أجمع المتدخلون في الملتقى الدولي حول قواعد أخلاقيات مهنة القاضي على ضرورة توفير الحماية المادية للقاضي، موازاة مع إلزامية تكفل السلطات العمومية بتوفير الأدوات والآليات التي تضمن استقلالية القاضي عن السلطة التنفيذية والتشريعية وتحميه من هيمنة الساسة والسياسة. وإن قال الأمين العام المساعد في الإتحاد الدولي للقضاة " جياكمو أوبرتو " خلال مداخلته أن الساسة تمكنوا من ضرب مصداقية العدالة في إيطاليا على اعتبار أنها موطنه فقد أكد المدير الاقليمي للمغرب العربي لدى جمعية نقابة المحامين الأمريكيين ريتشارد باتون أن مصادقة المجلس الأعلى للقضاء الجزائري خلال السنة المنقضية على مدونة أخلاقيات مهنة القاضي "دليل على استقلالية القضاة الجزائريين ". كما اعتبر الأمين العام المساعد في الإتحاد الدولي الاستحالة الجمع بين ممارسة المهمة القضائية و الممارسة السياسية ، واعترف بوجود مشاحنات كبيرة بين رجال السياسة والسلك القضائي في إيطاليا ، غير أنه أعطى انطباعا حسن عن أداء القضاة الجزائريين وعن مستوى إصلاح العدالة في الجزائر ، وأبدى موافقة ضمنية عن انضمام الجزائر للإتحاد الدولي للقضاة ، وهو الطلب الجار دراسته وسيبث في أمره شهر سبتمبر القادم ، هذا الانضمام الذي سيضمن لنقابة القضاة الجزائرية مقعدا ضمن المجلس الاستشاري للإتحاد الأوربي وهيئة الأممالمتحدة . أما في مداخلته خلال الملتقى الدولي حول "قواعد أخلاقيات مهنة القاضي" الذي بادرت به النقابة الوطنية للقضاة فقد أعرب باتون عن "افتخاره" بدور النقابة في المصادقة على مدونة أخلاقيات مهنة القاضي ، مشيرا إلى أن هذا الميثاق الذي حظي بدعم المجلس الأعلى للقضاء يعد بمثابة "دليل على استقلالية القضاة الجزائريين". و قدم باتون حصيلة نشاط جمعيته في الجزائر و شمال إفريقيا مبرزا الأعمال التي تم القيام بها بالتعاون مع النقابة الوطنية للقضاة و وزارة العدل " للمساعدة على تطبيق الإصلاحات القضائية في الجزائر" ، مؤكدا أن "جمعية نقابة المحامين الأمريكيين حاضرة بالمغرب العربي منذ سنة 2000 لمساعدة السلطات القضائية بالمنطقة على إصلاح و عصرنة قطاع العدالة ". و أردف بالقول " لقد قدمنا مساعدة في مجال تكوين القضاة و تخصصهم " مضيفا أن شركاء جمعيته يتمثلون في الحكومات و النقابات و المجتمع المدني. وأوضح "لسنا هيئة مكلفة بتقديم المساعدة المالية" مضيفا أن "جمعية نقابة المحامين الأمريكيين كانت شريكا بالمنطقة للمساعدة على تكوين القضاة في مجال مكافحة بعض الجرائم كالجريمة عبر الأنترنيت". و من جهة أخرى ذكر المتحدث بمنتدى النقاشات و التشاور الذي ينشطه العشرات من القضاة و الذي يهدف إلى "البحث عن أحسن الوسائل لمكافحة بعض الجرائم في إفريقيا على غرار الجريمة عبر الأنترنيت". و من جهته أوضح ممثل عن النقابة الوطنية للقضاة السيد حيمر أنه من بين انجازات النقابة "إصدار القانون الأساسي للقاضي و المجلس الأعلى للقضاء". وكانت قد أشارت السيدة دياكيتي الى أن أخلاقيات المهنة "تمثل أساس مهنة القاضي" مشيرة الى انه "في المنظومة القضائية قليلا ما يتم تحديد قواعد أخلاقيات المهنة ". و من جهته أوضح رئيس النقابة الوطنية للقضاة جمال العيدوني أن الملتقى يأتي كخطوة تكميلية لبرنامج تكوين النقابة التي يمثلها و الذي يهدف الى "المقارنة بين التجربة الجزائرية في مجال أخلاقيات المهنة و بين تجارب دول أخرى". قضاة يطالبون بتخفيف المحظورات المسلطة عليه أبدى عدد كبير من القضاة الجزائريين المشاركين في الملتقى الدولي حول أخلاقيات مهنة القاضي المنعقد خلال اليومين الماضيين ، امتعاضا من المحظورات والممنوعات التي جاءت في مدونة أخلاقيات المهنة وقال بعضهم صراحة بأن المحظورات المفروضة عليهم جعلت هناك تداخلا بين حياتهم المهنية وحياتهم الاجتماعية الخاصة . وقال أحد القضاة المتدخلين أن مضمون مدونة أخلاقيات مهنة القاضي التي تحدد إلتزمات القاضي وتملي عليه السلوكات الواجب أن يلتزمها للابتعاد عن الشبهات وتجنب الوقوع في مشاكل مع الآخرين حتى لا يقال أنه يستغل نفوذه أو مهنته لتعزيز مصالحه أو مصالح الغير ، أصبحت تؤثر على حياته الخاصة ، مشددا أنه مواطن عادي قبل أن يكون قاض ملزما بتأدية مهام ، وقال صراحة القاضي بأن الممنوعات والمحظورات المسلطة على القاضي تخنقه. كما تقاطع معه قاض آخر في تدخله مستفسرا عن كيفية الموائمة بين استقلالية القضاء والمسؤولية التأديبية التي يخضع لها القاضي ، وهذا السؤال الذي جعل نائب رئيس الإتحاد الأوربي للقضاء يطرح فكرة ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تتكفل بتلقي الشكوى بعد صدور أحكام المجلس الأعلى للقضاء . سميرة بلعمري:[email protected]