نظم منتدى سيدي أبي مدين للأخوّة الجزائريةالفلسطينية ندوة حول القضية الفلسطينية بالتزامن مع ذكرى الإسراء والمعراج، ويوم النصر 19 مارس، تضامنا مع الشعب الفلسطيني؛ وتيمّنا بانتصار الجزائر على الاستعمار الفرنسي، وهذا للتذكير بالمسجد الأقصى الّذي اختاره الله قبلة أولى للمسلمين، ليربط بين قداسته ورسالته، وقداسة المسجد الحرام ورسالته. «..إنّ تحرير فلسطين مرهون بإرادة الشعب الفلسطيني وصموده، ونبذ خلافاته ووحدة صفوفه، وتمسّكه باختيار المقاومة سبيلا لاسترجاع حقوقه. فما أُخذ بالقوّة لا يُسترجع إلاّ بالقوّة. وحوافز الأمل حاضرة في الشعب الفلسطيني، الّذي قاوم الاحتلال، وكافح في سبيل تحرير الأرض، ورواها بدمائه.. إنّ المنتظر من الشعب الفلسطيني أن يظلّ مقاوما، كما كان شقيقه الشعب الجزائريّ، الّذي ابتلي بشرّ استدمار استيطاني، في عهود الاستعمار؛ ومّرت عليه محن وحوادث شداد؛ وعاش أوقاتا عصيبة، واجه فيها بطش الاحتلال، مدعوما بقوّة الأحلاف؛ وظلّ صامدا، صابرا، مرابطا.لم تفتر فيه روح المقاومة؛ ولم تلن له قناة. تحصّن بركن الإسلام، ولاذ بقلاعه الحصينة، التي كانت رباطا للجهاد، من عهد الأمير، إلى ثورة التحرير.لقد كان شعبنا يملك الإيمان بحقّه، والثبات على دينه، والإصرار على انتزاع حرّيته واسترجاع استقلاله؛ فإمّا عزّ وسيادة، وإمّا كرامة بالموت، والفوز بالشهادة. لقد فجّر شعبنا ثورته باسم الله، جهادا في سبيل الله؛ وانصهر، بجميع فئاته، في جبهة للتحرير واحدة؛ وانخرط في ثورة أعطت المثال في صدق العزيمة ووحدة القيادة؛ وقد عرف من دينه أن الجهاد شرع في الإسلام دفعا للعدوان، وحماية لحرية الأوطان، وتأمينا لعقيدة الإيمان، وصيانة لكرامة الإنسان؛ فبذل ما بذل، وضحّى بما ضحّى من أبنائه، وفلذات أكباده. مضى قدما في ساحة الجهاد، لا يضرّه أن يلقى ما يلقى من الشدائد والمصاعب؛ وقد أدرك أنّ الشهادة في سبيل الله ليست موتا، ولكنها حياة. لقد انتزع شعبنا حرّيته واستقلاله، بعون الله، وبفضل كفاحه المستميت وتضحياته الجسام؛ وكان انتصاره على جلاّديه انتصارا لقيم الحرية والمقاومة والجهاد. وكان التحام قيمه الروحية والوطنية سرّ قوّته وتماسكه، على مدى الزمان، وتعاقب الأجيال؛ ولاسيما في أيام المحن والشدائد وفي عهد الاحتلال. إنّ فلسطين تسكن قلب الشعب الجزائريّ، كما يسكن قلبه الإسلام. وقد ظلّ، منذ تحقيق النصر وطرد جحافل الاحتلال، يشعر بأنّ استقلاله يبقى منقوصا حتّى يُستكمل باستقلال فلسطين، واستعادة الحقّ السّليب. وكما نحتفل اليوم في الجزائر بعيد النصر، فسنحتفل، بإذن الله، بالنصر الّذي يحقّقه الشعب الفلسطيني، بتأييد الله، ثمّ بفضل صبره ورباطه، واستماتته وجهاده.{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم/4..» «..إنّ من واجبنا أن نتذكّر دائما أنّ للنصر المؤزّر أسبابا لا بدّ من توافرها؛ وفي طليعتها، بعد إعداد كلّ قوّة مادّية مستطاعة، الإيمان بالله القاهر فوق عباده، واليقين الجازم أنّ لهذا الكون خالقا، سبحانه، يدبّر شأنه، ويتصرّف فيه بقدرته وحكمته، الّتي تدنو أحيانا، فتراها الأبصار المفتوحة؛ وقد تعلو أحيانا، فتتقاصر على سموّها العيون الكليلة. ولا يكون هذا الإيمان صادقا إلاّ إذا دفع بصاحبه إلى العمل الدؤوب، والمجاهدة في الله حقّ جهاده إنّه البعد الإيماني، والبناء الرّوحي..» لقد قرأنا واستمعنا مرّات إلى من يرفع النداء: "ألا من صلاح الدين لأمّة الإسلام!". ولهؤلاء