“الله غالب.. لا بد من إدخال الفرحة في قلوب أطفالنا” جملة يرددها الكثير من الجزائريين وهم يسألون عن أسعار الأضاحي في نقاط البيع وفي أسواق الماشية، وفي الكثير من الأحيان يكونون برفقة أبنائهم، وملامح الحسرة والتذمر بادية على وجوههم، خاصة عندما يسألون عن سعر كبش أقرن لفت انتباه فلذات أكبادهم وراحوا يداعبونه باهتمام مختلط بالفرح، فيعرفون أنه لا يقل عن 6 ملايين سنتيم!.. ويأتي الدفع بالتقسيط لشراء الأضحية كحل لا بد منه خاصة بالنسبة للعائلات البسيطة، وذوي الدخل المحدود. فكرة البيع بالتقسيط في سوق الأضاحي روج لها مؤخرا بعض الموالين الذين يملكون مزارع، ووجدت ترحيبا واسعا من طرف “الزوالية” الذين اضطروا لشراء الأضحية تحت ضغط أبنائهم وأيضا لأداء شعيرة العيد. مزرعة نور الدين بن كحلة، بسيدي الرزين ببراقي شرق العاصمة، واحدة من أهم المزارع الخاصة بتربية المواشي والأبقار، التي تبنت فكرة بيع الأضاحي بالتقسيط لزبائنها، حتى تسعد الجميع وتكون وجهة للبسطاء من الجزائريين. وقال نور الدين بن كحلة ل”الشروق”، إن المبادرة لقيت استحسان الجميع منذ سنوات، وتسابقت نحوها حتى مؤسسات عمومية، لتسهل على موظفيها من ذوي الدخل المتوسط والضعيف، اقتناء الأضاحي بالتقسيط، حيث يشترط فقط كشف الحساب ل3 أشهر وملء قسيمة الدفع ونسخة من البطاقة المهنية والشخصية وصكوك بريدية، وبطاقة التقاعد بالنسبة للمتقاعدين. نساء ورجال يتوافدون على مزرعة سيدي الرزين وكانت “الشروق”، الأربعاء، حاضرة في مزرعة سيدي الرزين، بين حشود من المواطنين، رجالا ونساء، وأطفالا، حيث كانوا يستفسرون عن أسعار المواشي التي وزعت في مساحات مسيجة حسب ثمن الأضاحي بين الغالية ومتوسطة الثمن والرخيصة. سيدة من براقي كانت رفقة طفليها، تبحث عن أضحية بسعر معقول، ولكن ابنيها يركضان نحو الكباش ذات القرون، التي يتراوح سعرها ما بين 5 ملايين سنتيم و8 ملايين سنتيم. قالت وهي تمسح عرقها عن جبينها: “أنا مضطرة لاقتناء أضحيتي بالتقسيط”، واتجهت إلى مكتب صاحب المزرعة الذي جلس فيه شابان يشرفان على عملية استلام الملفات الخاصة بالتقسيط وتسليم الوصل الخاص بالأضحية. تدافع ملحوظ حول المكتب، أحد الزبائن كان شرطيا بزي العمل، تكلف بمهمة تسجيل أسماء بعض زملائه من الذين لا يملكون الخيار إلا اللجوء إلى “الفاسيليتي” لشراء الأضحية. أكد نور الدين أنه منذ فتح عملية شراء الأضحية بالتقسيط، استقبلت مزرعته ما لا يقل عن 1000 زبون بينهم حوالي 500 امرأة، وهم من موظفي الإدارة العمومية، أغلبهم أعوان شرطة ومتقاعدون، ومنظفات، وأعوان حراسة. قال شيخ متقاعد من إحدى الوزارات كان برفقة ابنه الشاب، إنه جاء لشراء كبش بالتقسيط في حدود 5 ملايين سنتيم، ولكن عليه أن يدفع مليون سنتيم كدفعة أولى، وليس بحوزته إلا 5 آلاف دج، حيث أخبره صاحب المزرعة أن الكباش غالية الثمن المخصصة للتقسيط يشترط أن يدفع مليون سنتيم في البداية. الدفع بالتقسيط المريح.. و10 أشهر كافية لتسديد المبلغ عبد الحفيظ شرطي، تعود اللجوء إلى مزرعة نور الدين بن كحلة لشراء أضحيته بالتقسيط، وهذا منذ 7 سنوات، وأصبح اليوم ينوب عن الكثير من زملائه في المهنة ويقوم بإجراءات شراء أضاحيهم بالتقسيط بدلا منهم. وعبر عن سعادته ل”الشروق”، بمبادرة بيع الأضاحي بالتقسيط، وخاصة بعد تمديد مدة التسديد إلى 8 و10 أشهر، ما يعطي أريحية حسبه للزوالية ولا يشعرهم بثمن الكبش، خاصة أن مناسبة عيد الأضحى لهذا العام صادفت عدة مناسبات، من بينها العطلة الصيفية. والتقسيط بالنسبة للكباش التي تتراوح أسعارها ما بين 3 ملايين و5 ملايين يدفع أصحابها شهريا 5 آلاف دج، أما الكباش باهظة الثمن فعلى من يقتنيها بالتقسيط أن يدفع شهريا مليون سنتيم. وتتراوح الرواتب الشهرية للمواطنين الذين يقصدون مزرعة سيدي الرزين لبن كحلة، بين 38 ألف دج و42 ألف دج، وأوضح في ما يخص هذه النقطة نور الدين بن كحلة، أن بعض المواطنين رغم أن رواتبهم الشهرية تتجاوز أحيانا 7 ملايين سنتيم، إلا أنهم يرغبون وبإلحاح في شراء الأضحية بالتقسيط، وهذا يعكس حسبه، مدى تدني القدرة الشرائية للجزائريين. حجيمي ل”الشروق”: “الفاسيليتي” حلال شريطة وجود ضمان تسديد باقي المبلغ قال الشيخ جلول حجيمي، الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، إن اهتمام فئة واسعة من الجزائريين، بشراء الأضحية بالتقسيط لهذا العيد، جاء نتيجة عدة أسباب أهمها تدني القدرة الشرائية، وتوالي المناسبات منذ شهر رمضان الماضي، حيث الأعراس والعطلة الصيفية، وحفلات الختان، والنجاح في البكالوريا، والبيام، واقتراب عيد الأضحى والدخول الاجتماعي، مشيرا إلى أن أئمة المساجد عبر الوطن يستقبلون يوميا عشرات المواطنين الذين يستفسرون عن جواز شراء الأضحية بالتقسيط. وأوضح حجيمي، أن اشتراط ضمان تسديد المبالغ المالية، في عمليات الشراء بالتقسيط للأضاحي، أهم شيء، حيث المهم أن يضمن بائع الأضحية استرجاع أمواله، كما أن المؤسسات والتعاضديات التي تضمن للموالين حصولهم وعبر شهور على ثمن الكبش، تجعل من عملية التقسيط جائزة وغير محرمة. وقال الشيخ حجيمي: “ليس هناك حرج على الجزائريين لشراء الأضحية بالتقسيط، والمهم أن يضمن الزبون من خلال الوثائق للموال تسديد ديونه”. ودعا الأسر الجزائرية غير القادرة على شراء الأضحية إلى عدم تكليف نفسها، لأن الشرع لا يلزم المسلم بذلك، خاصة الذي لا يمتلك قدرة اقتناء أضحية، ويضطر للاستدانة والدخول في أمور محرمة وقد تدخله في عدة صراعات.