الشارع الجزائري مهتمّ هذه الأيام بمحاكمات "القرن" بشأن "فضائح القرن"، وتكاد هذه الأحداث التي صنعتها قضايا الطريق السيار والخليفة وسوناطراك، تسكن ألسنة الرأي العام، نتيجة ضخامة الهول الذي يأتي على ألسنة المتهمين والشهود والمحامين ورجال القانون والقضاء. تصريحات صادمة حول الفساد وإبرام الصفقات المشبوهة ونهب المال العام وتبديده في مشاريع وهمية وأخرى افتراضية ونوع آخر تحكمه تقنية تضخيم الفواتير والبزنسة وبالرشوة و"التشيبا" والعمولة! أسماء ثقيلة وشخصيات عمومية، وزراء وسياسيون ورسميون، لم تعد أسماؤهم "محظورة" من الذكر في المحاكم. وبين الاتهام والشهادة، يتلقف المواطنون، مثل المسؤولين، كلّ شاردة وواردة تُنطق خلال السماع للموقوفين والمتهمين والشهود! ليس سرّا أن الكثير ممن "في كروشهم التبن" يخافون هذه الأيام من "نار" الطريق السيار والخليفة وسوناطراك، وبالنسبة إلى البعض الآخر، فإن مجرّد نطق اسمهم أو صفتهم على المباشر، شيء مقلق وقد يتطوّر إلى مفاجأة مباغتة و"غير سارة" لم تكن في الحسبان! هذه المحاكمات العلنية والمبرمجة مسبقا، نقلت الرعب إلى عدّة أطراف، تُدرك أن عجلة "محاربة الفساد" قد تدهسهم أو تصيبهم في لحظة استرخاء أو "احتماء". ومن الطبيعي أن يُتابع "المعنيون"، بكل اهتمام و"ارتباك"، فصول مساءلة وسماع المتهمين في الطريق السيار، وكذا عبد المؤمن خليفة، في انتظار محاكمة سوناطراك! المصيبة أن الفساد زحف من مكان إلى آخر، والرشوة حوّلها المفسدون والطماعون إلى "تشيبا" فاعتقدوا أنها "مقنّنة"، وبالتالي لا يُعاقب عليها القانون ولا يُجرّم فاعلها وناقلها والوسيط فيها! لقد قتل الفساد التنمية والمشاريع وضرب الاقتصاد والاستثمار، واستهدف ثقة المواطن، ودفن الوعود والعهود في مقبرة "الفستي"، والمصيبة أن اختلاس ألف مليار أصبح مشابها لسرقة "ربعة صوردي". ويعتقد المفسدون أن عائدات الفساد "هبة" رزقهم بها الله وفضلهم على بقيّة "المزلوطين" المحكوم عليها بالشقاء و"الزلط والتفرعين"!
ولذلك توحّد الفساد بين كبار المفسدين وصغارهم، وحتى إن اختفى وتخفّى حوت القرش والبالين في الأعماق، واصطادت الشبكة سمك الشبّوط والسردين لأنه طفا إلى السطح ودوّخته أشعة الشمس الحارقة، فإن الأكيد أن "ما خفي أعظم"، وأن الفساد كالقط ب "سبع أرواح"!