اتضحت الآن الصورة، أن التجار عديمو الذمة والضمائر والحشمة، والسرّاق و"الباندية" والبارونات بأسواق الجملة والتجزئة والمحلات التجارية، أخطر من كورونا القاتلة.. إنهم أخطر من الكوليرا والطاعون والسيدا والبلهارسيا والسارس والتيفوئيد والإيبولا، وهي مجتمعة والعياذ بالله، ولسان حال الزوالية يردّد بلا تردّد: الله لا تربّحكم أيها السرّاقين! صحيح أن الحكومة والوزارات المعنية، "متورطة" بعدم العقاب والملاحقة والقمع والضرب بيد من حديد، لكن تلك "العصابات" التي تخرج من تحت الأنقاض في الكوارث والأزمات والمحن والمآسي، هي من أخطر الكائنات والفيروسات والجراثيم والميكروبات التي وجب محاربتها بكلّ أنواع المبيدات والمضادات البكتيرية! هل يُعقل أن تتضاعف الأسعار في رمشة عين، لأن المواطنين المساكين "خافو" من كورونا، فلجأوا مثلما لجأ كل سكان دول العالم، إلى الاحتياط والحذر واليقظة، التي كانت دون شك مبالغا فيها في كثير من الحالات، إلى أن افتعلوا من حيث لا يقصدون ندرة في السلع الضرورية والمواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، وخلقوا بذلك أرضية خصبة لفيروس جديد اسمه "سرقونا"! وباء كورونا "قتل" 6 ضحايا، رحمة الله عليهم، وأسكنهم فسيح جناته، وألهم ذويهم جميل الصبر والسلوان، وأصاب نحو 80 حالة، لكن بربّكم، ألم يقتل بلاء "سرقونا" ملايين الزوالية والمعدومين والمعذبين بالجوع والإفلاس، وألم يصب ما لا يقلّ عن 40 مليون جزائري، ناموا بخلعة "كورونا"، ثم استيقظوا على مصيبة اختفاء السميد والبطاطا ب120 دينار؟ ربما علينا، دولة وشعبا، بمحاربة وباء "سرقونا" قبل مواجهة فيروس كورونا، فلم نسمع بأن التجار في فرنسا او بريطانيا أو أمريكا أو ألمانيا أو الهند أو بلدان الخليج أو الصين التي ظهر فيها "كوفيد 19" لأول مرّة، أنهم رفعوا الأسعار أو افتعلوا الندرة من أجل المضاربة واستهداف جيوب الخائفين والخوّافين، رغم أن الطامة عندهم كبرى، وعدد الضحايا بالمئات والآلاف! أين هم أولئك المضاربين والسرّاقين من الإسلام والأخلاق والأخوّة؟ أين هم من "جزائريتهم" التي تمنعهم من أكل مال بعضهم البعض بالباطل؟ أين هم من الشيّم والرجولة والفحولة التي تفرض عليهم مؤازرة أشقائهم في السراء والضراء؟.. ألا يستحي هؤلاء المعتوهين من أنفسهم الأمّارة بالسوء، وهم يأكلون لحم إخوانهم، ويدخلون أيديهم في جيوب "الموتى" وينهبون المفزوعين باسم التجارة و"الشطارة" واقتناص الفرص ولو في برك الدماء والعياذ بالله؟ "الله يهديكم" أيها المتلاعبين برزق وقوت الآمنين، فقد تجاوزتم كلّ الخطوط الحمراء والسوداء والصفراء، ولم يبق لكم سوى أن تجهروا بردتكم وخروجكم عن ملة هذا الشعب الكريم، والحال، أن الله يُمهل ولا يُهمل، والأكيد أن "دعاوي الشرّ" وأدعية المزلوطين والمروّعين والمستهدفين في بطونهم وطمأنينتهم، ستلاحقكم حيثما كنتم وارتحلتم، وفي الدنيا والآخرة.. وأستغفر الله العظيم من كلّ ذنب عظيم!