إن المسلم الذي يؤمن حق الإيمان بمعنى قول الله سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [سورة الزمر: 62]، يعرف حق المعرفة أنه ليس هناك في الوجود أحد سوى الله إلا وهو مخلوق بعد أن لم يكن، وأن الله سبحانه هو الخالق لكل شيءٍ صغيراً كان أم كبيراً، محسوساً أم غيبياً، ومن ذلك الزمان والمكان، والليل والنهار، ومقدار ذلك كله، قال ابن حجر في الفتح عند قوله صلى الله عليه وسلم: (وكتب في الذكر كل شيء): وفيه أن جنس الزمان ونوعه حادث. والزمان نوع من مخلوقات الله العظيمة قلّ من يتأمّله أو يلتفت له؛ فهو الزمان والوقت الذي نتحرك فيه ونعيش أيامه ولياليه، والذي به نحسب الأعمال والآجال، الوقت الذي هو محل الأعمال، وامتداد الآمالوالزمان كما يقول ابن تيمية رحمه الله: هو مقدار الحركة، أي حركة الأفلاك. وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع؛ كقوله: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [سورة الأنعام: 1]. وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [سورة الأنبياء: 33]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [سورة الفرقان: 62]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [سورة آل عمران: 190]. وغير ذلك من النصوص التي تبين أنه خالق الزمان. وقد جاء ذكر الزمان في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه على الماء). فالزمان كان مخلوقاً ومقدّراً حينذاك، وقد جاءت ألفاظ القرآن لتؤكد هذه الحقيقة؛ في مثل قوله سبحانه: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأعراف: 54]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [سورة فصلت: 9-10]. فبيَّن سبحانه مقدار المدة التي خلق فيها السماوات والأرض وما فيهما، وحددها بأنها ستة أيام، قال ابن كثير: يخبر تعالى بأنه خلق العالم -سماواته وأرضه وما بين ذلك-في ستة أيام، كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن؛ والستة الأيام هي: الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، وفيه اجتمع الخلق كله، وفيه خلق آدم عليه السلام، فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق لأنه اليوم السابع، ومنه سمي السبت؛ وهو القطع. وهذه الأيام لا يلزم منها أن تكون مثل أيام الدنيا في القدر والكيفية، وإنما هي من أيام الله التي يقدّرها كيف يشاء سبحانه، قال ابن كثير: عن ابن عباس ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [سورة الحج: 47]، قال: من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض. وأما قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [سورة المعارج: 4]، يقول: لو وَلِيَ حسابَ الخلائق غيرُ الله ما فرغ منه في يوم مقداره خمسون ألف سنة، ويفرغ الله منه مقدار نصف يوم من أيام الدنيا إذا أخذ في حساب الخلائق، فذلك قوله: ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [سورة الأنبياء: 47]. يعني: سرعة الحساب. وقال ابن تيمية: والرسل أخبرت بخلق الأفلاك وخلق الزمان الذي هو مقدار حركتها، مع إخباره بأنها خلقت من مادة قبل ذلك، وفي زمان قبل هذا الزمان، فإنه سبحانه أخبر أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وسواء قيل: إن تلك الأيام بمقدار هذه الأيام المقدّرة بطلوع الشمس وغروبها، أو قيل: إنها أكبر منها، كما قال بعضهم: إن كل يوم قدره ألف سنة، فلا ريب أن تلك الأيام التي خلقت فيها السماوات والأرض غير هذه الأيام، وغير الزمان الذي هو مقدار حركة هذه الأفلاك، وتلك الأيام مقدّرة بحركة أجسام موجودة قبل خلق السموات والأرض. وقد أخبر سبحانه أنه خلق السماوات والأرض في مدة، ومن مادة، ولم يذكر القرآن خلق شيء من لا شيء، بل ذكر أنه خلق المخلوق بعد أن لم يكن شيئاً، كما قال: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ [سورة مريم: 9]. مع إخباره أنه خلقه من نطفة. وقدرة الله لا يحدّها وصف، ولا تخضع لتصور، ولا يقف دونها حائل أو مانع، فهو سبحانه قادر على أن يجري الأحداث الكثيرة في الزمن القصير الذي لا تجري فيه عادة، بل ولا يتصور في إطار