هذا المشروع معلقا على مستوى قصر الدكتور سعدان، إلى إشعار آخر. عجز المركزية النقابية عن تحقيق أبسط مطالب العمال، ظهر من خلال فرض الحكومة لمنطقها فيما تعلق بالمادة 87 مكرر، من قانون العمل 90-11 المؤرخ في 21 أفريل والتي تتحدث عن الأجر الأدنى المضمون وكل ما اتصل به من علاوات وتعويضات 1990، حيث تمت مراجعة هذه المادة دون بقية المواد الأخرى، وهو الهدف الذي لطالما تمنى الملايين من العمال تجسيده، لكونه لم يعد يتماشى والظروف الراهنة لواقع الشغل في البلاد. لعباطشة سيجد أيضا على مكتبه ملفا آخر شائكا وهو المتعلق بالمهن الشاقة، والذي تواطأ فيه سيدي السعيد مع حكومتي كل من الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، وأحمد أويحيى، غير أن الثلاثة ذهبوا وتركوه معلقا، بالرغم من أنه طرح للنقاش منذ أكتوبر 2016. بالإضافة إلى ذلك، يوجد ملف آخر لا يقل أهمية وهو مسألة مراجعة نظام الضريبة على الدخل الإجمالي IRG، والتي تقترب من عتبة الأربعين بالمائة بالنسبة للأجور، وهو المطلب الذي رفعه الملايين من العمال، وخاصة محدودي الدخل، كونه يلتهم الكثير من أجور زهيدة في ظرف تهاوت فيه القدرة الشرائية للمواطن. الملف الآخر الذي سيجده الرجل الأول الجديد في المركزية النقابية، على مكتبه، أثقل مما سبقه، وهو ذلك المتعلق بالعمال ضحايا المجالس التأديبية للمؤسسات، والذين فصلوا خارج القانون وبتواطؤ من سيدي السعيد، الذي انساق وراء هذه المجالس على حساب حقوق العمال. كل هذه المسائل ستعقد من مهمة الوافد الجديد على الأمانة العامة للمركزية النقابية، غير أن نجاحه يبقى مرهونا بمدى قدرته على نقل المركزية النقابية من موقع المتواطئ، إلى موقع الشريك الاجتماعي السيد، وهو أمر يتطلب فقط القليل من الإرادة لا غير.