نقول: إنّ صلاح الدين وجنده الأبرار لم يأتوا من فراغ. لقد كانوا ثمرة صالحة لمدرسة ربّت الأجيال، وأعدّت الصالحين من الرجال؛ ألا وهي مدرسة الغزالي والجيلاني، عليهما رضوان الله.. إنّ الأمّة ستنتصر، بإذن الله، ولو بعد حين؛ ستنتصر حين تعود إلى الله، وتعتصم بحبل الله. ستنتصر حين تكون قويّة في علمها وأخلاقها، مستمسكة بقيمها ومقوّمات وحدتها، مرشّدة لإمكاناتها وقدراتها. تلكم هي القوّة المنشودة، بعد توفيق الله، للنهوض بأمّة الإسلام، وتحرير مقدّسات الإسلام. لقد أمرنا الله سبحانه بإعداد القوّة لقهر العدوّ وإرهابه، حين قال:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ..}الأنفال/60. ولعلّ البعض بفهم أنّ القوّة في السلاح والعدّة. والحقيقة أنّ القوّة تشمل أوّلا وبالذّات، قوّة في البناء الداخليّ للأمّة. قوّة في إرساخ عقيدة الإيمان، وفي غرس قيم البذل والتضحية والفداء، من أجل الحقوق المشروعة، والدفاع عن حياض الدين، وصيانة حرية الأوطان، وكرامة الإنسان. قوّة في العمل الدؤوب لتكوين الفرد المسلم الذي يحسن فهم دينه ويحسن العمل به. والإعداد المطلوب لا يكون في وقت الشدّة، فحسب؛ بل في وقت الرخاء، وفي كل الأوقات. الإعداد عملية طويلة النفس تتعزّز كلّ يوم في كيان البناء الإسلاميّ. فالمعركة بين الحقّ والباطل وبين الخير والشرّ هي معركة طويلة ضارية، لا يكفي فيها الاعتماد على قوة الحقّ وحدها، بل لابدّ من الصبر وطول النفس، والاستمرار في الكفاح، ومصاولة الباطل حتى يهزم بإذن الله. إنّنا اليوم فخورون بالمرابطات والمرابطين في المسجد الأقصى وفي كلّ أرض فلسطين، نُكبر مقاومتهم، ونقدّر صمودهم وتضحياتهم، ونسأل الله تعالى أن يربط على قلوبهم، ويثبّت أقدامهم، وينصرهم على عدّوه وعدوّهم، كما نصر الشعب الجزائريّ المجاهد الّذي استمرّ كفاحه قرنا وثلث قرن، وكُلّل جهاده بالنصر المبين. إذا كانت هناك قضية تعني أمّتنا، في جميع أوطانها، فإنّ أهمّ قضاياها هي قضية فلسطين، التي أصيبت فيها بنكبة الاحتلال الصهيوني لأرضها، منذ ثلاثة وسبعين عاما؛ وفيها ألدّ الأعداء، في هذا الوجود؛ وقد نزل على أرضها نزول الوباء المهلك؛ واتّخذته قوى الاستكبار العالمي مطيّة لمكايدهم ومؤامراتهم، التي تستهدف الإسلام والمسلمين. إنّ نكبة الأمّة في فلسطين تستدعي منّا أن نتعرّف إلى حقّنا، وندرس تفاصيل تاريخنا، وأن نقف على قيمة تراثنا، حتّى لا يتّخذه الأعداء حجّة علينا. لقد كسبت عصابة الاحتلال، أكثر ما كسبت من "المغانم الظالمة"، بحجم الدعاية وتأثير الإعلام؛ فهي تزيّف الحقائق، وتسوّق الأكاذيب؛ ثمّ تروّج باطلها، حتى يبدو في نظر الجاهلين والمستلبين كأنّه الحقّ. وهذا ما يتجلّى في المشروع الصهيوني الآثم. وهكذا هو شأن المنكر؛ فقد تألفه العين، حين تعتاد رؤيته. وقد يأنس به القلب، إذا كثر عليه وروده. وهذا ما يفعله الإعلام المأجور، الّذي يقلب سلّم القيم؛ وينشر الكلمة المضلّلة والصّورة المضلّلة؛ فيكون برواجها المنكر معروفا، والمعروف منكرا؛ والباطل حقّا، والحقّ باطلا. وهكذا تصبح جرائم الاحتلال دفاعا عن النفس، والمقاومة المشروعة إرهابا وعدوانا. أمّا المسلمون، فإنّهم لا يحسنون تقديم قضيتهم العادلة، سواء في داخل أوطانهم، أو للرأي العام العالمي؛ بل إنّهم لا يهتمّون كثيرا بتوضيح حقّهم وبيانه للناس؛ ومن ثمّ، فلا يحسّ به إلاّ صاحب الحقّ، ولا يتحمّس له إلاّ أهل الحقّ. ومن هذا المنطلق، كنّا