تحولت مدينة القل بولاية سكيكدة إلى ملجإ حقيقي للمختلين عقليا. العشرات منهم يتجولون بكل حرية وسط المدينة، مثيرين حالة من الرعب وسط المواطنين. رغم طلب بعض العائلات من البلدية إدخال مرضاهم إلى المصحات العقلية بالحروش أو بوادي العثمانية في ولاية ميلة. لأنهم لا يملكون مصاريف النقل إذ عليهم تأجير سيارة بقيمة 3 آلاف دج لإيصال أبنائهم إلى المصحات العقلية. واضطرت إحدى العائلات الفقيرة إلى نقل أبنائها الثلاثة المصابين باضطرابات عقلية على نفقتها الخاصة إلى المصحة العقلية بالحروش بتكلفة تجاوزت 7 آلاف دج، وعند وصولهم غالبا ما يتم رفض استقبالهم نظرا للاكتظاظ أو يتم الحجز لهم لفترة قصيرة يغادرون المستشفى بعدها وحالتهم كما هي بل أحيانا أسوأ. مجانين من مختلف الولايات والبلديات المجاورة يتم تنزيلهم حسب تشبيه السكان إلى القل وكأنها مصحة للعلاج النفسي، إذ لا يخلو مكان أو حي من تواجدهم. بعضهم أصبح أشهر من نار على علم كبوجمعة الذي اشتهر بعبارات مضحكة تداولها رواد الفيس بوك مثل نشرب القازوز ونأكل اللحم.. مريض آخر معروف بشراسته لا يمشي إلا وصديقه الحميم بجانبه وهو خنجر يهدد به المواطنين، وآخر كان يتجول قبل كورونا قرب الثانوية الجديدة وكان يزرع الرعب وسط التلاميذ الذين غالبا ما يأتون إلى المنشأة التربوية بصحبة آبائهم، وكان يخبئ تحت سترته قضيبا حديديا وخنجرا، كما تم القبض على آخر، قرب المؤسسة العقابية بشارع فلسطين وكان يحمل خنجرا يهدد به المارة ليجبرهم على إعطائه المال. وآخر تهجم على فتاة محاولا تقبيلها أمام الناس، وآخر اعتدى بالضرب على سيدة أمام مرأى طفلها الصغير.. هم مرضى يحطمون واجهات المحلات أو المركبات المتوقفة بالشارع ويعتدون بالضرب على الآمنين. وآخر مولع بإضرام النيران، وكاد أن يحرق عمارة بمن فيها بحي محمد الشيخ. وما تطرق إليه الشيخ شمس الدين في إحدى حصصه التليفزيونية حول تحول القل إلى مكان تجميع وتجمع المختلين واقعا يعيشه السكان بعد أن أصبح تعداد المرضى يكاد يوازي تعداد العقلاء.