عاد الحديث عن مشروع الطريق السيار، أو ما عُرف زورا وبهتانا ب”مشروع القرن”، وقد اكتشف المواطنون بعد تدشينه بالتقسيط وبعدما أكل ما لا يقلّ عن 17 مليار دولار، أنه أكذوبة صدقها العابرون لهذا الطريق اضطرارا، وها هو الآن قرار إعادة فتح الملف، يثير النقاش مجددا، حول المبلغ الحقيقي لهذا المشروع، وأين ذهبت كلّ تلك الملايير؟ الطريق السيار.. مشروع بدأ بداية الألفية الثانية، ولا يُريد أن ينتهي إلى اليوم، وفي الأجزاء التي تم تسليمها ب”الزرنة والبارود”، و”أصحاب الكرابيلا” في عهد “الوزير الغول”، فضحت الأيام خديعتها، وأعادت الوزارة تقييم المشروع، وتمّ منح عمليات ترميم واسعة لمقاولين محظوظين، من أجل إصلاح ما أفسده “الهفّ” ونهب المال العام بالمشاريع الوهمية والمغشوشة! يُمكن استدعاء الشهود في هذه القضية، خلال المحاكمة، ومن بين هؤلاء الشهود، بين الشاهد ألف وعوض الألف مليون شاهد حقّ، ومليون ضحية، يروون حكاياتهم ومآسيهم مع طريق سيّار وطرق ولائية ووطنية وبلدية، تحوّلت للأسف إلى وسائل قتل وإجرام انتهى بما يسمى حاليا ومنذ فترة “إرهاب الطرقات”، الذي يخلف عشرات القتلى ومئات الجرحى باستمرار! حتى للسارق والمجرم “شرف” و”شفقة”، فهل يُعقل يا عباد الله، أن يُعتمد الغشّ والتدليس والمخادعة والنصب والاحتيال، بما يساعد على قتل الأبرياء؟ فحصيلة “مشروع القرن” تعكس مدى الاستهتار والعبث و”الشروع في القتل”، وهو ما فضحته الأسابيع والأشهر، منذ تدشين المحاور بالتجزئة والتقسيط، حيث تأكد للعيان بأن مشروع القرن تحوّل إلى مشروع الحفر! صدق خبراء قالوا منذ انطلاق المشروع، إن المبلغ المخصّص، يمكنه أن يُنجز مشاريع موازية، لكن الظاهر أن “الطريق السيار..شرق-غرب”، كان طريقا لنهب المال العام بالقانون، وقد يكشف إعادة فتح الملف، والسماع للوزراء السابقين المعنيين بالقطاع، واستدعاء المتهمين والشهود، الكثير من الخفايا والأسرار، والمتورطين الذين أخفت “العصابة” أسماءهم، أو وفّرت لهم الحماية لأسباب ذات صلة بالولاء والطاعة آنذاك! قد يلتقي المتهمون السابقون واللاحقون عند كلمة “خاطيني”(..)، وهي كلمة السرّ التي كثرت هذه الأيام، مع الملاحقات التي تطارد المسؤولين والوزراء المتهمين بالفساد، وذلك من أجل الإفلات من العقاب، و”مسح الموس” في آخرين، منهم من كان زميلا في الوظيفة والمنصب، ومنهم من كان صديقا في الحزب، ومنهم من كان مواليا لنفس التحالف! الطريق السيار، هو واحد من المشاريع التي أفلست الخزينة العمومية بالطول والعرض، وقنّنت للرشاوى والعمولات و”التشيبا”، وصنعت من مجرّد موظفين أو مسؤولين، “أثرياء” يطاردهم سؤال “من أين لك هذا؟”، بعدما عرّتهم ممتلكات وعقارات لا يُمكن بأي حال من الأحوال، أن يتم تحصيلها بأجرة حكومية، ولو تمّ تجميعها طوال الحياة!