صدق شيخ مخضرم وهو يصرخ وسط الشارع: الفساد أخطر من كورونا.. السرقة أخطر من كورونا.. النصب والاحتيال أخطر من كورونا.. الغش والتدليس أخطر من كورونا.. "الهفّ والتبلعيط" أخطر من كورونا.. التزوير والرشوة أخطر من كورونا! .. "الحقرة" أخطر من كورونا.. مجازر الطرقات أخطر من كورونا.. التلاعب بالمشاريع العمومية أخطر من كورونا.. "نفخ العجلات" أخطر من كورونا.. تهريب "الدوفيز" وتبييض الأموال أخطر من كورونا! ..والله، صدقت أيها الشيخ المحترم، فقد وضعت يدك على الجرح، وعلينا جميعا، أن نتوجّع ونتألم بكلّ اللغات وبأقصى الأصوات، علّ الله يهدي من يهتدي، و"يدّي" من يصرّ إلحاحا على الإفساد و"الأفسدة" وقتل الناس بالقنطة و"الخلايع"، فمشكلتنا ليس في الأعراض، وإنما في المرض الذي ينخر الجسم الجزائري، وللأسف تحوّل من العدوى إلى الوباء! فعلا، أليس الذي يسرق الشعب والدولة، بمشاريع وهمية، واستثمارات على الورق، ويمدّ يده للخزينة العمومية وجيوب "الزوالية" وينهب الملايير من البنوك وفق قوانين على المقاس، أليس هذا أخطر من داء كورونا والكوليرا والطاعون والسيدا والسارس وأنفلونزا الخنازير؟ أليس المقاول الذي يغشّ في البنايات والطرقات ومشاريع البنية التحتية مثل الجسور والسدود، أخطر من كلّ الأوبئة القاتلة التي عرفها الإنسان والحيوان عبر التاريخ؟.. ألا يجب محاربة هذا الفيروس بكمامات الأخلاق والدين والقانون والتربية والردع والسجن؟ من ينهب الملايير بالرشوة والعمولات و"التشيبا" والصفقات المشبوهة، والإتاوات، وعدم إعادة القروض إلى البنوك، هو أخطر من كورونا القاتلة، ومن يتسبّب في إفلاس المؤسسات العمومية بهدف تسريح عمالها تعسفا، ثم تأميمها، أو في أحسن الأحوال شراؤها بالدينار والسنتيم الرمزي، هو كذلك أخطر من كورونا، بل هو الكورونا نفسها! كورونا أو غيرها من الفيروسات والأوبئة والأمراض النادرة، هي ليست فعلا وردّ فعل، وإنمّا هي نتيجة وضحايا، ومثلما لها "قتلى" ومصدومون ومرعوبون، كذلك للفساد والنهب والعبث وسوء التسيير وتدمير مقدّرات الأمة واستنزاف ثرواتها، ضحايا وأضاح وكباش فداء و"مذبوحين" في العيد أو عاشوراء، إلاّ من "فاق" وتاب قبل هبوب العاصفة! مثلما يلهث العالم بحثا عن دواء أو تلقيح يُنجيه من كورونا، على هؤلاء وأولئك، أن يبتكروا علاجا للمنكر البشري الذي عاث في الحرث والنسل فسادا، وعلى "الخوافين" من الفيروس، أن يخافوا الله، ويعيدوا ما نهبوه، وعلى المسؤول والموظف والتاجر و"العسّاس" والمواطن، أن يساهم كلّ فرد منهم في مهمة محاربة "الكورونات" التي قتلت الإرادة والرغبة في العمل والانتماء، وشجّعت على الهجرة والهروب و"الحرقة" والتخريب والسرقة والسكوت عن الحقّ!