وما زلنا نرى من أوكد الواجبات وأكثر الأولويات إلحاحًا العمل لبثّ الوعي، وإثارة الإحساس بقضية فلسطين، لتبقى حيّة في ضمير أمّتنا العربيّة والإسلاميّة؛ وهي التي تمرّ بأسوء مراحل تاريخها، وتعيش نكبة الذاكرة، وتواجه شتّى ألوان التحدّيات. وما فتئ الأعداء يتربّصون بها الدوائر؛ يؤجّجون فتنها الداخلية، ويُشغلونها بأزماتها المتلاحقة؛ ويريدون لهذه القضية العادلة أن يزهد فيها المسلمون، ويطويها النّسيان. وقد اشتدّت المأساة، في ظلّ الأوضاع المزرية الّتي تعيشها الأمّة، حين أدَارَ بعض حكّامها ظهورهم لفلسطين. وإذا كان التواطؤ مع العدوّ أمرا قديما، فإنّ الجديد اليوم أنّ من ينخرطون في مسعى التّطبيع مع الكيان الصهيوني أصبحوا يُجاهرون بموالاة الأعداء الغاصبين، والتحالف معهم ضدّ المسلمين. والله تعالى يقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الممتحنة/09. إنّ ما يجب أن يدركه كلّ مسلم أنّ فلسطين، كما أنها أرضٌ لأبنائها العرب الفلسطينيين، هي وقفٌ لجميع المسلمين. ومسؤولية رعاية الأقصى، وحمايته، والذود عنه وتحريره من أيدي الغاصبين تقع على الأمّة جمعاء؛ وفي المقدّمة أولياء أمور المسلمين. إنّ ما يحزّ في النفس، ويبعث على المرارة والأسى، ما نراه من تخاذل جلّ الأنظمة العربية، وتواطؤ بعض الحكّام مع أعداء الإسلام، ومساومتهم على أرض فلسطين؛ وقد بلغت الجرأة إلى حدّ النظر في تقسيم الحرم القدسيّ بين اليهود والمسلمين؛ إذ جرى حديثٌ عن مشروع التقسيم الزماني والمكاني؛ وتلكم لعمري خيانة للأمّة عظيمة، وخسران مبين. إنّ الباعث على مبادرتنا اليوم هو الانشغال بتداعيات "مشروع التطبيع"، وتزايد القلق من آثاره الكارثية في الأمّة العربية والإسلامية؛ وما ينجم من مخاطر عن "الوجود الإسرائيلي" في أوطانها؛ ممّا يشكّل تهديدا لاستقرارها وأمنها ووحدتها الجامعة. وفي اعتقادنا أنّ مسعى التّطبيع مع سلطة الاحتلال لا يعدو أن يكون استسلاما للكيان الصهيوني، ولقوى الشرّ العالمية؛ ويعتبر تفريطا في القدس والأقصى، وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. فالمعاهدات الّتي تعقد مع العدوّ تعني الاعتراف بشرعية "دولة الاحتلال"، وإعطائها الحقّ في أرض فلسطين، وفي المسجد الأقصى والقدس الشريف. إنّها تعني القبول بما سُمّي عبثا وتضليلاً "صفقة القرن"؛ ومن ثمّ التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ وفي طليعتها قضية اللاجئين، وحقّ جميع أبناء فلسطين في العودة إلى ديارهم، في مدنهم وبلداتهم، وإقامة دولتهم المستقلة، بكامل سيادتها، وعاصمتها القدس الشريف. كما أنّ المعاهدات مع الكيان الدخيل تعني التغاضي عن جرائمه النكراء؛ وتمكينه من استكمال مشروعه الاستيطاني، وإحكام حصاره على قطاع غزة، وضمّ ما تبقّى من الأراضي في الضفة الغربية، إلى المناطق المحتلّة الفلسطينية؛ وبسط هيمنته العسكرية والأمنية والاقتصادية؛ وصولا إلى فرض إملاءاته بتغيير المناهج التربوية، وحذف كلّ ما يرونه مسيئا إليهم في نصوصنا الدينية. وبلغ الخطر مداه، بإطلاق شعارات مضلّلة، بعض كلماتها حقّ أريد به باطل، كالتعايش والسّلام، والتسامح والإحسان. وبعضها باطل وضلال، كالدّعوة إلى وحدة الأديان. إنّ هذا الانحراف الخطير هو بعض ما أشرنا إليه، من آثار التطبيع الكارثية، بأبعاده العقدية والثقافية، والأمنية والجيو سياسية. وها نحن نشاهد ونقرأ ما يُنشر من أفكار باطلة، وما يُثار من شبهات عقدية، وضلالات