حدود الحسّ أن تجري فيه، ولنتأمل قصة الإسراء والمعراج لنجد فيها ما يبين قدرة الله سبحانه في التصرف في الزمان والمكان على الكيفية التي يريد، وأنه القادر على كل شيء بحق سبحانه؛ فقد أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت الله الحرام من مكة إلى بيت المقدس في الشام، ثم صلى فيه بالأنبياء، ثم عُرج به إلى السماء، يستفتح له عند كل سماء، ورأى عدداً من الأنبياء؛ يسأل عنهم، وكلّم بعضهم، ورأى أهل النار، ودخل الجنة، ووصل إلى مكان سمع فيه صريف أقلام الملائكة، وفرضت عليه الصلاة في تلك الرحلة العظيمة، ثم هبط إلى الأرض، ورجع إلى فراشه في مكة في أقل من ليلة، وليس هذا بغريب ولا مستحيل، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الزمان، وخلق أفعال العباد، وهو القادر على أن يتصرف فيها بما شاء، وأن يصرفها على ما يشاء، وأن يجعل فيها ما يخرق به عادتها وطبيعتها، ولذلك لما قالت قريش لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ذلك مستنكرة شامتة بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم قال: والله لئن كان قاله لقد صدق؛ فما يعجبكم من ذلك؟ فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أحدّثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: "نعم". قال: يا نبي الله، فصفه لي فإنّي قد جئته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرُفع لي حتى نظرت إليه. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق، فيومئذٍ سماه الصديق. وبعد أن تحدثنا عن مبتدأ خلق الزمان قبل خلق السماوات والأرض جاء الحديث عن الزمان في الحياة الدنيا والمرتبط بحركة الشمس والقمر، فبحركة الشمس يعرف اليوم الزماني، وبحركة القمر يعرف الشهر، ومن ثم السنة، يقول الله عز وجل: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [سورة الفرقان: 61-62]، أي جعلهما يتعاقبان توقيتاً لعبادة عباده له عز وجل، فمن فاته عمل الليل استدركه في النهار، ومن فاته عمل النهار استدركه في الليل. وقال سبحانه: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ [سورة الأعراف: 54]. فاليوم هو مجموع الليل والنهار، يخلف بعضهما بعضاً في حركة مرتبطة بحركة الشمس وجريانها حول الأرض. كما جعل الله القمر مدار تحديد مدة الشهر، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [سورة التوبة: 36]. ففي هذه الآية الكريمة يُقرر الله سبحانه وتعالى أن كون شهور السنة اثني عشر شهراً هو من وضعه عز وجل وليس من وضع البشر، وأن ذلك مقرَّر عنده يوم خلق السماوات والأرض وليس أمراً حادثاً أو جديداً، والمقصود هنا بالشهور الشهور القمرية لا الشمسية، وإن توافقت في كون عدة كل منها اثني عشر شهراً؛ لأن الأشهر الأربعة هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، كما في حديث البخاري ومسلم، وهي أشهر قمرية وليست شمسية. عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال: (ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض؛ السنة اثنا عشر شهراً؛ منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) وعن ابن عباس قال: وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض) تقرير منه صلوات الله وسلامه عليه، وتثبيت للأمر على ما جعله الله في أول الأمر؛ من غير تقديم ولا تأخير، ولا زيادة ولا نقص، ولا نسيء ولا تبديل، كما قال في تحريم مكة: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وهكذا قال ها هنا: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. المشركون يعبثون بالتوقيت وقد عبث المشركون في الجاهلية بترتيب هذه الشهور، وهو المسمى في كتاب الله بالنسيء، أي تأخير الشهور عن مواضعها، وسبب ذلك -كما يقول المفسّرون- أن العرب كانوا أصحاب حروب وغارات، فكان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر لا يغيرون فيها، وقالوا: لئن توالت علينا ثلاثة أشهر لا نصيب فيها لنهلكنّ، فأخّروا حرمة محرم إلى صفر، وهو النسيء، وقد سمى الله عز وجل ذلك زيادة في الكفر، لما فيه من اعتداء على ما وصفه الله من نواميس