نسيم لكحل: [email protected] ما هي الرسالة التي يراد تبليغها للرأي العام الوطني والدولي بمحاولة اغتيال مصطفى كرطالي أحد الوجوه البارزة في التنظيمين السياسي والعسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة. وهل يوجد من تفسير آخر غير القول بأن العملية التي نفذت فجر أمس يراد منها التشويش على مشروع المصالحة الوطنية بعد أن دخل الجيش الوطني الشعبي في مرحلة جديدة من ملاحقة فلول الجماعات الإرهابية في الجبال، والتي يبدو أنها تكبدت خسائر كبيرة في الآونة الأخيرة، بعد التعليمات الصارمة التي وجهها الرئيس بوتفليقة مؤخرا للأجهزة الأمنية بضرورة تكثيف الحصار على أماكن تواجد هذه العناصر المسلحة. حتى وإن كان محيرا اختيار مصطفى كرطالي دون غيره لاستهدافه بمحاولة اغتيال فاشلة لم تنجح سوى في بتر إحدى ساقيه، لأن كرطالي دون غيره كان بعيدا كل البعد عن الأضواء السياسية والإعلامية منذ توقفه عن العمل المسلح قبل حوالي ثماني سنوات كاملة، فإن العملية مؤشر خطير جدا عن وجود بعض الأطراف العابثة التي ما زالت تحلم بالعودة إلى مكاسب العشرية الحمراء، بعد أن لاح في الأفق خيط الطي النهائي لصفحة العمل المسلح في الجزائر، في ظل الخسائر الكبيرة التي تتكبدها بقايا الجماعات المسلحة في عدد من مناطق الوطن مؤخرا. حتى وإن فشلت العملية في إنهاء حياة كرطالي، فإنها للأسف قد تكون نجحت في زرع الشك على الأقل في نفوس أمثاله من الذين استجابوا لنداء الوطن ولدعوات السلم والمصالحة، وقد تنجح في إدخال الشك كذلك إلى قلوب الكثير من المسلحين الذين يبحثون الآن عن أول فرصة تتاح لهم لترك معاقلهم في الجبال بعد أن اكتشفوا أنهم وقعوا في فخ توريط واستغلال بعض الجهات التي فقدت خط الرجعة، ولعل هذا هو الهدف الحقيقي من عملية فجر أمس التي استهدفت كرطالي بمنطقة الأربعاء، والتي لا يمكنها أن تكون فعلا معزولا أو عابرا. ومهما يكن من أمر فإن جهود مكافحة الإرهاب يجب أن تستمر وتتوسَّع لتشمل البحث عن خيوط التخلاط السياسي والأمني، وعن الجهات التي يتبين أنها لا تستطيع العيش إلا في مستنقعات الفوضى واللاأمن، وعلى الدولة أن تبذل مجهودات أكبر في حماية مواطنيها دون تمييز هذا عن ذلك (؟!).