فكرية. وقد شاهد العالم، قبل أسبوعين، بابا الفتيكان، وهو يُشرف على"صلاة مشتركة إبراهيمية"، في إحدى مدن العراق الأثرية. ومن قبل ذلك أعلنت إحدى دول التطبيع، شروعها في تجسيد "المشروع الإبراهيمي"، بإقامة معبد مشترك للديانات الثلاث، سمّته: "البيت الإبراهيمي"، أو "معبد الديانات الإبراهيمية الثلاث"!؟. وهنا يجدر التذكير بأنّنا، نحن المسلمين، نؤمن بجميع كتب الله ورسله، لا نفرّق بين أحد من رسله؛ وقد أكرمنا الله بخير نبيّ أُرسل؛ كما أكرمنا بالقرآن خير كتاب أنزل؛ جاء مصدّقا لما بين يديه من الكتب السماوية، قبل أن تدخل عليها الانحرافات؛ ومهيمنا عليها، ومصحّحا لما أُدخل عليها من أباطيل وضلالات. إنّه كتاب الله للإنسانية كلّها، يهدي للّتي هي أقوم، يهدي البشرية إلى أفضل غاية، وأهدى سبيل. نحن المسلمين نمتلك الحقّ، والحقّ أبقى وأدوم. نمتلك ميزان الحقّ الّذي أنزله الله مع الكتاب، كما جاء في آيات الكتاب: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ..}الحديد/25. إنّه ميزان الحقّ الذي لا يشوبه باطل، وميزان الهدى الذي لا يغشّيه ضلال. إنّ العالم اليوم يشهد انحلال الروابط الإنسانية في مجتمعاته، واختلال الموازين في العلاقات الدولية بين شعوبه. وقد بُذلت جهود ومحاولات، لترميم هذه العلاقات، وتصحيح ما اختلّ من المسارات، لكنها فشلت كلّها، مثلما أخفقت جهود الحوار بين الثقافات والحضارات؛ لأنها تجري في ظلّ ازدواجية المعايير، وسياسة الكيل بمكيالين؛ وهي سياسة تنتهجها دولٌ عظمى تهيمن على العالم؛ وتسيطر على منظّماته الدّولية؛ وتتحكّم في مؤسّساتها الإنسانية والسياسية. نحن نؤمن بالحوار المثمر، بشروطه الموضوعية؛ ونعدّه السّبيل الأمثل لإحقاق الحقّ، وإبطال الباطل. ونعتقد أنّ أيّ حوار بين المسلمين والعالم لن تكون له جدواه، ولن يؤتي ثماره ويبلغ مرماه، إلاّ باعتماد منظومة قيم أخلاقية متوازنة، تكون قاعدة لتعاون صادق بين شعوب العالم، على اختلاف أنظمتها، وتباين مناهجها واختياراتها. وفي تقديرنا أنّ القيم الإنسانية في الإسلام، والتعاليم السّمحة لنظامه المتكامل، تشكّل منهجا قويما، وركيزة أساسية لمنظومة متكاملة، تكون معيارا أخلاقيا، وميزانا ثابتا، يحترمه الجميع، ويلتزم به الجميع؛ فيرجعون إليه، في جميع أوضاعهم؛ ويقيمون عليه علاقاتهم؛ ويُقوّمون، في ضوئه أعمالهم ومعاملاتهم؛ بعيدا عن النزوات والأهواء، واختلاف الأمزجة والنوازع الشخصية، وتعارض المصالح وتصادم المنافع الذاتية..» إنّ مسعانا يندرج ضمن عمل دؤوب نريده منسجما متكاملا، يهدف إلى تفعيل حضور قضية فلسطين في مجالات الحياة: الفكرية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والسياسية؛ وذلك بإعطائها الحيّز المناسب في وسائل الإعلام، وتعزيز حضورها في برامج التعليم، ومناهج التربية، وفي خطب الجمعة والدروس المسجدية، وفي الأنشطة الثقافية والرياضية، والحركة الجمعوية، بما يبقيها حيّة في جماهير الأمّة وذاكرتها الجماعية. وهذا ما نسعى إلى تحقيقه في بلادنا، بإذن الله؛ بما ينسجم مع مواقف الجزائر المبدئية، في دعم القضايا العادلة؛ وأوّلها هذه القضية المعيارية، الّتي نقيس بها انتماءنا إلى الأمّة. وننتظر أن تلقي القضيّة الفلسطينية مزيدا من الأضواء، واقتراح خطط ووسائل، من شأنها أن تساعد أمّتنا على إحباط المؤامرات الّتي تستهدف عقيدتها، والتصدّي للمشاريع التّخريبية الّتي تهدّد كيانها ومقوّمات شخصيتها.