كونية، وأحكام شرعية، وإضلال للناس بإباحة خرقهم لحرمة الأشهر التي حرّمها الله، إذ إن مما يترتب على ذلك أن يحج الناس في غير موسم الحج ويصوموا في غير موسم الصوم، وهكذا قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[سورة التوبة: 37]. حكمة خلق الشهور ومن حكمة وضع الشهور وتسميتها وتوقيفها أنه بذلك يتمكن الناس من معرفة مواقيت عباداتهم، وضبط آجال عقودهم ومعاملاتهم، وقد بين الله سبحانه هذه الحكمة العظيمة في قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾[سورة البقرة: 189]. وروي عن عطاء والضحاك وغيرهما في ذلك: جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم وعدة نسائهم ومحل دينهم. وقال القرطبي: في ذلك تبيين لوجه الحكمة في زيادة القمر ونقصانه؛ وهو زوال الإشكال في الأيمان والمعاملات والحج والعدد والصوم والفطر ومدة الحمل والإجارات والأكرية، إلى غير ذلك من مصالح العباد، ونظيره قوله الحق: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾[سورة الإسراء: 12]، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾[سورة يونس: 5]. وإحصاء الأهلة أيسر من إحصاء الأيام. الأسبوع لا يعرف إلا بالوحي أما أيام الأسبوع وتحديد أسمائها فهو مما اختص به أهل الوحي والشرائع السماوية، وهو تحديد توقيفي من الله سبحانه وتعالى لا يدرك بحساب ولا يعقل؛ لأنه لا شيء من ذلك يدل على تحديدها وتسميتها، وفي هذا يقول ابن تيمية: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة الخلق إلى عبادته وحده لا شريك له، وذلك يتضمن معرفته لما أبدعه من مخلوقاته، وهي المخلوقات المشهودة الموجودة؛ من السماوات والأرض وما بينهما، فأخبر في الكتاب الذي لم يأتِ من عنده كتاب أهدى منه بأنه خلق أصول هذه المخلوقات الموجودة المشهودة في ستة أيام، ثم استوى على العرش، وشرع لأهل الإيمان أن يجتمعوا كل أسبوع يوماً يعبدون الله فيه ويحتفلون بذلك، ويكون ذلك آية على الأسبوع الأول الذي خلق الله فيه السماوات والأرض، ولما لم يُعرف الأسبوع إلا بخبر الأنبياء فقد جاء في لغتهم عليهم السلام أسماء أيام الأسبوع، فإن التسمية تتبع النصوص، فالاسم يعبر عما تصوره، فلما كان تصور اليوم والشهر والحول معروفاً بالعقل؛ تصورت ذلك الاسم وعبّرت عن ذلك، وأما الأسبوع فلما لم يكن في مجرد العقل ما يوجب معرفته فإنما عرف بالسمع، وصارت معرفته عند أهل السمع المتلقّين عن الأنبياء دون غيرهم، وحينئذٍ أخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وابتداء خلقه، وأنه خلق في ستة أيام. فالوثنيون المنقطعون عن الوحي لا يمكنهم معرفة تحديد تلك الأيام ولا التفريق بينها، وقد ذكر أن الشيوعيين في الاتحاد السوفييتي -إمعاناً منهم في الإلحاد-قد غيّروا أيام الأسبوع إلى خمسة أيام في بداية الثورة البلشفية، ثم إلى ستة أيام، وعادوا بعد ذلك إلى الأيام السبعة، وذلك أنهم بحكم إلحادهم ورفضهم لما له صلة بالدين وجدوا أن إثبات أيام الأسبوع نوع من الاعتراف بمصدرية الدين، وعلاقته بالحياة، لأنه دليل مادي على تسمية أيام الأسبوع وكونها سبعة أو خمسة أو ستة. المراجع: * ابن حجر، فتح الباري شرح البخاري، 6/334.، دار المعرفة، بيروت، 1379. * ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، 4/92-93. * أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، مجموع الفتاوى، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينةالمنورة، 1995، 2/492. * أحمد بن محمد بن حنبل، الرد على الجهمية والزنادقة، تحقيق صبري بن سلامة شاهين، دار الثبات للنشر والتوزيع، ط 1، ص 93. * قصة بدء الخلق وخلق آدم عليه السلام، علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، بيروت، ص. ص 162 – 168. * عبد السلام هارون، تهذيب سيرة ابن هشام، مؤسسة الرسالة، ط 14، 1958، ص 94-95. * القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 2/342.مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1418ه-1997م. * محمد الخرعان، قصة الخلق، ص 88.دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1،2008.